story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

بودن: النقاش حول الحكم الذاتي يجب أن يلتزم بسقف واضح ويحترم الثوابت السيادية

ص ص

قال محمد بودن، المحاضر في الشؤون الدولية المعاصرة، إن “المفاوضات حول مبادرة الحكم الذاتي في المغرب يجب ألا تتجاوز سقفا معينا حتى تظل منسجمة مع ما يمكن قبوله أمميا”، مشددا في الوقت نفسه على “ضرورة تحديد القضايا غير القابلة للمراجعة، وعلى رأسها السيادة والصلاحيات السيادية للملك”.

وأكد بودن خلال ندوة نظمها الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الاثنين 17 نونبر 2025 بالرباط، أن القرار الأممي الأخير يمثّل “فجرا جديدا” يبزغ في مسار ملف الصحراء، مبرزا أن الوصول إلى هذه المرحلة لم يكن سهلا، “بل جاء ثمرة للدبلوماسية الملكية منذ تقديم المبادرة سنة 2007”.

وأورد المتحدث في هذا الصدد، أن ثلثي دول العالم من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة تدعم مبادرة الحكم الذاتي، إلى جانب مواقف الدول الكبرى التي حسمت القرار، وذلك بالنظر إلى قوة الحجج التي يقدمها المغرب وواقعية مقترحه.

وأوضح خلال الندوة المنظمة تحت عنوان “تطورات ملف الصحراء المغربية بعد قرار مجلس الأمن رقم 2797″، أن “الملف مرّ بثلاث مراحل أساسية وهي مرحلة التدبير، وبعدها مرحلة التعزيز، ثم مرحلة الحسم والترسيخ التي يعيشها المغرب اليوم”.

واعتبر بودن أن “هذه المرحلة تفتح فرصا كبيرة يجب التعامل معها بقيم المرحلة الجديدة، وفي مقدمتها الثقة التي منحها القرار للمغرب، إلى جانب اليقظة والانفتاح الضروريين لمواكبة التحولات الجارية”.

وقال إن “المرحلة الحالية تتميز بوجود إطار عمل واضح ومسار تفاوضي محدد، تقوده مقاربة ملكية أثمرت هذه النتائج”، لافتا إلى أن هذه المقاربة اعتمدت ثلاث قناعات ثابتة، “وهي جعل ملف الصحراء معيارا لصدق العلاقات مع الشركاء، واعتماد رؤية تقوم على الطموح والوضوح، إضافة إلى تبني حل يقوم على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، بما يضمن الحفاظ على ماء وجه الجميع”.

وتابع أن “القرار الأممي يتضمن ثلاث دلالات أساسية، أولها سياسية، باعتبار أن الحكم الذاتي أصبح المرجعية السياسية والمسار الفعلي للحل، وهو تطور غير مسبوق، أما الدلالة الثانية فقانونية، إذ يؤسس القرار لقاعدة جديدة في الشرعية الدولية تؤطر الحل وفق الحكم الذاتي، بينما تعارض هذا النهج يضع الأطراف خارج الإطار القانوني الأممي”.

وزاد قائلا: إن “الدلالة الثالثة، دلالة دبلوماسية، تعكس حجم الدعم الذي حظي به القرار من طرف الولايات المتحدة والدول دائمة العضوية”، مشيرا إلى أن “الصين وروسيا لم تعارضا النص، ما يعكس زخما دوليا واسعا”.

واستطرد الخبير في العلاقت الدولية أن “القرار يعكس أيضا حجم الجهد الدبلوماسي المبذول، خاصة التدخل المباشر للملك عبر اتصالات حاسمة في الأيام الأخيرة قبل اعتماد القرار”، مبرزا أن “هذا الدور ساهم في تعزيز الإجماع الدولي ودفع مسار الاعتراف بمبادرة الحكم الذاتي إلى مستويات أعلى.

وأوضح محمد بودن أن “أهمية القرار تكمن في كونه يمثل تحولًا فارقًا في مسار الملف، إذ تفاعل معه المغرب على أعلى مستوى، مسجّلًا أسرع وأرفع رد رسمي، من خلال الخطاب الملكي الذي جاء حتى قبل أن يُكمل ممثلو الدول مداخلاتهم وتعليقاتهم على القرار”.

وفي غضون ذلك، أشار الأكاديمي والمحلل السياسي إلى أن “القرار جاء على غير عادة القرارات السابقة من حيث الشكل واللغة، حيث تضمّن 15 بندا فقط مقابل 43 في السابق”، واعتمد لغة توجيهية وإرشادية من قبيل “يقرر” و”يوصي” و”يحث” بدل العبارات العاطفية مثل “يعبر عن قلقه”.

وخلص المتحدث إلى أن “القرار أسس لهرمية معيارية جديدة تجعل الحكم الذاتي أساس أي تفاوض مقبل، كما طور مفهوم تقرير المصير بطريقة تستبعد خيار الاستفتاء، ما يعكس وعيا دوليا جديدا في التعاطي مع الملف ويُسقط أطروحات قديمة تبنتها الأطراف الأخرى، وهو ما ظهر في ارتباك ردود فعلها”.