تغييرات مرتقبة في نظام تأهل كأس العالم للأندية 2029

يعتزم الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” إدخال تعديلات جوهرية على بطولة كأس العالم للأندية لكرة القدم، انطلاقاً من تقييمه الأولي لتجربة هذه السنة بصيغتها الموسعة، التي ضمت لأول مرة 32 فريقاً، والتي حققت نجاحاً جماهيرياً وتنظيمياً بالولايات المتحدة الأمريكية، في ظل غياب أندية كبرى وازدحام غير مسبوق في الروزنامة الكروية.
ووفق ما كشفته صحيفة “آس” الإسبانية، فإن النسخة المقبلة من البطولة المقررة في 2029 قد تشهد تغييرات كبيرة على مستوى نظام التأهل، إلى جانب معركة محتدمة حول هوية البلد المستضيف، وسط تزايد تأثير الظروف المناخية والضغوط المؤسساتية.
فيفا يراجع نظام التأهل
ومن أبرز الانتقادات التي واجهها النظام الحالي، حسب” آس”، هو استبعاده لفرق ذات قاعدة جماهيرية ضخمة وتاريخ قاري عريق، كبرشلونة وليفربول ومانشستر يونايتد وميلان، مقابل مشاركة أندية محدودة التأثير مثل ريد بول سالزبورغ، بسبب اعتماد فيفا على نتائج الفرق خلال السنوات الأربع الماضية في المنافسات القارية.
وذكرت الصحيفة أن فيفا يدرس إدراج آلية “الملحق التأهيلي”، أو ما يشبه الأدوار التمهيدية بين أندية لم تحجز مقعداً مباشراً لكنها تُعد من القوى الكبرى، على غرار ما حصل هذا العام بين لوس أنجليس أف سي وأميركا المكسيكي، وذلك بغية ضمان حضور أسماء ترفع من القيمة الرياضية والتجارية للبطولة.
كما لا يُستبعد أيضاً تعديل سقف عدد الأندية المسموح بها من كل اتحاد قاري أو من نفس الدولة، وهو ما تسبب سابقاً في حرمان برشلونة بسبب تواجد أكثر من فريق إسباني متأهل، في حين تم تمثيل دول أقل بقوة تنافسية محدودة.
وعلى صعيد البلد المنظم، فبينما أبدت كل من الولايات المتحدة والبرازيل وإسبانيا والمغرب رغبتها في احتضان النسخة المقبلة، فإن قطر، حسب الصحيفة الإسبانية، تُعد المرشح الأوفر حظاً في الوقت الحالي، بفضل جاهزيتها اللوجستية العالية، وبنيتها التحتية التي أثبتت نجاعتها في تنظيم كأس العالم 2022.
وتنقل الصحيفة أن ميول فيفا نحو قطر مدعوم أيضًا بالتأثير المتزايد للقطري ناصر الخليفي، رئيس رابطة الأندية الأوروبية، في دوائر القرار داخل الاتحاد الدولي.
لكن تنظيم البطولة في قطر يعني بالضرورة إقامتها شتاءً، كما حدث في مونديال المنتخبات، لتفادي درجات الحرارة المرتفعة في الصيف.
وهو خيار لا يخلو من تعقيدات، إذ يتطلب إعادة ترتيب تقاويم المسابقات الكبرى مرة أخرى، في وقت تُبدي فيه بعض الدوريات الأوروبية الكبرى معارضة شديدة لتعديلات الروزنامة.
وطرح رئيس فيفا جياني إنفانتينو بدوره فكرة استخدام “ملاعب مغطاة” كحل لمشكلة الطقس، سواء في قطر أو في أي بلد آخر، لا سيما أن صيف 2029 قد يصادف درجات حرارة قصوى في أغلب الدول المهتمة بالتنظيم.
نجاح مالي وتلفزيوني
ومن منظور الفيفا، خرجت نسخة 2025 بنتائج مشجعة، حيث تجاوز متوسط الحضور الجماهيري عتبة 40 ألف متفرج في المباراة الواحدة، وحققت البطولة إيرادات قاربت 1.78 مليار دولار، بمعدل 26 مليون دولار لكل لقاء، إلى جانب نسب مشاهدة مرتفعة عبر البث التلفزيوني العالمي.
وغذى هذا النجاح داخل دوائر الأندية الكبرى رغبة في جعل البطولة حدثًا كل عامين بدلًا من كل أربع سنوات، وهو اقتراح لا ترفضه فيفا، لكنها تُبقيه في مرحلة الدراسة، في انتظار تقييم مدى قابلية الروزنامة الدولية لاستيعابه.
ويبقى التحدي الأكبر للفيفا هو إيجاد توازن دقيق بين مصالح الأندية، واتحادات الكرة، وروابط الدوريات، ونقابات اللاعبين، فالاعتراضات تتصاعد بشأن الإجهاد البدني وغياب فترات الراحة، ما يطرح تساؤلات حول استدامة هذه الصيغة من كأس العالم للأندية.
ورغم أن “النسخة التجريبية” أثبتت جدارتها من حيث التنظيم والإقبال، إلا أن نجاح البطولة على المدى الطويل، حسب الصحيفة، مشروط بإصلاحات بنيوية شاملة، تضمن عدالة أكبر في نظام التأهل، وجدولة منصفة للموسم الكروي، وتوزيعًا عادلاً للعوائد بين الفاعلين الرئيسيين في اللعبة.