تقرير: الاستدامة المالية والاعتماد على التمويل الخارجي أبرز تحديات منظمات المجتمع المدني

أظهر تقرير حديث للمعهد المغربي لتحليل السياسات حول “القدرات المؤسساتية لمنظمات المجتمع المدني البيئية في المغرب”، أن الاستدامة المالية تعد أحد التحديات الرئيسية التي تواجه منظمات المجتمع المدني البيئية في المغرب.
وربط التقرير هذا التحدي باعتماد معظم المنظمات على تمويل قصير الأجل وقائم على طبيعة المشاريع، والذي يأتي في غالب الأحيان من مانحين دوليين، “ما يجعلها عرضة لتقلبات توفر التمويل، ويحد بشدة من قدرتها على تخطيط وتنفيذ مبادرات طويلة الأجل”.
وأظهر الاستبيان الذي استندت إليه معطيات التقرير، ووُزع على 37 جمعية بيئية في مناطق مختلفة في المغرب، أن أكثر من 70% من منظمات المجتمع المدني البيئية تفتقر إلى التخطيط المالي المنظم أو استراتيجيات فعالة لجمع التبرعات، مبرزا أنها تعتمد بشكل كبير على تمويل خارجي غير منتظم أو على التمويل الذاتي.
وتشير نتائج الاستبيان كذلك إلى “محدودية قدرات الإدارة المالية لدى منظمات المجتمع المدني البيئية”، فقد أفادت حوالي 10% فقط من هذه المنظمات بوجود قسم مخصص للشؤون المالية أو المحاسبة، بينما 15% فقط تركز بشكل صريح على جمع التبرعات أو التمويل.
إضافة إلى ذلك، وصفت أكثر من 50% من هذه المنظمات جهودها في جمع التبرعات بأنها منخفضة الفعالية، “مما يسلّط الضوء على إشكالية هيكلية حرجة، حيث اعتبرت %35 منها أن التمويل يُشكل التحدي المؤسساتي الرئيسي الذي تواجهه”.
كما تظهر منظمات المجتمع المدني البيئية اعتماداً ملحوظاً على التبرعات المباشرة، إذ أبرزت دراسة المندوبية السامية للتخطيط لعام 2019 أن التبرعات المباشرة تشكل ما يقرب من 44.5% من إيرادات منظمات المجتمع المدني البيئية.
وإلى جانب ذلك، أفاد التقرير أن حوالي 62.1% من هذه الجمعيات تعمل دون مقرات فعلية مخصصة، “مما يحد بشكل كبير من قدراتها التشغيلية وحضورها الفعلي”.
وأضاف أن “محدودية القدرات في مجال الإدارة المالية تعد أيضا من التحديات الأساسية، لاسيما لدى منظمات المجتمع المدني الصغيرة والمتوسطة الحجم، إذ يؤثر سلباً غياب نظام المحاسبة المهني وهياكل إعداد التقارير الشفافة على ثقة المانحين وقدرتها على جذب التمويلات المهمة”.
وقد كشفت المقابلات أن القيود المالية كثيرا ما تدفع هذه المنظمات إلى تمويل أنشطتها ذاتيًا، بسبب عدم قدرتها على توظيف مختصين في جمع التبرعات، مبرزا أن هذه الوضعية تؤدي في كثير من الأحيان إلى توترات داخلية، انخفاض الدافعية لدى الموظفين، ومحدودية الفعالية التنظيمية في مجال الترافع.
في المقابل، أشارت المعطيات إلى عدم الاستعداد أو الرفض القاطع من قبل السلطات المحلية لتمويل مشاريع منظمات المجتمع المدني، إذ تحصل 2.7% فقط على دعم مالي من المؤسسات الحكومية، في حين تعتمد 56.8% منها على التمويل الذاتي، و27% على مصادر تمويل خارجية، وحوالي 8.1% تمول عملياتها من خلال التبرعات.
كما أظهر الأرقام أن 19% فقط من منظمات المجتمع المدني البيئية توظف ما بين 11 و 20 موظفا، إذ تظل معظم المنظمات صغيرة الحجم، معتمدة بشكل أساسي على المتطوعين أو الموظفين بعقود قصيرة الأجل، “ما يعيق توسيع نطاق أنشطة منظمات المجتمع المدني البيئية، والمشاركة بفعالية في الترافع على المستوى الوطني”.
وفي غضون ذلك، دعا التقرير إلى توفير تمويل متنوع ومستدام يمكن للمنظمات غير الحكومية البحث عن أنواع مبتكرة من التمويل، مثل التمويل الجماعي، والإقراض المباشر بين الأفراد، ورسوم العضوية الإلزامية، بالإضافة إلى توسيع قاعدة الشراكات مع منظمات تملك إمكانيات مالية قادرة على تعزيز نطاق وتأثير الأنشطة.
وأضاف أنه يمكن أيضاً تعزيز التمويل المستدام من خلال توسيع نطاق التدريب على تقنيات جمع التبرعات لفائدة جميع منظمات المجتمع المدني التي تسعى لذلك. ويمكن تحقيق ذلك من خلال إقامة شراكات مع معاهد متخصصة أو من خلال دورات عبر الإنترنت حول استراتيجيات تقديم العطاءات.