برلمانيون: ميزانية السياحة لا تترجم طموح جعل القطاع قاطرة للتنمية
وجه نواب برلمانيون انتقادات حادة لوزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، خلال مناقشة مشروع الميزانية الفرعية لوزارة السياحة يوم الثلاثاء 04 نونبر 2025، إذ اعتبروا أن الميزانية لا تترجم فعلا الطموحات المعلنة بجعل السياحة قاطرة للتنمية، مؤكدين أن القطاع ما زال يعاني من اختلالات هيكلية، ومن غياب العدالة المجالية في توزيع الاستثمارات السياحية.
في هذا السياق، قالت سلوى البردعي، النائبة البرلمانية عن مجموعة العدالة والتنمية، إن “هذه الميزانية تأتي في سياق وطني ودولي دقيق يتميز بارتفاع الانتظارات الاجتماعية والاقتصادية، وبحاجة المغرب إلى نموذج تنموي أكثر عدلا وتوازنا”.
وأوضحت في مداخلتها، أن التركيز على مجالات دون أخرى يجعل المغرب يسير بسرعتين، مشيرة إلى أن هذا ما نبه إليه الملك في خطاب العرش وأكده في خطاب افتتاح البرلمان.
وأضافت أن “قطاع السياحة يُعد من أهم روافد الاقتصاد الوطني لما يوفره من فرص شغل وجلب للعملة الصعبة وتنشيط للمجالات الترابية، غير أن النتائج المحققة ما تزال دون الطموح ولا ترقى إلى الإمكانيات الكبيرة التي يتوفر عليها المغرب، سواء على مستوى المؤهلات الطبيعية أو التراثية والثقافية”.
وتساءلت البردعي عن سبب تخلف المغرب في استقطاب السياح مقارنة بجارته في الضفة الأخرى، إسبانيا، التي حققت 97 مليون سائح سنة 2025، بينهم مغاربة ومغاربة العالم الذين يفضلون هذا البلد على حساب بلدهم الأصلي، في حين يكتفي المغرب بالاحتفاء بـ15 مليون سائح فقط كل عام.
وأشارت إلى أن الميزانية المخصصة للقطاع، والبالغة مليار و761,746,000 درهم، “لا تعكس الطموح في جعل السياحة رافعة للتنمية”، إذ ما زال التركيز منصبا على الوجهات الكلاسيكية مثل مراكش وأكادير، بينما تعاني جهات أخرى من ضعف البنية التحتية وغياب الترويج والاستثمار العادل.
كما انتقدت المسؤولة البرلمانية “غياب سياسة حقيقية للنهوض بالسياحة الداخلية”، معتبرة أن “الفنادق غير مشجعة وأن الأسر المغربية، التي تواجه البطالة والتضخم، غير قادرة على الولوج إلى العرض السياحي الوطني بأسعار مناسبة”.
كما أبرزت، من جهة أخرى، “هشاشة الأوضاع الاجتماعية للعاملين في القطاع، خصوصاً في مجال النقل السياحي، الذين يعانون من غياب الحماية الاجتماعية والاستقرار المهني، رغم رفع الحكومة شعار الدولة الاجتماعية في برامجها وسياساتها”.
وأكدت البردعي أنه “بعد تجربة جائحة كوفيد-19 كان من المنتظر أن تعيد الوزارة النظر في تصورها للقطاع، وتتبنى رؤية جديدة تجعل السياحة أكثر استدامة وارتباطا بالاقتصاد المحلي، لكن المقاربة التقليدية القائمة على الترويج الخارجي ما تزال مستمرة”.
ومن جانبه، قال النائب البرلماني عن الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية، الشرقاوي الزنايدي، إن “المجهودات المبذولة في القطاع السياحي مهمة، غير أنها تظل غير كافية”، مشيراً إلى أن “تحفيز النقل الجوي عرف مجهوداً كبيراً، غير أن الإشكال يكمن في التركيز على شركات أجنبية تخضع لمنطق العرض والطلب، ما يجعلها قادرة على تغيير وجهاتها نحو أسواق أكثر ربحية في أي وقت”.
في المقابل، أكد الزنايدي أن الرهان الحقيقي يجب أن يكون على الشركة الوطنية “الخطوط الملكية المغربية”، باعتبارها التجسيد الفعلي لفلسفة الدعم العمومي، مشيرا إلى أن تذاكرها تُعد من بين الأغلى.
وانتقد المتحدث استمرار الحكومة في اتباع نموذج استثماري قديم يشجع الاستثمار السياحي لفئة محدودة من النخبة، خاصة في مدن مثل مراكش التي تهيمن عليها الفنادق المصنفة، في حين أن دولا مثل إسبانيا تراهن على تنويع العرض السياحي ليستهدف مختلف الفئات.
كما أكد المسؤول البرلماني ضرورة تحسين صورة المغرب لدى السائح منذ لحظة وصوله، موضحاً أن الفوضى أمام المطارات وضعف النقل في محيطها يتركان انطباعاً سلبياً، وأن ضعف البنية التحتية في القرى والمناطق الجبلية يحرم السياح من اكتشاف جمال البلاد ويقلل فرص عودتهم مجدداً.
وفي نفس السياق، كشفت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، أن الميزانية المخصصة لقطاع السياحة برسم قانون المالية لسنة 2026 تبلغ ملياراً و761 مليون درهم، موضحة أن 95 في المائة منها ستوجه للاستثمار، فيما ستخصص نسبة 5 في المائة لتغطية نفقات التسيير.
وخلال تقديمها لمشروع الميزانية الفرعية للقطاع أمام لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب، مساء الاثنين 3 نونبر 2025، أكدت عمور أن الوزارة ستواصل تنفيذ برنامج “غو سياحة”، الذي يهدف إلى “دعم 1700 مقاولة عاملة في المجال السياحي، بغية تعزيز عرض سياحي مبتكر ومتعدد، وخلق فرص شغل جديدة”.