برلماني: الحماية الاجتماعية لا يمكن اختزالها في ميزانيات وتدابير تقنية

انتقد لحسن نازهي، منسق مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين، فشل الحكومة في إعطاء مضمون حقيقي لمفهوم “ورش الحماية الاجتماعية”، معتبراً أن المشروع، بدل أن يكون مدخلاً لتحرير المغاربة من الفقر والتهميش، تحول إلى قطاع يخضع للمنطق المحاسباتي عوض منطق العدالة الاجتماعية.
وأضاف نازهي، خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة يوم الثلاثاء 27 ماي 2025، والتي خُصصت لموضوع: “السياسة العامة المرتبطة بترسيخ مقومات الإنصاف والحماية الاجتماعية”، (أضاف) أن الإنصاف والحماية الاجتماعية “لا يمكن اختزالهما في برامج وميزانيات وتدابير تقنية، بل هما بالأساس اختيارات سياسية وتوجهات تضع المواطن في صلب السياسات العمومية”، مبرزا أن “واقع الحال يعكس صورة مغايرة لما تروّج له الحكومة”.
وأشار إلى أن معدل البطالة تجاوز 13% على المستوى الوطني، وبلغ 37% في صفوف الشباب، و20% بين النساء، في حين أن نسبة نشاط النساء لا تتعدى 19%، “رغم التزام الحكومة برفعها إلى 30%”، لافتا في الوقت ذاته، إلى أن 350 ألف تلميذ يغادرون المدرسة سنوياً، وأن “ملايين المغاربة ما زالوا بدون تغطية صحية رغم الشعارات الرسمية”.
وهاجم نازهي واقع سوق الشغل الذي وصفه بـ”الاستغلالي”، مبرزاً أن 70% من اليد العاملة تشتغل في القطاع غير المهيكل، في غياب أدنى حماية قانونية أو اجتماعية، مضيفاً أن “تكاليف المعيشة المرتفعة دفعت الأسر المغربية نحو مديونية قياسية بلغت 411 مليار درهم بنهاية 2024، أي ما يعادل 30% من الناتج الداخلي الخام”.
وأوضح أن “الولوج إلى العلاج بات امتيازاً، في وقت فاقت فيه أرباح تجارة الأدوية 300%، وفرضت اشتراكات إجبارية للتأمين عن المرض على المواطنين، مقابل خدمات صحية منهارة”.
وفي ما يتعلق بتمويل نظام الحماية الاجتماعية، سجل نازهي أن الأجراء والفئات الوسطى يساهمون بـ70% من الموارد، بينما يتم التغاضي عن التهرب الضريبي للشركات الكبرى، مما يهدد استدامة النظام.
وأضاف المتحدث أن الحديث عن دولة اجتماعية لا يمكن أن يُؤخذ على محمل الجد في غياب إصلاح جبائي عادل، وسياسة أجرية منصفة، وخدمات عمومية مجانية وجيدة، وحماية فعلية من البطالة والمخاطر الاجتماعية.
وفي هذا السياق، طالبت الكونفدرالية بـوقف تسليع الخدمات العمومية والحماية الاجتماعية، إصلاح شامل للمنظومتين الصحية والتعليمية يضمن المجانية والجودة، وتطبيق صارم لمبدأ المساهمة حسب القدرة في تمويل الحماية الاجتماعية، ومراقبة صارمة للمشغلين غير المصرّحين، بأجرائهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي، وإدماج فعلي للشباب والنساء في سوق الشغل، والقطع مع العمل الهش.
وختم نازهي مداخلته بالتشديد على أن بناء الدولة الاجتماعية يتطلب “حواراً اجتماعياً جاداً، واحتراماً للحريات النقابية، وتوزيعاً عادلاً للثروة، وضماناً لكرامة المواطن وحقوقه”، مشيراً إلى أن أي مشروع للإنصاف “لا يمكن أن يُبنى دون إصلاحات عميقة في قطاعات التعليم والصحة والشغل”.