story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
ثقافة |

باحثون يؤكدون على أهمية التربية على أخلاق التّعايش واستحضار المشترك الإنساني

ص ص

سلط متدخلون في مؤتمر حول الحوار بين الأديان، الضوء على أهميةِ التربية على أخلاق التّعايش بين الناس، والانحيازِ إلى استحضار المشتركِ الإنساني، بدل الانشغالِ بالبحث عن الاختلافات أو الخلافاتِ التي تُؤدّي إلى بثِّ أو خلق أو رعايةِ الكراهية والحقد والإلغاء والعنف بين الجماعات الإنسانية.

وأكد المتدخلون في المؤتمر، المنعقد بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة السلطان مولاي سليمان، ببني ملال، خلال أيام 12 و13 و14 نونبر الجاري، أنّ الأديان تتضمّن “مشتركاً أخلاقياً” يجتمع حوله جميع الناس، من قبيل الرحمة، والتعاطف، والحب، والتعاون، ومساعدة الآخر، ونبذ الإساءة والاعتداء عليه.

أرضُ التعايش..

واعتبر متدخلون أنّ أرض المغرب تُعدّ أرضاً للتعايش الديني والتنوّع الثقافي، ونموذجاً متميّزا في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، مُشيدين باتساع أفق المغاربة في التعامل مع النصّ الديني المقدّس بما يخدم مصالح الإنسانية جمعاء.

وفي هذا السّياق، قال الباحث عبد الغني سلطان الفقيه، عن مركز “نماء المغرب” إنّه جاء إلى المغرب “طالباً للعلم في دار الحديث الحسنية بالرباط، فإذا بي أغدو تلميذاً في مدرسة أوسع”، مضيفا أن المغرب “مدرسة بكلّ ما فيها من سماحة وتنوّعٍ وإنسانية”، مردفاً: “علّمتني هذه الأرض أنّ الانتماء الحقيقي لا تصنعه الجغرافيا، وأنّ الغريب لا يكون غريباً ما دام بين قوم يُحبّون الكلمة والعلم”.

انتصار الحوار..

ومن جانبها، أكدت ميادة ثروت محمد الصغير، عن مركز مد الجسور بين الشعوب بجنيف، على أهمية التربية على قيم التعايش واحترام الاختلاف، مبرزةً أن المغرب كان ولا يزال أرضاً للتسامح والتنوّع الثقافي والديني.

وأشارت الباحثة المصرية، ضمن مداخلة لها معنونةٍ بـ”بين صرخة الحرب وهمس السلام: متى ينتصر الحوار؟”، إلى أن شعوب العالم، على اختلاف خلفياتها الدينية والثقافية، تملك مشتركا إنسانيا يُمكن أن تلتقي حوله، داعيةً إلى الحوار باعتباره مدخلاً لا بديل عنه لتبديد الخلافات وتعزيز السلم الإنساني.

وعن كون الأديان قد تقود إلى “الاصطدام” بين الجماعات البشرية، أبرزت ميادة، في تفاعلها مع ملاحظات وأسئلة الحاضرين، أن الحوار يقتضي التركيز على الأمور المشتركة بين الأديان، موضحةً أنّ الديانة البوذية، على سبيل المثال، ترتكز على وصايا بودا التي تبقى في نهاية المطاف أخلاقية، تتفق عليها جميع الديانات.

إيديولوجيات الكراهية..

وفي سيّاق متصل، نبّهت بشرى شاكر، عن دار الحديث الحسنية بالرباط، إلى خطورة التعصّب وإيديولوجيات الكراهية.

وقالت الباحثة، ضمن مداخلة لها، إنّ “العالم يشهد اليوم أزمة عميقة في أنماط التواصل الإنساني، بحيث زادت مظاهر العنف والتعصّب ورفض الآخر وإبعاده ومحاولة محوه”، معتبرةً أنّ “العيش المشترك بات من التحديات الكبرى المطروحة على المستوى العالمي، لا سيّما وأن التعصّب يكتسب أشكالاً متعددة، منها الديني والسياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي”.

وبناءً عليه، تساءلت شاكر: “كيف يمكن لثقافة الحوار مواجهة إيديولوجيات الكراهية وسيناريوهات صدام الحضارات؟ وكيف يمكن للتربية الأخلاقية أن تُؤسس لثقافة الحوار؟”.

وترى شاكر أنّ “ترسيخ ثقافة الحوار مُهمة داخل عالم مركّب، خصوصا عند الناشئة”، معتبرةً أنّ “جذور الأخلاق أي التعاطف، التعاون، الرحمة.. هي موجودة منذ الولادة؛ إذ يُولد الطفل أخلاقيا، والبيئة التي ينشأ فيها تعزز هذه القدرات الفطرية أو تُحرفها”.

وأكّدت أنّ “الأخلاق قادرة على إعطاء معنى لجميع أفعال البشر”، موردةً أنّ “علاقة الأخلاق بالإنسان أشبه بعلاقة الروح بالجسد… فوجودها ملازم لوجود الإنسان”.

فهم المتدينين..

وعن التعصّب أو عقلية الانغلاق التي قد تُسيطر على بعض المتدينين أو الجماعات التي تبني إيديولوجياتها على الدين، أكد ربيع الحمداوي، أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة السلطان مولاي سليمان، أنّ هناك فرقا بين الدين وفهم المتدين، مشيراً إلى أنّ الحوار، في العموم، يكون مبنياً على تصوّرات متعددة، مضيفا أن “هذا التعدّد هو الذي يُغني الحوار ويُعطيه قيمة كبيرة”.

وأشار الحمداوي إلى ضرورة “الموازنة بين الدين والتدين”، موضحاً أنّ “تدين الإنسان، مهما بلغ، لن يصل إلى المطلق”، موضحا أن “الدين صالح لكل زمان ومكان، والإنسان لا يُعبّر إلا عن جزئية فيه، في ظرف معيّن”.

ودعا إلى اعتماد المنهج المقاصدي قصد بناء المشترك الإنساني، معتبرا أنّ الأديان تشترك في كثير من القضايا، وأنّ الأديان السماوية، في أصلها، “جاءت لحماية الكليات الخمس وهي: الدين، النفس، العقل، المال، والنسل”.

يُذكر أنّ مؤتمر “الحوار بين الأديان: نحو أخوّة إنسانية حلاً للمشكلات المعاصرة”، في دورته الثانية، يُنظمه مختبر الحوار والمقاصد للدراسات والأبحاث، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة السلطان مولاي سليمان، بالتعاون مع سفارة المملكة المغربية بإسبانيا ومعهد الأديان بجامعة كومبلوتينسي بمدريد، على مدى أيام 12 و13 و14 نونبر الجاري.

وفي تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أكد منسق المؤتمر محمد الناصري أهمية تنظيمه، سواء من حيث طبيعة الموضوع أو من حيث السياق الدولي الذي يُعقد فيه.

وأضاف مدير مختبر الحوار والمقاصد أنّ أهميته تأتي أيضًا من “قيمة الخبراء المشاركين فيه، حيث يشارك خبراء من إسبانيا والمغرب، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ودولة الكويت، ومصر، ودولة قطر، واليمن، وجميعهم قدّموا أوراقًا علمية قيمة حول الموضوع”.

طالبي المحفوظ