story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

بين الحياد والتحول.. هل يتغير الموقف الروسي من الصحراء قبل قرار مجلس الأمن؟

ص ص

على بُعد أيام قليلة من اختتام مجلس الأمن لأشغاله المتعلقة بالنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية في 30 أكتوبر 2025، وباعتماد القرار الجديد الخاص ببعثة المينورسو، برزت تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي عبّر عن استعداد موسكو للترحيب بمقترح الحكم الذاتي المغربي واعتباره أحد أشكال تقرير المصير، شريطة أن يتم ذلك تحت إشراف الأمم المتحدة وبموافقة جميع الأطراف.

وأثار هذا الموقف الجديد تساؤلات حول إمكانية تحوّل موقف روسيا في هذا الملف، الذي لطالما حافظت فيه على موقف متحفظ، وتأثير ذلك على مخرجات الدورة المقبلة لمجلس الأمن.

وفي قراءة لهذا التطور، أكدت مليكة الزخنيني، أستاذة القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، أنها لا تتوقع أن يتغير موقف روسيا تجاه قضية الصحراء خلال هذه الدورة في مجلس الأمن، وأن موسكو ستظل في المنطقة الرمادية في هذا الملف.

وترى الزخنيني في حديثها لـ”صوت المغرب”، أن “التعاطي الدولي مع القضية الوطنية عرف دينامية جديدة خلال السنوات الأخيرة، بعد أن ظل مجمدا لسنوات طويلة لا يتحرك إلا مع اقتراب موعد قرار مجلس الأمن في أكتوبر من كل عام”.

وربطت الزخنيني هذه الدينامية بالتحول الكبير الذي تعرفه موازين القوى على المستوى الدولي، مع انبثاق نظام عالمي جديد يسعى لتصفية تركة النظام السابق من الملفات العالقة، ومن بينها قضية الصحراء المغربية.

وأوضحت المتحدثة أن “النظام الدولي السابق، الذي كان قائما على الثنائية القطبية، تمكن في أنفاسه الأخيرة من إيقاف النزاع المسلح في الصحراء، وأرسى بعثة المينورسو كآلية لضمان وقف إطلاق النار واستقرار الوضع، غير أن هذا الترتيب جعل الملف يظل جامدا إلى حدود بداية العقد الثالث من هذا القرن، حيث ظهرت مؤشرات على توجه أمريكي منفرد للتأثير في الملفات الدولية الكبرى”.

وتضيف أن “هذا التوجه الأمريكي الجديد قابله إصرار روسي على الحفاظ على موطئ قدم في القضايا الدولية الكبرى، خصوصا في ظل انشغالها بحرب تراها حرب استنزاف طويلة الأمد، إذ تعتبر روسيا، من هذا المنطلق، أن توازن خسائرها الميدانية يمر عبر إعادة فرض حضورها الدبلوماسي، عبر التمسك بالأمم المتحدة كإطار رئيسي لتسوية النزاعات والدعوة إلى إصلاحها”.

وترى الزخنيني أن روسيا تحافظ على موقفها داخل الأمم المتحدة بينما تتجاوز الولايات المتحدة هذه المنظمة في بعض الملفات، ما يجعل موسكو تحرص على إبراز استقلالية موقفها، مضيفة أنه بما أن “روسيا ترأس مجلس الأمن في هذه الفترة، فمن غير المتوقع أن تغير موقفها بشأن قضية الصحراء”.

وتشير إلى أن أي تفاصيل جديدة في الموقف الروسي ستكون رهينة بقوة الدفع الأمريكية، خاصة إذا حاولت واشنطن فتح فجوة دبلوماسية جديدة تمهد للانتقال من الموقف السياسي إلى الموقف القانوني بشأن ملف الصحراء المغربية، مشيرة إلى أن طبيعة هذا التفاعل ستحدد مدى انفتاح مجلس الأمن على مخرجات مختلفة عن الدورات السابقة.

كما لفتت الزخنيني إلى أن استمرار الحرب الروسية الأوكرانية دون أفق للحل سيُبقي الموقف الروسي في المنطقة الرمادية، ولذلك، لا تتوقع أن يصدر عن مجلس الأمن في هذه الدورة قرار مختلف جوهريا عما صدر في الدورات السابقة، “وإن كان من المنتظر أن يتضمن بعض الإشارات الدبلوماسية التي توحي ببوادر تحول تدريجي في الموقف الدولي”.

من جانبه، قال المحلل السياسي محمد شقير، إنه يمكن توقع أن قرار مجلس الأمن بشأن ملف الصحراء المقبل سيكون “مغايرا وحاسما” بشأن هذا النزاع سواء فيما يتعلق بتقليص مهام المينورسو حتى تتلاءم مع مبادرة الحكم الذاتي أو بالتأكيد على مقترح الحكم الذاتي كحل وحيد لهذا النزاع.

وما يمنح قوة لهذا الطرح، وفق المتحدث، هو أن ثلاثة أعضاء دائمين بمجلس الأمن وهم أمريكا وفرنسا وبريطانيا قد سبق أن أيدوا هذا المقترح.

وأضاف أنه من الممكن أن تنضم إليهم الصين وروسيا، خاصة أن موسكو، وهي تدرك محدودية مكاسبها من التحالف مع الجزائر، قد تجد في التقارب مع الرباط “خيارا عمليا” ينسجم مع مصالحها الاقتصادية والسياسية في إفريقيا.

وأشار شقير أن تصريحات لافروف الأخيرة جاءت في سياق اللقاء الذي جمعه بوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، وفي ظل تبنّي المغرب لموقف مستقل عن مواقف الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن هذا الموقف المستقل تجلّى خصوصا في تعامل المغرب مع تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

وأضاف شقير أن امتناع المغرب مؤخرا عن التصويت في المجلس الدولي لحقوق الإنسان، رغم الضغط الغربي، عزز صورة الرباط كفاعل دبلوماسي متوازن يسعى للحفاظ على علاقاته مع جميع القوى الكبرى، وهو ما ساهم في تليين الموقف الروسي تجاه مقترح الحكم الذاتي المغربي.

كما أكد أن لافروف، حين تحدث عن إمكانية تغيير الموقف الروسي في حال توافق الأطراف المعنية، كان يدرك تماما أن الولايات المتحدة حسمت موقفها لصالح مغربية الصحراء، وأنها الجهة التي تمتلك القلم في صياغة قرارات مجلس الأمن.