بين الأخلاقيات والقانون.. ضيوف “من الرباط” يسائلون مشروعية نشر المهداوي للفيديو المسرب
عبرت الصحافية فاطمة الإفريقي عن تعاطفها مع الصحافي حميد المهداوي وتقديرها لحجم الظلم الذي تعرض له، لكنها في الوقت نفسه تساءلت “عمّا إذا كان هذا الظلم يمنح الحق في نشر الفيديو”، مشددة على أن “ذلك، من الناحية الأخلاقية، غير جائز”.
وأبدت الإفريقي خلال مداخلتها ببرنامج “من الرباط” الذي يبث على صفحات “صوت المغرب”، تخوّفها من الطريقة التي تم بها نشر الفيديو، ووصفتها بـ”العنيفة جدا”، وأكّدت أن “الدفاع عن قضية نبيلة لا يبرّر استخدام وسائل غير نبيلة”، رافضة مبدأ “الغاية تبرّر الوسيلة”.
وأوضحت الإفريقي أنه “في إطار القانون يمكن إيجاد مبررات لنشر الفيديو”، لكنها شددت على أن ذلك يصبح صعباً للغاية من الناحية الأخلاقية، مبرزة أن “الأخلاقيات تفرض حماية الهويات حتى في حالات المجرمين الذين يرتكبون جرائم بشعة، إذ يفرض البعد الإنساني نفسه مهما كان حجم الانتهاكات”.
وأبرزت أن “هؤلاء الأشخاص، حتى لو كانوا مجرمين أو قتلة، يظلون بشرا لهم الحق في حماية كرامتهم، كما أن لهم عائلات وأبناء يجب مراعاتهم وعدم إيذائهم معنويا”، كما اعتبرت أن “قرينة البراءة تبقى قائمة حتى بعد صدور الأحكام”.
من الناحية القانونية، اعتبر المحامي بهيئة الرباط محمد اشماعو، أن ما نشره المهداوي ليس تسريبا، بل “كشف لحقائق فظيعة وممارسات مروّعة”، معتبرا أن “ما ظهر عبارة عن شبكة من الجرائم المقترفة في حق الأخلاق والقانون والمؤسسات الدستورية كما تطال حتى المهن المنظمة بالقانون”.
وأشار اشماعو خلال الحلقة ذاتها، إلى أن “ما عُرض لم يسبق التعامل مع مثله من قبل، بالنظر إلى حجم الخروقات والانتهاكات المتداخلة داخله”، مؤكدا أنه “يتناقض بشكل جذري مع قضاء الأخلاقيات، الذي يتطلب تحصينا أخلاقيا صارما لأنه جهاز يحاسب الصحافيين ويتابعهم ويجب أن يكون مثالا للانضباط”.
وتابع موضحا أن “ما جرى يمثل خرقا قانونيا أولا، من حيث المساطر المعتمدة، حيث كانت الواقعة عبارة عن محاكمة تأديبية لصحافي، وهو ما يستدعي احترام النصوص المنظمة”.
وتابع أنه “عند الرجوع إلى القانون المُحدث للمجلس الوطني للصحافة، وتحديداً المادة 41، تظهر المخالفة بوضوح، إذ تنص على منع المقرر من حضور المداولات”.
وأوضح أيضاً أن “النص يشير بوضوح إلى أن المقرر ينسحب عند تقديم توصيته، غير أن الفيديو أظهر حضوره ومناقشته”، وهو ما يعني، بحسبه، “غياب الشرعية بشكل كلي داخل الجلسة، كما يشكّل ضرباً لقرينة البراءة من أساسها”.
وأضاف المحامي أن “غياب الشرعية لا يقتصر على الجانب المسطري، بل شمل أيضاً طبيعة الخطاب المتداول داخل الجلسة”، ملفتا إلى “ظهور عبارات لا يمكن أن تُستعمل حتى في لقاءات عادية، فما بالك بجلسة يفترض أن تكون مؤسساتية”.
كما شدد اشماعو على أن “هذه الواقعة تُناقش قانونيا لأنها ترتب عليها تعليق مسيء لأحد المحامين وتضمنت تمييزا يعاقب عليه القانون”، مضيفا أن “ما ظهر هو حقائق مصورة لا يمكن تجاهلها، كما أن ما حدث يشكل قتلا مهنيا للصحفي المهداوي”.