تقرير: غياب استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي يضعف تموقع المغرب رقمياً

كشف تقرير برلماني حديث أن تراجع ترتيب المغرب في المؤشرات الدولية المرتبطة بالمجال الرقمي يُعزى بالأساس إلى غياب رؤية واضحة، ولا سيما غياب استراتيجية وطنية مخصصة للذكاء الاصطناعي، التي تُعد من المعايير الأساسية المعتمدة في التصنيفات الدولية.
وأوضح تقرير، مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة حول “الذكاء الاصطناعي: آفاقه وتأثيراته”، أنه رغم المجهودات المبذولة وانفتاح المغرب على هذا المجال، “إلا أن التصنيفات الدولية لا تعكس هذا التقدم”، وذلك بسبب غياب استراتيجية وطنية، ما يجعل المغرب يُصنف كبلد يفتقر إلى رؤية واضحة في مجال الذكاء الاصطناعي.
وفي سياق متصل، سلّط المصدر الضوء على إشكالية غياب قانون خاص ينظم الذكاء الاصطناعي في المغرب، مشيراً إلى أن الإطار القانوني الحالي، رغم احتوائه على عدد من النصوص التي تُعد أرضية أولية لتطوير هذا المجال، لا يزال غير كافٍ ويحتاج إلى تحديث وتطوير، كما يواجه تحديات على مستوى التطبيق العملي.
وشددت الوثيقة ذاتها على أن إعداد هذا الإطار التشريعي يقتضي تحقيق توازن دقيق بين تشجيع الابتكار والإبداع من جهة، وضمان الحماية من المخاطر والاستخدامات السلبية من جهة أخرى، وذلك من خلال إقرار عقوبات مناسبة، إلى جانب إدماج القيم المجتمعية بما يحافظ على خصوصية الدول، باعتبارها أولوية قصوى.
ومن جانب آخر، شدد التقرير على أهمية تأهيل الكفاءات القادرة على مواكبة تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن النقص في عدد المكوّنين المؤهلين “يُعد عائقًا حقيقيًا أمام تحقيق أهداف تكوين هذه الكفاءات”.
وفي هذا الصدد، أكد المصدر ذاته، على ضرورة استقطاب الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج، وتوفير الظروف والإمكانات الملائمة لتمكينهم من الإسهام في هذا الورش الوطني.
ومن زاوية أخرى، حذر التقرير من التهديدات المحتملة التي قد يطرحها استخدام الذكاء الاصطناعي، خاصة فيما يتعلق بصون التراث الثقافي المغربي، إذ أوضح أن هذه التكنولوجيا قد تتحول إلى أداة للاستيلاء على عناصر من الهوية الوطنية وتجريدها من أصالتها.
واستشهد في هذا السياق، “بقدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي في إعادة إنتاج نماذج من الفنون التقليدية، والموسيقى، والتصميم، والمعمار، وفنون الطبخ، بأساليب تحاكي الأصل بدقة لافتة”.
وانطلاقاً من هذا المعطى، دعا تقرير المهمة الاستطلاعية إلى ضرورة سن تشريعات وآليات قانونية لحماية المنتجات الثقافية الأصيلة، وضمان الاعتراف بها كمكونات للهوية الوطنية المغربية، مؤكدا أن هذه الحماية ينبغي أن تشمل الفضاء الرقمي والتفاعلي أيضاً، حيث تنتشر تقنيات الذكاء الاصطناعي بسرعة وتتسع تأثيراتها.
وفي غضون ذلك، حذر التقرير من تأثير الذكاء الاصطناعي على الصناعات الإبداعية، مثل الأدب، السينما، الفنون البصرية، التصميم الغرافيكي، الموسيقى، وألعاب الفيديو، موضحا أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة دعم، بل أصبح شريكا حقيقيا في الإبداع، قادراً على إنتاج محتويات وأعمال فنية بصرية وصوتية بتدخل بشري جزئي أو منعدم في بعض الأحيان.