بعد دخوله حيز التنفيذ.. النقابات تجدد رفضها لقانون الإضراب

جددت عدد من النقابات العمالية رفضها الصريح للقانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، وذلك بالموازاة مع دخوله حيز التنفيذ، بعد مرور ستة أشهر على نشره بالجريدة الرسمية عدد 7389، بتاريخ الإثنين 24 مارس 2025 الموافق 23 رمضان 1446، حيث تم تحديد مهلة ستة أشهر حينها، قبل البدء في تنفيذه.
وجاء اعتماد هذا النص التنظيمي بعد المصادقة عليه من طرف البرلمان بغرفتيه في فبراير 2025، قبل إحالته على المحكمة الدستورية التي قضت بمطابقته لأحكام الدستور مع بعض الملاحظات التفسيرية، ليصدر بعد ذلك بظهير ويُنشر رسمياً.
وبالرغم من ذلك، جددت النقابات العمالية رفضها الصريح للقانون، معتبرة أنه لا يستجيب لانتظارات الطبقة العاملة ولا يترجم الحق الدستوري في الإضراب. ورأت الهيئات النقابية أن النص بصيغته الحالية “يكرّس مقاربة أحادية تفرض قيوداً على الحريات النقابية وتضعف الثقة في الحوار الاجتماعي”.
وفي هذا السياق، عبّر عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، يونس فيراشين، عن موقف النقابة الرافض لقانون الإضراب، مؤكداً أن دخول القانون حيز التنفيذ، “يمثل محطة جديدة في مسار الصراع الاجتماعي بالمغرب”.
وقال فيراشين، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، إن النص لم يكن ثمرة حوار اجتماعي حقيقي ولا نتيجة توافق واسع، “بل جاء بصيغة تقييدية تُفرغ حق الإضراب من مضمونه النضالي وتفتح الباب أمام المتابعات والعقوبات والتضييق على العمل النقابي”.
وأضاف المسؤول النقابي أن الكونفدرالية تعتبر هذا التشريع “متعارضاً مع معايير مجموعة العمل الدولية، ولا ينسجم مع تطلعات الطبقة العاملة”، مشيراً إلى أنه يراد به “تكبيل الحركة النقابية وإضعاف قدرتها” في مواجهة الهجوم على الحقوق والمكتسبات.
وأكد المتحدث أن الرد لن يكون إلا عبر مزيد من التعبئة واليقظة والوحدة النضالية، مبرزاً أن النقابة سوف تستثمر كل الآليات الديمقراطية والجماهيرية للدفاع عن حق الإضراب باعتباره أحد أعمدة الحرية النقابية.
وختم فيراشين بالقول إن هذا القانون لن يوقف نضالات النقابيين ولا كفاحهم دفاعاً عن القضايا العادلة والمشروعة.
وفي غضون ذلك، جددت نقابات وتنظيمات عمالية، في وقت سابق، رفضها لقانون الإضراب، معتبرة أنه “يشكل خطوة تراجعية تمس بجوهر الحرية النقابية”.
وأكدت في هذا الصدد، أن تمريره “في غياب توافق اجتماعي واسع” يعكس مقاربة أحادية الجانب ويزيد من هشاشة الثقة في المؤسسات التمثيلية.
وربطت هذه التنظيمات بين “استهداف الحق في الإضراب” وبين النقاش الدائر حول إصلاح أنظمة التقاعد، معتبرة أن الحكومة تتجه نحو تحميل الشغيلة كلفة العجز المالي، وهو ما قد يفاقم حالة الاحتقان الاجتماعي.
ويقر القانون التنظيمي 97.15 بأن الإضراب حق مضمون دستورياً، لكنه يضع شروطاً وإجراءات دقيقة لممارسته. إذ حدد النص الجهات المخوّل لها الدعوة إلى الإضراب، سواء وطنياً من طرف النقابات الأكثر تمثيلية، أو على مستوى المؤسسات الخاصة عبر النقابة المعنية أو “لجنة الإضراب” المنتخبة.
كما نص على آجال زمنية ملزمة قبل الشروع في الإضراب تختلف بحسب طبيعة النزاع: ففي الملفات المطلبية الوطنية يشترط مرور 45 يوماً قابلة للتمديد، بينما حدد الأجل في المؤسسات الخاصة بـ15 يوماً قابلة للتمديد مرة واحدة. أما في القضايا الخلافية، فيشترط 30 يوماً على المستوى الوطني و7 أيام داخل المؤسسة.
ويُلزم القانون الجهة الداعية إلى الإضراب بتبليغ قرارها مسبقاً، مع تحديد أسبابه ومدته والقطاعات المعنية، فضلا عن مراعاة استمرار الحد الأدنى من الخدمات في المرافق الحيوية. كما يتضمن مقتضيات تمنع استبدال العمال المضربين أو نقل معدات الإنتاج للتحايل على الإضراب.
وفي الجانب الزجري، رتب القانون جزاءات في مواجهة عرقلة الحق في الإضراب أو خرق مساطره، غير أنه نص أيضاً على أن مشاركة العامل في إضراب مشروع لا تصلح سبباً للعقوبات التأديبية أو الفصل عن العمل.
وبينما تؤكد الحكومة أن النص “جاء لسد فراغ قانوني دام سنوات ويهدف إلى تنظيم ممارسة حق دستوري وضمان توازن العلاقات الشغلية”، ترى النقابات أن هذه الصيغة “تُضيق على الحريات وتنتقص من قوة العمل النقابي”.
*سناء الأحبابي – صحافية متدربة