بنعبد الله: الحكومة تدّعي تحقيق إنجازات غير مسبوقة.. لكنها بلا أثر على أرض الواقع

قال نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إن “الأوضاع العامة التي تمر بها البلاد، داخليًا وخارجيًا، تفرض وجود حكومة قوية سياسيًّا وتدبيريًّا، غير أن الحكومة الحالية، وللأسف، تُعدّ من أضعف الحكومات التي عرفتها البلاد منذ عقود، سواء من حيث الأداء والنتائج، أو من حيث الحضور السياسي والتواصلي”.
وأوضح بنعبد الله، خلال تقديمه تقرير المكتب السياسي أمام الدورة السادسة للجنة المركزية الأحد 06 يوليوز 2025، أن “الحكومة لا تكتفي بالضعف، بل تتمادى في الاستعلاء وادعاء إنجازات غير مسبوقة، وتهجُّمها على الأصوات المنتقدة، بما فيها المؤسسات الدستورية والرسمية”، معتبرا أن “تصرفاتها تفضح طبيعتها المنحازة للوبيات المال، رغم محاولاتها التستر وراء شعارات اجتماعية فارغة”.
وفي هذا السياق، انتقد بنعبد الله “الفشل الاقتصادي للحكومة”، مشيرًا إلى أن “اعتمادها على رجال أعمال يفتقرون إلى الكفاءة السياسية والتواصلية كان يُفترض أن يفضي إلى نتائج اقتصادية إيجابية، لكن ما حدث كان العكس تمامًا”، حيث أكد أن “الحكومة لم تلتزم بتنفيذ تعهداتها، كما أنها همّشت عمليًا وثيقة النموذج التنموي التي تضمنت مدخلاً أساسياً لإحداث التحول الاقتصادي المنشود”.
وأشار إلى أن “اختيارات الحكومة في المجال الاقتصادي عمّقت الفوارق، ولم تحقق السيادة الغذائية، بل زادت من التبعية عبر استيراد المواد الأساسية وتهميش الفلاحة التضامنية والعائلية، ما أثر سلباً على الأمن الغذائي”.
كما انتقد “عجز الحكومة عن إدماج القطاع غير المهيكل في الاقتصاد الرسمي، وفشلها في إصلاح المؤسسات العمومية المتعثرة التي تستنزف الميزانية العامة دون مردودية أو شفافية في التدبير”.
أما في المجال الاجتماعي، فأكد بنعبد الله أن “الحكومة لم تترجم شعار الدولة الاجتماعية إلى واقع”، مشيراً إلى أن “الملايين انزلقوا نحو الفقر والهشاشة، بينما تخلت الحكومة عن برامج مهمة كانت تدعم الفئات الهشة”.
وأضاف أن “نظام الدعم المباشر استبعد مئات الآلاف من الأسر بسبب مؤشرات مجحفة، في الوقت الذي لم تقدم فيه الحكومة بديلاً فعلياً يضمن الكرامة أو يُدمج الأسر المستفيدة في عجلة التنمية والإنتاج”.
وانتقد أيضاً “ضعف التغطية الصحية، حيث لا يزال ملايين المواطنين خارج النظام، فيما تتحمّل الأسر 50% من تكاليف العلاج، في ظل هيمنة القطاع الخاص على موارد صناديق الحماية الاجتماعية”.
كما تحدث عن تدهور القدرة الشرائية، موضحاً أن “81% من الأسر المغربية تأثرت سلباً بموجات الغلاء، وأن زيادات الأجور المعلنة لا تغطي التراكمات التضخمية، في ظل غياب رقابة حقيقية على الأسعار والمضاربين”.
وأشار بنعبد الله إلى أن “الحكومة فشلت في تقليص الفوارق المجالية، حيث تتركز الثروة في ثلاث جهات، ويعيش معظم الفقراء في القرى”، داعياً إلى “توزيع عادل للاستثمار العمومي تحضيراً لمونديال 2030، يضمن تنمية شاملة ومتوازنة”.
وفي مجال التعليم، شدد على أن “الحكومة لم تحقق وعدها بتصنيف المغرب ضمن أفضل 60 دولة، وأن تجربة مدارس الريادة تحتاج إلى تقييم دقيق، في ظل استمرار الهدر المدرسي والفوضى داخل التعليم الخصوصي”.
وإلى جانب ذلك، انتقد بنعبد الله الأداء السياسي للحكومة، قائلاً إنها “لا ترى في الديمقراطية سوى أرقام الأغلبية، وتفتقر إلى روح الحوار والانفتاح، ما أدى إلى أزمة ثقة وفراغ سياسي خطير، يضعف النقاش العمومي ويُفرغ المؤسسات من محتواها”.
كما أشار المتحدث إلى أن “الحكومة لم تتخذ أي موقف أو مبادرة لحماية حريات التعبير والرأي والصحافة، بل إن الواقع يُبيّن العكس تماماً، حيث تمادت في التضييق على الإعلام الحر والمستقل، وأظهرت عداءً واضحاً تجاه كل صوت صحفي ناقد”.
وأوضح في هذا السياق أن “الحكومة قامت بدفن المجلس الوطني للصحافة”، الذي يُعتبر الآلية الأساسية لضمان التنظيم الذاتي والديمقراطي للمهنة، مؤكداً أن “هذا السلوك يُعبّر عن غياب الإرادة في تعزيز حرية الصحافة”.
وفضلا عن ذلك، أكد بنعبد الله أن “عطب العمل الحكومي لا يقتصر على الأداء فقط، بل وصل إلى غياب الحكامة الجيدة وإعمال دولة القانون، خاصة في مكافحة الفساد”، حيث ذكر أن “تضارب المصالح وصل حد غير مسبوق، إذ تجرأ رئيس الحكومة على الدفاع عن مشاريعه الخاصة علناً داخل البرلمان”.
كما نبه إلى أن “الحكومة، قبل عام من الانتخابات، تلجأ إلى برامج آخر ساعة، والتي تعتمد أساسا على الزبونية والولاءات الحزبية، متجاهلة الحياد والنزاهة في استعمال المال العام، وهو ما يهدد المسار الديمقراطي والتنمية المستدامة، ويجعل محاربة الفساد ضرورة قصوى وواجباً وطنياً”.