story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

وسط مطالب اجتماعية واقتصادية.. احتجاجات شعبية متصاعدة تسائل وعود حكومة أخنوش

ص ص

تتصاعد الاحتجاجات ضد سياسات الحكومة في قرى ومدن عدة من أقاليم البلاد، مثل أكادير والصويرة وتاونات وبني ملال وأزيلال، وذلك على بعد أقل من سنة على الانتخابات التشريعية القادمة.

ويرفع المتظاهرون مطالب اجتماعية واقتصادية، إذ خرج العديد منهم للتنديد بتردي الوضع الصحي في مناطقهم، ومنهم من خرج احتجاجًا على نقص المياه. كما تنوعت المطالب بين من يطالب بمدرسة، ومن يريد مستشفى، ومن يسعى لإصلاح الطرق، وجميعهم يبحثون عن حياة كريمة.

في المقابل، واجهت السلطات المحلية هذه المظاهرات باستخدام القوة والعنف ضد المتظاهرين في عدد من المدن والقرى، بينها الصويرة وأكادير وتاونات، كما تم منع التظاهر في مناطق أخرى هذا الأسبوع.

مساءلة لحصيلة الحكومة

“هذه الاحتجاجات تسائل الحكومة بعد أربع سنوات”، يقول عمر أربيب، نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. ويضيف أن الاحتجاجات تعكس استياء المواطنين من سياسات الحكومة وفشلها في القطاعات الاجتماعية والاقتصادية.

ويرى أربيب، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن هذا الاحتقان الاجتماعي هو نتيجة مباشرة لاختيارات الحكومة، وقال إن الشعب منحها أربع سنوات “لكنها قضتها في خداع المواطنين”.

من جانبه، يرجع نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، تصاعد الاحتجاجات إلى فشل الحكومة في التدبير. ويقول: “إن الحكومة التي تعتبر أنها قامت بكل شيء، لقد فشلت في الواقع على مستوى كثير من مناحي تدبير الحياة العامة للمواطنين”.

وأضاف بنعبد الله، في حديث مع “صوت المغرب”، قائلا: “لا نفاجأ بأن تتعالى هنا وهناك أصوات منددة بهذه النقائص والاختلالات والسلبيات”.

وشدد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية على ضرورة فتح الحكومة للحوار، وتفادي “أسلوب التعالي والتأكيد باستمرار على أنها أنجزت كل شيء بشكل غير مسبوق”، مشيرًا إلى أن مختلف الاحتجاجات مرتبطة بعدم توفير خدمات عمومية أساسية، على رأسها خدمات صحية في المستشفيات العمومية.

ونبّه إلى أن مطالب المتظاهرين تتعلق أيضًا بالولوج إلى الماء والمدرسة العمومية، وقال إن ذلك يستلزم تغييرًا على مستوى مسار الحكومة، “وأن تعمل بشكل جدي على معالجة هذه الأوضاع والعناية القصوى بالاحتجاجات حتى لا تتسع ولا تتحول إلى حركة اجتماعية قد تكون لها نتائج مضاعفة”.

وبينما عبّر بنعبد الله عن دعم حزبه للمطالب المشروعة التي رفعها المحتجون، دعا الحكومة إلى تغيير منطق التعامل مع هذه الأوضاع بشكل فعلي.

فشل على كل المستويات

يرى نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن الواقع يثبت الفشل الذي تعرفه الحكومة الحالية، مستعرضًا فشلها في قطاعات مثل الصحة والتعليم والتشغيل، “وهي جميعها ركائز وعد رئيس الحكومة عزيز أخنوش بأنها ستشهد طفرة”.

وأوضح عمر أربيب أن الجانب الوحيد الذي نجحت فيه الحكومة هو “إضعاف الحقوق الاجتماعية وتسريع وتيرة الخوصصة في قطاع الصحة”.

وتوقف أربيب عند المشاكل التي يعاني منها قطاع الصحة، مشيرًا إلى “وجود مستشفيات إقليمية بلا أطباء، وأقسام عمليات جراحية مغلقة لغياب مواد التخدير، وخدمات المستعجلات متوقفة لشهور، ومرضى يُجبرون على الانتقال إلى مدن أخرى للعلاج”.

كما لفت إلى أن الحكومة الحالية “لم تبذل المجهود المطلوب لمعالجة الخصاص”، والذي سبق أن صرحت بارتفاعه ليشمل 96 ألف إطار بين أطباء وممرضين وتقنيين ومهندسين، محذرًا من وجود “ضعف واضح في احترام المعايير الدولية في تدبير الموارد البشرية”، فضلًا عن التوجه “نحو تقليص عدد الأسرة في المستشفيات العمومية مقابل زيادتها في القطاع الخاص”.

أما بخصوص الحماية الاجتماعية، فيرى أربيب أن نظام “راميد”، الذي كان نشطًا مع الحكومتين السابقتين، “أفضل وأجود من النظام الحالي (أمو-تضامن)، لولا عدم تفعيله كما يجب”، مشيرًا إلى أن فئات عريضة من المواطنين تم إقصاؤها من التغطية الصحية. وقال: “الدولة تخلّت عن مسؤولياتها حتى في ما يتعلق بالأمراض المزمنة، إذ يُترك المريض لمصيره”.

وأشار إلى أن حوالي 80% من التعويضات عن المرض التي يمنحها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وصندوق “كنوبس” تذهب للقطاع الخاص، في الوقت الذي من المفترض أن يستفيد منها القطاع العام لتقوية خدماته.

ونبّه إلى أن “سوء التدبير والسياسات الموجهة لخدمة القطاع الخاص على حساب العام جعلت المواطن لا يتوفر على خدمات جيدة”.

أما على مستوى قطاع التعليم، فيعتبر أربيب أن مدارس الريادة “مشروع فاشل” رغم ما رُصد له من مليارات الدراهم، مشيرًا إلى أنه بينما ارتبط خارج المغرب بإعادة إدماج الأطفال المنقطعين عن الدراسة، يُنفّذ داخل المدرسة المغربية العمومية “بشكل يفرغها من محتواها، في حين لا يُطبق هذا التوجه على مستوى التعليم الخاص”.

وبخصوص التشغيل، يلفت أربيب إلى أنه بينما وعد رئيس الحكومة بخلق 600 ألف منصب شغل سنويًا، “يبدو أن عدد مناصب الشغل في الواقع يتناقص في المغرب جراء الجفاف، وتسريح العمال، وحالة الركود الاقتصادي”.

أما على المستوى الاقتصادي، فإن “نسبة النمو ضعيفة جدًا مقارنة بما كان عليه الحال في عهد الحكومة السابقة”، حيث وصلت في نونبر 2016 إلى 7%، بينما انخفضت مع الحكومات الحالية إلى 4% أو أقل في بعض التقديرات، “رغم أن نسبة النمو تُعد مؤشرًا رئيسيًا لتوليد فرص الشغل وتحسين الوضع الاقتصادي”، بحسب عمر أربيب.

ويقف أربيب عند أحداث أكادير، وقال إنها “أكبر إهانة للمغرب”، خاصة أن من المؤشرات الأساسية لقياس الحق في الصحة هو “خفض معدل وفيات النساء أثناء الولادة وتقليص وفيات الأطفال دون خمس سنوات”، مشيرًا إلى أن وفاة 8 نساء في أسبوع واحد فقط بمستشفى أكادير “كارثة حقيقية بمعايير منظمة الصحة العالمية”.

وأضاف أنه “كان ينبغي على الحكومة أن تقدم استقالتها، لا أن تكتفي بالمزيد من التسويف والتبريرات الفارغة”.

ويرى المتحدث أن الاحتجاجات في الشارع “ما هي إلا رد طبيعي على سياسات الحكومة وشعاراتها التي لم تُترجم إلى واقع”، مستنكرًا الجواب عليها بالقمع ومنع التظاهر، ومشيرًا إلى أن الحكومة الحالية “لا تتوفر على رؤية ولا على كفاءات، كما لا تحترم حق المواطن في الصحة”.

وشدد على أنه “لو كان المغرب دولة ديمقراطية فعلية يتمتع بانتخابات نزيهة، لكان المواطنون تعاملوا مع هذه الحكومة بالتصويت العقابي”. لكن، يضيف المتحدث: “لا أظن أن الحكومة المقبلة ستكون مختلفة، بل ستضم وجوهًا مشابهة، لأننا نفتقر إلى الاختيار الديمقراطي الحقيقي”.

حكومة تدافع عن حصيلتها

وفي المقابل، يدافع رئيس الحكومة عزيز أخنوش عن حصيلة حكومته، مشيرًا أنها “حققت إنجازات مهمة خلال فترة وجيزة، خصوصًا في مجال الحماية الاجتماعية”. وقال في وقت سابق إن “تعميم التغطية الصحية الإجبارية شمل أكثر من 11 مليون مواطن كانوا في السابق محرومين من هذا الحق”، معتبرًا أن هذا المشروع “تحول تاريخي نحو دولة اجتماعية حقيقية”.

وأضاف أخنوش أن الحكومة “أطلقت برامج لدعم التشغيل، من أبرزها برنامج أوراش الذي وفر عشرات الآلاف من فرص الشغل للشباب، وبرنامج فرصة الذي دعم الآلاف من حاملي المشاريع”، مشددًا على أن هذه المبادرات “تُترجم التزامات الحكومة على أرض الواقع”.

وفي ما يخص قطاع التعليم، شدد رئيس الحكومة على أن “ورش إصلاح المدرسة العمومية انطلق فعليًا عبر مشروع مدارس الريادة”، وقال إن الحكومة “تسعى إلى تحسين جودة التعلمات وتوفير تكافؤ الفرص لأبناء المغاربة”.

كما أشار أخنوش إلى أن “المغرب يمر من ظرفية اقتصادية صعبة بفعل الجفاف والأزمات العالمية، لكن الحكومة عملت على الحفاظ على التوازنات المالية الكبرى، وتوجيه الدعم المباشر للأسر والفئات الهشة لمواجهة تكاليف المعيشة”.