بعد إدانته حديثاً.. إدريسي أمام الفرقة الوطنية بعد شكاية جديدة من وزير الأوقاف
مثل إدريس الإدريسي، العضو السابق بالمجلس العلمي المحلي بخنيفرة بني ملال، والذي فجر ملف “تزوير اختبارات التأهيل” بخنيفرة، أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، يوم الإثنين 15 دجنبر 2025، وذلك على خلفية شكاية جديدة تقدم بها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق.
وقد خضع الإدريسي للاستماع في إطار البحث التمهيدي، حيث امتد التحقيق من حوالي الساعة التاسعة والنصف صباحًا إلى حدود الخامسة مساء. وقال عقب ذلك في حديث مع صحيفة “صوت المغرب” أن استدعاءه إلى الدار البيضاء “يُظهر وجود نية مبيتة للإرهاق ودفعه إلى التراجع”، مشيداً في الوقت ذاته بظروف التحقيق التي وصفها بـ”المحايدة”.
وأوضح أنه اعتقد في البداية أن الأمر يتعلق بتحقيق بخصوص قضية في الدار البيضاء، قبل أن يتبيّن له أن الشكاية مرتبطة بتدوينات وصفها بـ“العادية”، مشيراً إلى أنها لم تكن “تتطلب تقديم الشكاية هناك”.
واعتبر الإدريسي أن الشكاية الجديدة “هروب إلى الأمام”، خصوصًا ـ حسب تعبيره ـ بعد “محاصرة المجلس المحلي بالأدلة القطعية”، وصدور “حكم ابتدائي يُدينه بالتزوير”، لافتًا إلى أنه سبق أن دعا إلى مناظرة علنية، وأنه يتوفر على وثائق وأدلة “كاملة ولا تحتمل أي تأويل”.
وأضاف المتحدث أن القضية، بعد أن تحولت إلى قضية رأي عام واهتزت صورة المؤسسة المعنية، دخلت مرحلة جديدة، معتبراً أن الهدف هو “إسكات صوته وتخويفه”، وربما “تخويف فاعلين آخرين في نفس المجال”، حتى تكون قضيته “درسًا لغيره”.
وقال الإدريسي: “الرسالة واضحة: إما أن تسكت، أو تتحمل العواقب”، متسائلًا في السياق نفسه عن أسباب عدم تحريك المتابعات القضائية في حق أشخاص آخرين “تجرؤوا على انتقاد الثوابت الدينية والوطنية، والإساءة إلى الإمام مالك والمذهب المالكي والعقيدة، بل وحتى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم”، دون أن تحرك الوزارة ساكناً، بحسب قوله.
وشدد المتحدث على أنه لم يصدر عنه “أي لفظ أو كلمة واحدة” أساءت إلى الوزير أو إلى مؤسسة وزارة الأوقاف، مؤكداً أن ما عبّر عنه يندرج في إطار “حرية الرأي والتعبير”، وهي حرية يكفلها القانون.
ولا تزال القضية في طور البحث، في انتظار ما ستقرره النيابة العامة المختصة بخصوص مآل الشكاية والإجراءات القانونية المترتبة عنها.
يذكر أن محكمة الاستئناف قضت في الملف المعروف إعلاميًا بـ“تزوير اختبارات التأهيل” على مستوى المجلس العلمي المحلي بخنيفرة، بتبرئة رئيس المجلس من جميع التهم المنسوبة إليه، في حين أيّدت الحكم الصادر ابتدائيًا في حق إدريس إدريسي، مع تشديد العقوبة إلى ثلاثة أشهر حبسًا نافذًا، إضافة إلى تأكيد قرار إلغاء الشكاية التي سبق أن تقدم بها الأخير ضد رئيس المجلس العلمي المحلي.
وفي هذا الصدد، اعتبر إدريس إدريسي، العضو السابق بالمجلس العلمي المحلي بخنيفرة، أن “الحكم الاستئنافي كان صادماً”، موضحًا أن المحكمة الابتدائية سبق أن قضت بثبوت الأفعال المنسوبة إلى الرئيس بناء على ما وصفه بـ“أدلة قطعية لا تحتمل الشك أو التأويل”.
وأشار إدريسي، في تصريح سابق لصحيفة “صوت المغرب”، إلى أن الشهود، وفق تعبيره، “شهدوا بحدوث التزوير”، وأن القاضي “سجل كل ذلك في محاضر الجلسات”، قبل أن يصدر حكماً بالإدانة بثلاثة أشهر موقوفة التنفيذ في حق الرئيس، وبعقوبة موقوفة التنفيذ في حقه هو أيضاً “على أساس تهم كيدية”، على حد قوله.
وأكد إدريسي أن “المفاجأة الكبرى” بالنسبة إليه كانت في مرحلة الاستئناف، حيث تم فصل ملفه عن ملف الرئيس، معتبراً أن هذه الخطوة “بدت وكأن الغرض منها حرماني من إمكانية الاستفادة من الحكم الابتدائي”.
وأوضح أنه وفق تسلسل الأحداث، صدر الحكم أولاً في ملف الرئيس، حيث “تم إلغاء الشكاية”، ثم صدر في حقه هو حكم بثلاثة أشهر نافذة، رغم أن التهم والملفات والمحامين كانوا أنفسهم في المرحلة الابتدائية.
وأشار إدريسي كذلك إلى تصريح أدلى به الرئيس لإحدى القنوات الإلكترونية يلمح من خلاله إلى شيء ما خلال مرحلة الاستئناف، وذلك مباشرة بعد الحكم الابتدائي، معتبراً ذلك “مؤشراً على أمور كانت تُحاك في الخفاء”، بحسب قوله.
وقال إنه قام أمس بتسجيل الطعن لدى محكمة النقض في الملفين معًا، مشيرًا إلى أن ظهوره بجلباب مقلوب في الصورة كان “تعبيراً رمزياً عن أن ما حدث غير مفهوم وغير سليم ويناقض ما تعارف عليه العقلاء”.
واعتبر المتحدث أن ما وقع “تعبير عن الظلم” و“الفساد المستشري”، على حد تعبيره. وعبّر عن استغرابه مما وصفه بـ“الصمت السلبي للمجلس العلمي رغم ثبوت الواقعة”، مطالباً بـ“محاسبة المتورطين وحل المجلس”. كما تساءل عن “سبب عدم تحريك النيابة العامة لأي متابعة في حق من اعترفوا” وعن “عدم تدخل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية”.
تظاهر عشرات المواطنين قرب مقر المجلس العلمي المحلي بمدينة خنيفرة للتضامن مع الإمام إدريس إدريسي والمطالبة بـ“كشف حقيقة ما جرى” في الملف الذي فجره سنة 2024 حول اختبارات تأهيل الأئمة والخطباء والمؤذنين.
وعرفت المظاهرة، التي دعت إليها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، يوم الخميس 4 دجنبر 2025، مشاركة مواطنين وحقوقيين، وسط تدخل أمني لمنعهم من التقدم، فيما ردد المتظاهرون شعارات تطالب بمحاسبة المسؤولين عن شبهات التزوير في نتائج اختبارات التأهيل بالمجلس العلمي المحلي بخنيفرة.