story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رأي |

تأزم الوضع الاجتماعي ومحدودية مخرجات الحوار الاجتماعي

ص ص

صدر عن رئيس الحكومة ليلة فاتح ماي 2025 ، العيد الأممي للعمال ، في سابقة تاريخية ،ما فهم منه انه تهافتا حكوميا بينه وبين وزيره في التشغيل، بلاغا يروج لارقام ومؤشرات احصائية ترويجية، لا أثر لها في الواقع الاجتماعي، في حين شهد المغرب خلال فترة حكومته (منذ 2021) تدهورًا واضحًا في المؤشرات الاجتماعية، وعلى رأسها ارتفاع معدلات البطالة، تفاقم الفقر، وتراجع ثقة الأسر في المستقبل الاقتصادي، إغلاق كتلة مهمة من المقاولات الصغرى والمتوسطة، تعثر ورش الحملية الإجتماعية وبروز مشكل تمويله ، تدمير القدرة الشرائية ، ضياع السيادة الغذائية ، نزيف فقدان مناصب الشغل ، تدهور واقع الحريات النقابية وغيرها من القضايا الاجتماعية….إلخ.

والأخطر أن هذه المؤشرات تأتي في سياق ظرفية اقتصادية معقدة عالميًا، في مقابل محدودية نجاعة السياسات العمومية الحكومية في معالجة الاختلالات البنيوية.

لقد كان الرهان على مخرجات الحوار الاجتماعي لاعادة التوازن في المشهد الاجتماعي، ورغم انخراط الحكومة وبعض المركزيات في جولات متعددة من الحوار الاجتماعي . إلا أن مخرجات هذا الحوار ظلت محدودة الأثر في الواقع المعيشي اليومي للمواطنين.

وعند تقييم هذه المخرجات، تبرز عدة إشكاليات منه:

  1. بروز اشكالية التمويل وتعليق تنفيذ الالتزامات الموقعة ، وتعثر الوفاء بالجدولة الزمنية لجوالات الحوار الاجتماعي، حيث تأخر تنفيذ بعض الالتزامات، أو غموض آليات التمويل، أدى إلى تآكل الثقة بين الفاعلين الاجتماعيين والحكومة . وهو ماأدى الى عودة الاحتجاجات والاحتقان إلى الشارع الاجتماعي من طرف الكثير من الفئات .
  2. اعتماد الانتقائية في الاستفادة من مخرجات الحوار الاجتماعي ، وبرز أن فئة محدودة من الموظفين كانت المستفيد الأكبر من مخرجات الحوار، وهذا في التعليم مثلا ، بينما ظل القطاع غير المهيكل المهيمن على الاقتصاد المغربي ، الذي يمثل أكثر من 60% من القوة العاملة هي خارج نطاق الاهتمام الفعلي.
  3. تنصل الحكومة الحالية من الاستمرار في تثمين الاجراءات الاجتماعية السابقة من قبيل اخراج اخراج 8 ملايين مغربي معوز من خدمة التغطية الصحية (راميد سابقا ) ، مما نتج عنه ضعف الآثار على الفقر والهشاشة ، رغم الادعاء بإصلاحات الحماية الاجتماعية، إلا أن 3.2 مليون مغربي انزلقوا إلى الفقر بعد الجائحة، ما يعكس محدودية الأثر الواقعي للبرامج المعتمدة ومخرجات الحوار الاجتماعي .

هذا الأخير في عهد أخنوش اتخذ طابعًا تقنيًا تفاوضيًا أكثر من كونه خيارًا استراتيجيًا لإعادة توزيع الثروة وبناء عدالة اجتماعية. فغياب الربط بين المفاوضات الاجتماعية ومقاربة التنمية المستدامة أدى إلى انفصال نسبي بين ما يُتفاوض حوله وما يعيشه المواطن يوميًا من معاناة ، كذلك ضعف تمثيلية اطراف الحوار الاجتماعي من خلال نهج الحكومة لحوار غير متعدد الاطراف، مما يجعل من الحوار أداة نُخبوية لا تعكس التعدد المجتمعي ولا ركزت أولويات الفئات الهشة. مما الوضع الاجتماعي بالمغرب خلال حكومة أخنوش يكشف عن فجوة واضحة بين الخطاب والسياسات، الاجتماعية المعتمدة وبين الالتزامات والنتائج والأثر . وهو ما يفرض الحاجة إلى إعادة توجيه الحوار نحو مقاربة اجتماعية أكثر شمولية، تستند إلى العدالة الاجتماعية، وتضمن الأثر الحقيقي على معيش المواطنين، لا سيما في ظرفية اقتصادية واجتماعية دقيقة . ويمكن رصد مؤشرات الوضع الاجتماعي على مستويات عدة تم تضمينها في تقارير مؤسسات وطنية ودستورية نذكر منها ما يلي:

  1. على مستوى البطالة وسوق الشغل
    شهدت معدلات البطالة في المغرب ارتفاعًا ملحوظًا خلال فترة حكومة أخنوش. ففي عام 2024، بلغ عدد العاطلين عن العمل 1.638.000 شخص، بزيادة قدرها 58.000 مقارنة بالعام السابق، مما رفع معدل البطالة الوطني من 13% إلى 13.3%. تأثرت الفئات الهشة بشكل أكبر، حيث ارتفعت بطالة النساء من 18.3% إلى 19.4%، ووصلت بطالة الشباب (15–24 سنة) إلى 36.7%. كما سجلت البطالة في الوسط الحضري زيادة بـ42.000 شخص، وفي الوسط القروي بـ15.000 شخص.
  2. على مستوى الفقر والهشاشة الاجتماعية
    أفاد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بأن حوالي 3.2 مليون مغربي انحدروا إلى الفقر أو الهشاشة بعد جائحة كورونا، مما رفع معدل الفقر من 1.7% قبل الجائحة إلى 4.9%. وأشار التقرير إلى أن البرامج الاجتماعية الحالية لم تكن كافية للتصدي لهذه الظاهرة بسبب طبيعتها المجزأة ومعايير الاستهداف المعتمدة. كما سجلت المندوبية السامية للتخطيط أن 71.8% من الأسر المغربية لديها دخل سنوي أقل من المتوسط الوطني، مع تفاوت واضح بين الوسطين الحضري (65.9%) والقروي (85.4%).
  3. تراجع ثقة الأسر واندحار الوضع المعيشي.
    تدهورت ثقة الأسر المغربية في الوضع الاقتصادي بشكل كبير. ففي الفصل الرابع من سنة 2023، بلغ مؤشر ثقة الأسر 44.3 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ بدء البحث في 2008. صرحت 87% من الأسر بتدهور مستوى المعيشة خلال الـ12 شهرًا السابقة، وتوقعت 82.7% منها ارتفاعًا في مستوى البطالة خلال السنة المقبلة.
  4. التغطية الصحية والحماية الاجتماعية
    أشارت المندوبية السامية للتخطيط إلى أن 70% من المغاربة يتوفرون على تغطية صحية، بينما 30% محرومون منها. كما أن 29.3% فقط من السكان النشيطين المشتغلين يستفيدون من التغطية الصحية المرتبطة بالشغل.
  5. السياسات الاجتماعية وتأثيرها
    أظهرت السياسات الاجتماعية تأثيرًا ملحوظًا على تقليص الفقر، حيث حقق الفقراء تحسنًا سنويًا متوسطه 1.1% بين 2014 و2022. ومع ذلك، زادت هذه السياسات من هشاشة الفئات الاجتماعية غير المستهدفة، مما يستدعي إعادة تقييم مستوى معيشة الأسر.

وختاما:

أظهرت البيانات أن الوضع الاجتماعي في المغرب خلال فترة حكومة أخنوش شهد تحديات كبيرة، مع ارتفاع معدلات البطالة والفقر وتدهور ثقة الأسر في الوضع الاقتصادي. ورغم الجهود المبذولة في السياسات الاجتماعية، إلا أن تأثيرها كان محدودًا، مما يستدعي مراجعة شاملة للسياسات الاجتماعية والاقتصادية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة.