story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

تقرير: كاميرات المراقبة بالمغرب.. غياب القانون يُنذر بانتهاك الحقوق

ص ص

حذر تقرير حديث، من اتساع استعمال أنظمة المراقبة الحضرية الذكية في المغرب دون وجود إطار قانوني ومؤسساتي متكامل يكفل حماية الحريات الفردية وحقوق الإنسان، مشددًا على الحاجة الملحة إلى مراجعة شاملة للإطار التشريعي الذي ينظم هذا المجال.

وقال التقرير الذي صدر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات، تحت عنوان “كاميرات المراقبة الحضرية بين متطلبات الأمن وحماية حقوق الإنسان” إن توظيف الأدلة الرقمية في السياسات الأمنية لا يجب أن يتم بمعزل عن ضمانات مؤسساتية وقانونية فعالة، في ظل غياب تنسيق بين الفاعلين المعنيين، وضعف في العدالة المجالية لتوزيع هذه الأنظمة.

ودعا المعهد إلى اعتماد “ميثاق حضري ديمقراطي” يكون مكملاً للقانون رقم 08-09 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، ويُعد بتنسيق بين وزارة الداخلية والجماعات الترابية واللجنة الوطنية لمراقبة المعطيات، من أجل تحديد المبادئ المنظمة لجمع البيانات واستخدام كاميرات المراقبة ضمن السياسات الأمنية.

وفي هذا الصدد، أشار التقرير إلى إمكانية الاسترشاد بالنموذج الفرنسي، الذي قام بتعديل تشريعاته لتوسيع نطاق الرقابة القانونية على المعالجة الذكية للبيانات الأمنية، ومنح اللجنة المختصة صلاحيات جديدة، تشمل الرقابة وتقديم إرشادات ملزمة، وحتى فرض عقوبات على الجهات التي تنتهك الضوابط القانونية.

كما أبرز أهمية تعيين “مفتشي حماية البيانات” على مستوى البلديات، وهو إجراء معمول به في فرنسا، يُمكن المواطنين من تقديم شكايات حول استعمال بياناتهم الشخصية، والاطلاع على معطيات تخص أنظمة المراقبة الذكية.

وبالرغم من دخول القانون 08-09 حيز التنفيذ سنة 2009، أشار التقرير إلى أن مقتضياته لم تواكب التطورات التكنولوجية ولا الضمانات الدستورية التي جاء بها دستور 2011، خاصة ما يتعلق بحماية الحياة الخاصة ومنع انتهاك الخصوصية، كما هو منصوص عليه في الفصل 24.

واعتبر أن القانون لا يضع حدودًا واضحة للسلطات الأمنية، بل يستثنيها صراحة من رقابة اللجنة الوطنية، ما يفتح الباب لممارسات قد تمس بالحقوق الأساسية للأفراد، دون رقابة فعالة.

وحذر من مخاطر إساءة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل الأمني، مستشهدًا بتجارب دولية، ففي الولايات المتحدة، أشار تقرير رسمي إلى أن برمجيات ذكية استندت إلى قواعد عنصرية أدت إلى تصنيف أشخاص من ذوي البشرة السمراء كمجرمين محتملين، في حين اعتُبر البيض “صالحين بطبيعتهم”.

وفي أوروبا، وثقت منظمات حقوقية ممارسات أمنية تمييزية، مثل ما حدث في مدينة مرسيليا الفرنسية سنة 2023، حيث أسفر تدخل أمني مبني على تقنيات مراقبة ذكية عن مقتل الشاب نائل المرزوكي، بسبب الاستعمال المفرط للقوة، على خلفية استهداف المواطنين من أصول مغاربية، مسجلا حالات تعقب إلكتروني للقاصرين من أسر فقيرة في هولندا.

وفي مقارنة دولية، وصف التقرير النموذج الصيني بأنه أكثر تطرفًا، مشيرًا إلى نظام “الرصيد الاجتماعي” الذي يربط بين كاميرات المراقبة والأنظمة المعلوماتية لإنتاج تقييمات رقمية لسلوك الأفراد، تُستخدم لاحقًا لتقييد حرياتهم، من خلال منعهم من ولوج المواصلات أو الحصول على قروض أو وظائف، في حالة تقييمهم بشكل سلبي.

في ختام التقرير، شدد المعهد المغربي لتحليل السياسات على ضرورة، مراجعة القانون 08-09 ليتماشى مع دستور 2011، وإدماج اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية في مراقبة أنظمة المراقبة الأمنية، وسن ميثاق حضري ديمقراطي يؤطر استخدام التقنيات الذكية، تبني تجربة الدول التي توازن بين الأمن واحترام الحقوق، وعلى رأسها فرنسا.