بطاقة بلا خدمات ومنحة غائبة.. “ذوو الهمم” يحتجون ضد “الإقصاء”

نظم الاتحاد الوطني للأشخاص في وضعية إعاقة، الأربعاء 7 ماي 2025، وقفة احتجاجية وطنية أمام مقر البرلمان بالرباط، تعبيرًا عن غضب متصاعد مما وصفوه بـ”سياسات التهميش والإقصاء”، وعلى خلفية عدم الاستفادة الفعلية من بطاقة الإعاقة رغم الإعلان عنها رسميًا.
وشارك في الوقفة محتجون قدموا من مختلف مناطق المغرب، رغم ما واجهوه من صعوبات في التنقل نتيجة إعاقتهم وانعدام الولوجيات في وسائل النقل والفضاءات العامة، حسب ما استقته صحيفة “صوت المغرب” أثناء حديثها مع بعض الحاضرين.
وردد المحتجون شعارات تطالب بالتفعيل الفوري والشامل لبطاقة الإعاقة، مؤكدين أن هذه البطاقة يجب أن تتضمن سلة خدمات متكاملة، إلى جانب المطالبة بـصرف منحة شهرية تحفظ كرامة الأشخاص في وضعية إعاقة وتضمن لهم الحد الأدنى من العيش الكريم.
ورفض المحتجون كل “الحلول الترقيعية” أو الاستعمال الرمزي للبطاقة، مشددين على أن الحق في العيش الكريم “ليس امتيازًا وإنما التزام دستوري ودولي يجب على الدولة الوفاء به دون تأخير”.
واقع صعب
وفي السياق، أكد عبد الله رزيزة، الفاعل الحقوقي والجمعوي، أن مشاركته في هذه الوقفة، إلى جانب عدد من الفاعلين تأتي تعبيرًا عن الغضب من “الواقع الصعب الذي يعيشه الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب، سواء على مستوى الصحة أو التعليم، أو بسبب الإقصاء من جل الخدمات العمومية، رغم أن أغلبهم من دافعي الضرائب”.
وأوضح رزيزة، في تصريح لـ”صوت المغرب”، أن “الوضع الحالي غير مقبول”، مضيفًا أنه على الرغم من الإعلان سابقًا عن التزام حكومي بتحمل مسؤولية الأشخاص في وضعية إعاقة، “إلا أن ما يصوره الإعلام العمومي يناقض ذلك تمامًا، حيث لا تزال الصورة النمطية السلبية تلاحقنا في البرامج والروبورتاجات الرسمية”.
وأشار إلى أن هناك “ملفات حارقة” تستوجب المعالجة العاجلة، أبرزها، البطالة، وضعف فرص التشغيل، والحرمان من السكن اللائق، وغياب الولوجيات الأساسية سواء على مستوى البنيات التحتية أو الولوجيات الرقمية، إلى جانب التحديات المرتبطة بالتعليم والصحة، قائلاً إن هذه الأوضاع “تشكل مصدر قلق كبير وتشكل عائقًا حقيقيًا أمام الإدماج الفعلي”.
وفي تعليقه على ما يُعرف بـ”بطاقة الشخص في وضعية إعاقة”، أوضح رزيزة أن هذه الأخيرة “تفتقر لأي مضمون حقيقي”، واصفًا إياها بـ”الخروج السياسي الفارغ”، حيث لم يتم تفعيل أي من الخدمات التي من المفترض أن ترافقها، مضيفًا في الوقت ذاته أن “الواقع، كما تعكسه التقارير والتحقيقات الميدانية، يُظهر أن لا شيء تغيّر”.
وشدد المتحدث على أن الهدف الأساسي يجب أن يكون هو تحسين جودة حياة الأشخاص في وضعية إعاقة بجميع أشكالها، مع ضمان إدماجهم الكامل في الحياة العامة كمواطنين منتجين ومساهمين في تنمية الوطن، مؤكدًا أن “الدعم السياسي والمالي لا يجب أن يظل حبرًا على ورق، بل ينبغي أن يُترجم إلى إجراءات ملموسة”.
وفي ختام تصريحه، قال عبد الله رزيزة إن الأشخاص في وضعية إعاقة “لا زالوا ينتظرون تفعيل البطاقة وتوفير خدماتها الحقيقية”، وذلك في الوقت الذي لم تبد فيه الحكومة “أي إشارة إيجابية لحد الساعة، وهو ما يرسّخ شعور الإحباط لدى المعنيين بهذا الملف”.
“بطاقة فارغة“
من جانبه، قال الفاعل الجمعوي والحقوقي مصطفى أدلال، إن هذه الخطوة الاحتجاجية جاءت لإيصال صوت فئة واسعة من المواطنين في وضعية إعاقة، الذين يعانون من التهميش وغياب الحقوق الأساسية.
وأكد أدلال أن المطلب الرئيسي هو تفعيل بطاقة الشخص في وضعية إعاقة، والتي سبق أن صدر مرسوم بشأنها منذ الحكومة الأولى، لكن لم يتم تفعيلها، مضيفًا: “المرسوم وُجد، لكن الخدمات غائبة، وهذا يترجم عجز الحكومة ومختلف وزاراتها عن الوفاء بالتزاماتها”.
وأشار إلى أن وزارة التضامن، بصفتها الوصية على القطاع، لا يمكنها وحدها معالجة هذه الإشكالات في ظل غياب انخراط باقي القطاعات، والتي “لا تبالي أو لا تعتبر مطالب هذه الفئة من أولوياتها”، رغم أن الأمر يتعلق بحقوق مشروعة يكفلها الدستور والمواثيق الدولية المصادق عليها من طرف المغرب.
وأضاف أن الوقفة جاءت للمطالبة بحقوق واضحة ومحددة، على رأسها: التشغيل، والمنح، والصحة، والنقل، والسكن، والتعليم، والولوجيات المعمارية والرقمية، مشددًا على أن هذه المطالب “ليست امتيازات، بل حقوق أساسية يجب تفعيلها فورًا”.
وقال أدلال إن الواقع اليوم “يكشف تناقض بين الشعارات والممارسات”، موضحا أن “المغرب يٌقدَّم كدولة رائدة، والحكومة تؤكد التزامها، لكن البرامج تبقى حبيسة الحملات الانتخابية وتُستعمل كورقة سياسية في اللحظات الأخيرة فقط”.
وختم حديثه بالقول: “لا يمكننا أن نتقدم بعقليات متأخرة، نحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية تعيد الاعتبار لهذه الفئة وتمكّنها من العيش الكريم والمساهمة في بناء الوطن”.