بينها منظمات مغربية.. أكثر من 100 هيئة حقوقية تدعم غوتيريش لتحديث الأمم المتحدة

أعلنت أكثر من مائة منظمة حقوقية ومدنية حول العالم دعمها لمبادرة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بهدف تحديث هياكل المنظمة الأممية وجعلها أكثر فاعلية في مواجهة تحديات القرن الحالي.
وأشاد البيان، الذي شاركت في توقيعه 15 منظمة مغربية، بتحذيرات غوتيريش من “هجمات غير مسبوقة” على مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، واستمرار الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي وحقوق الإنسان، بما في ذلك استهداف المدنيين، واستخدام الغذاء والماء كسلاح، وتآكل الحقوق الأساسية.
وفي هذا الصدد، قال عبد الإله بن عبد السلام، منسق ائتلاف هيئات حقوق الإنسان بالمغرب، إحدى المنظمات الموقعة، إن الأمم المتحدة تمرّ من وضع حرج في ظل الحرب الهمجية الإسرائيلية الجارية على غزة، والتي تشهد انتهاكًا صارخًا لعدد من المواثيق الدولية.
وأوضح بن عبد السلام، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن الحركة الحقوقية ثمّنت البيان الصادر عن الأمانة العامة للأمم المتحدة، مشيراً إلى أن عددًا من مسؤولي المنظمة، بينهم من قدّم استقالته، تعرّضوا لضغوط وتهديدات وصلت حتى المحكمة الجنائية الدولية.
وأضاف المتحدث أن ما سماه “الغرب الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة” كشف عن كونه قوى استعمارية لا علاقة لها بحقوق الإنسان، معتبراً أن الخطاب الحقوقي الغربي بات “خطابًا تزيينيًا” يخلو من أي أساس واقعي.
وشدّد على أن منظومة الأمم المتحدة “بحاجة ماسة إلى مزيد من التطوير والمواءمة” مع حاجات الإنسان في العدالة والحرية والديمقراطية، معبّرًا عن أمله في أن “تقود هذه الإصلاحات إلى منظمة أكثر عدلاً وإنصافًا للشعوب”.
ومن المنظمات المغربية الموقعة على البيان، إلى جانب ائتلاف هيئات حقوق الإنسان، الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وترانسبارانسي المغرب، والجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، إضافة إلى المرصد المغربي للسجون، والشبكة الديمقراطية للتضامن مع الشعوب.
وأكدت المنظمات الموقعة على البيان قيم ومبادئ الميثاق، “الذي ينطق باسم شعوب العالم وينبع من تطلعاتها إلى عالم تتساوى فيه الدول، ويسوده السلام، ولا مكان فيه للوحشية”.
وأشارت الوثيقة إلى أن السعي إلى تحقيق العدالة والمساواة والحرية هو مهمة دائمة، داعياً إلى إدماج وتعزيز حقوق الإنسان في كل قرية ومدينة وبلد، من خلال تعاون جميع الفاعلين الذين يتقاسمون هذه الرؤية، الملتزمين بتعزيز عالم خالٍ من الفساد، والفقر، والجوع، والمرض، والتمييز، والطغيان، والاستغلال، والحرب.
وذكرت أن هذه الآفات “ما زالت منتشرة على نطاق واسع في العالم، مما يعرض البشرية وقيمها المشتركة المتراكمة للخطر، ويضعها أمام اختبار صعب”.
وطلبت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان من غوتيريش والمفوض السامي لحقوق الإنسان إصلاح نظام حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، من خلال إطار عادل وفعّال وسريع الاستجابة وكفؤ، “يخدم مصالح شعوب العالم، ويضمن حقها في تقرير المصير، ويعزز السلام”.
كما دعت إلى إنشاء نظام دولي متعدد الأطراف أكثر تمثيلًا وعدالة وإنصافًا ومرونة ومسؤولية، يكون للأمم المتحدة فيه دور محوري، وتتعاون فيه الدول ذات السيادة للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز الديمقراطية، وحماية حقوق الإنسان والشعوب والحريات الأساسية للجميع.
وطالبت أيضاً بتعديل الصلاحيات التنفيذية التي تعتمد حاليًا على إجماع الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، ولا سيما حق النقض (الفيتو)، وإيجاد آليات ديمقراطية وتشاركية للحد من هيمنة بعض القوى الكبرى التي تستخدم هذا الحق بشكل أحادي لانتهاك حقوق الشعوب والحفاظ على سيطرتها على مواردها.
وطلبت كذلك تعزيز تنفيذ قرارات الجمعية العامة، نظرًا لأنها أكثر تمثيلًا لدول العالم من مجلس الأمن، إلى جانب إرساء آليات مُلزمة لضمان احترام جميع الدول وتنفيذها لقرارات الأمم المتحدة “خاصة تلك التي تؤكد الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، ولا سيما حقه في العودة، وتقرير المصير، وإقامة دولة مستقلة”.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد شدد في 12 مارس 2025، بمناسبة الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة، على أن العالم اليوم يشهد “هجمات غير مسبوقة على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، في وقت تصاعدت فيه التهديدات باستخدام القوة – أو استخدامها الفعلي – ضد الدول ذات السيادة، بالتوازي مع انتهاكات للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، التي تستهدف المدنيين والبنى التحتية المدنية، واستخدام الغذاء والمياه كسلاح، وتآكل حقوق الإنسان”.
كما انتقدت مبادرة غوتيريش التطبيق الانتقائي لميثاق الأمم المتحدة من قبل بعض الأطراف، داعية إلى وضع حد لـ “تطبيع انتهاك مبادئه الأساسية”.
وحثّت المجتمع الدولي على “احترام القانون الدولي وتجديد الالتزام به – قولًا وفعلًا”. كما دعت إلى مزيد من التكيّف مع “عالم رقمي متعدد الأقطاب”، وإلى انفتاح أكبر على المجتمع المدني والشباب، وتحديث أساليب العمل، وإرساء دينامية متعددة الأطراف قوية، متجددة، شاملة ومترابطة، تستجيب لمتطلبات القرن الحادي والعشرين.
وقد أعادت المبادرة التأكيد على ضرورة التزام العالم بالقانون الدولي وبروح ونص ميثاق الأمم المتحدة، من خلال توحيد الجهود من أجل السلام والعدالة والتقدم لشعوب العالم.
وتهدف هذه المبادرة إلى تحديث وإضفاء الطابع الديمقراطي على هياكل الأمم المتحدة وأولوياتها وعملياتها، لضمان بقائها فاعلة ومتوافقة مع الأهداف التي أُنشئت من أجلها.