بدء المحادثات الروسية-الأوكرانية في اسطنبول

بدأت مساء الأربعاء في اسطنبول ثالث جولة مفاوضات روسية-أوكرانية مباشرة، في محادثات توقّع الكرملين أن تكون “صعبة جدا”، مستبعدا بذلك مجددا إمكان تحقيق تقدّم دبلوماسي سريع لإنهاء الحرب.
وبعد لقاء ثنائي جمع مساء رئيسي الوفدين الروسي فلاديمير ميدينسكي والأوكراني رستم عمروف، بدأ الوفدان المحادثات.
اللقاء الثنائي الذي أفاد مصدر في الوفد الروسي بانعقاده، قال مصدر في الوفد الأوكراني إنه كان “ثلاثيا”، إذ جرى بحضور وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.
ودعا فيدان لدى بدء المحادثات بين الوفدين إلى إنهاء “هذه الحرب الدموية بأسرع ما يمكن”، وقال إن “الهدف النهائي هو وقف لإطلاق النار يمهد الطريق للسلام”.
وأعرب فيدان عن “امتنانه” للرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي “اللذين أبديا نية لإجراء هذه المفاوضات”، وكذلك للرئيس الأميركي دونالد ترامب و”كل القادة الآخرين الذين أبدوا دعمهم لهذه المحادثات”.
وقال “لقد حققنا نتائج مهمة” خلال الجولتين السابقتين، مشيرا إلى عمليات تبادل الأسرى، وشدّد على أنه في حال تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، فإن تركيا لديها “البنية التحتية اللازمة لآلية مراقبة”.
وكان الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف قال في مؤتمر صحافي “لا أحد يتوقع مسارا سهلا. ستكون صعبة جدا”، مجددا تأكيده أنّ المقترحات التي قدّمتها الأطراف المتحاربة لإنهاء النزاع “متعارضة تماما”.
من جهته، أعرب مصدر في الوفد الأوكراني عن أمله في مقاربة روسية “بنّاءة” في المدينة التركية.
والتقى الوفد الأوكراني كبار المسؤولين الأتراك، خصوصا الرئيس رجب طيب إردوغان، وفق منشور على إكس لمساعد الرئيس الأوكراني أندريه يرماك الذي حضر اللقاءات.
وتُعقد جولة المحادثات، وهي الثالثة من نوعها بين الطرفين في اسطنبول، وتأتي بعد ضغط من الرئيس الأميركي الذي أمهل روسيا 50 يوما للتوصل إلى اتفاق مع كييف وإلا فستواجه عقوبات صارمة.
وتتهم كييف وحلفاؤها الكرملين بعرقلة المفاوضات، عبر الإصرار على مطالب مبالغ بها ومرفوضة من قبلها، في حين يواصل الجيش الروسي قصفه وهجماته على الجبهة حيث لا يزال يحقّق تقدّما.
والأربعاء، أعلنت وزارة الدفاع الروسية السيطرة على قرية فاراتسيني في منطقة سومي شمال شرق أوكرانيا حيث أدت ضربات روسية ليلا إلى انقطاع التغذية بالتيار الكهربائي عن أكثر من 220 ألف مشترك، وفق الرئيس الأوكراني.
“مذكرات” وتبادل أسرى
ويبدو أن احتمال إحراز تقدم يذكر ما زال محدودا إذ إن مواقف الجانبين متعارضة بشكل كبير.
ونظمت جولتان من المحادثات في ماي ويونيو في إسطنبول لكنهما فشلتا في تحقيق أي اختراق. لكنّ البلدين اتفقا على تبادل مئات الأسرى من كل جانب وإعادة جثث جنود.
وكما في الجولات السابقة، يرأس الوفد الأوكراني في إسطنبول وزير الدفاع السابق رستم عمروف الذي يشغل حاليا أمانة مجلس الأمن القومي.
في المقابل “لم يتغيّر” الوفد الروسي وفق بيسكوف، إذ يقوده وزير الثقافة السابق والمؤرّخ فلاديمير ميدينسكي الذي يعتبر مسؤولا من الصف الثاني، وهو مستوى تمثيل كان قد أغضب كييف.
وقال بيسكوف إنّ المحادثات ستركّز على “المذكرات” التي تمّ تبادلها في يونيو بين المعسكرين والتي تتضمّن اقتراحات كلّ منهما بشأن السلام، مشيرا إلى أنّها “متعارضة تماما”، لافتا إلى أنه سيتم بحث “عملية مهمة للغاية” وهي تبادل أسرى بين الطرفين.
وقال مصدر في الوفد الأوكراني إن كييف تتطلع إلى مناقشة عمليات تبادل جديدة مع موسكو وإعادة أطفال أوكرانيين نُقلوا قسرا إلى روسيا، معربا عن رغبته في “التحضير لاجتماع” بين زيلينسكي وبوتين.
ضربات ليلية جديدة
ميدانيا، تتواصل المعارك على الجبهات ويستمر القصف الروسي على أوكرانيا.
وليل الثلاثاء الأربعاء، استهدفت 71 مسيّرة روسية أوكرانيا، وفقا لسلاح الجو الأوكراني، ما أدى إلى إصابة طفلين بجروح في منطقة خيرسون (جنوب) حيث قُتلت امرأة أيضا في قصف مدفعي روسي، وفقا للسلطات المحلية.
من جهته، أعلن الجيش الروسي تحييد 33 مسيّرة أوكرانية أُطلقت خلال الليل على الأراضي الروسية.
وقدمت روسيا قائمة مطالب تشمل انسحاب القوات الأوكرانية من أربع مناطق أعلنت موسكو ضمها في أيلول/سبتمبر 2022، لكنها لا تسيطر عليها بالكامل بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها في العام 2014، وطلبت من كييف رفض كل أشكال الدعم العسكري الغربي وعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وترفض أوكرانيا هذه الشروط وتطالب بانسحاب كامل للقوات الروسية من أراضيها وضمانات أمنية من الغرب تشمل استمرار تسليم الأسلحة ونشر قوات أوروبية، وهو ما تعارضه موسكو.
وتُصر كييف كذلك بالتنسيق مع حلفائها الأوروبيين، على ضرورة وقف إطلاق نار لمدة 30 يوما، وهو ما ترفضه موسكو المتفوقة ميدانيا.
ومنذ عودته الى البيت الأبيض في يناير، ضغط ترامب على الجانبين لإجراء محادثات مباشرة. لكن الجهود المبذولة للتوصل إلى حل دبلوماسي للحرب لم تفلح في تحقيق اختراق.
وأدى النزاع الذي بدأ في فبراير 2022 بغزو روسي واسع النطاق لأوكرانيا، إلى مقتل عشرات آلاف العسكريين والمدنيين على الجانبين.
ولم يخف ترامب مؤخرا شعوره بخيبة أمل من بوتين، كما أعلنت واشنطن أنها ستستأنف إمداد كييف بالسلاح ضمن اتفاق مع الناتو.