story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رأي |

انهيار الحرم

ص ص

تفجرت فضيحة جديدة في الأسابيع القليلة الماضية رجت حرمة الجامعة المغربية وسمعتها، حيث تم اعتقال أستاذ جامعي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية ابن زهر بأگادير على خلفية قضية تلاعب بشواهد جامعية في ما بات يعرف إعلاميا ب “شواهد قيلش”.

وقد قررت النيابة العامة متابعة زوجة الأستاذ الجامعي والتي عثر بحوزتها على حساب بنكي بقيمة تساوي ثمانية ملايير سنتيم، كما تمت متابعة عدة أشخاص آخرين بتهم مختلفة مرتبطة بالملف.

ما حصل مع هذا الأستاذ والعصابة المرتبطة به له لا محالة أضرار كثيرة تمس بالجامعة المغربية والبحث العلمي في المغرب. حيث إن احتكاره لمسارات الولوج لشهادات جامعية ومنحها للمقربين منه كان له ضرر بمواطنين وطلبة جامعيين بالخصوص كانوا أكثر استحقاقا لولوج هذه المسارات التكوينية.

هذا المعطى بالضبط يضرب عرض الحائط مبدأ دستوريا راسخا، ألا وهو مبدأ تكافؤ الفرص والاستحقاق كمعيار للمكافأة. أي أن هؤلاء الأشخاص لا يعيرون الدستور المغربي وقدسيته أي اهتمام، ولا يحترمون أبناء المغاربة الذين حرموهم من حقهم الدستوري في الولوج إلى التعليم والتكوين.

كما من شأن ما وقع أن يثبط من عزيمة الكثير من الطلبة المقبلين على مواصلة دراستهم الجامعية، والذين لن يجدوا بدّا من متابعة مسارهم الجامعي وهم يعلمون أن أشخاصا آخرين (قد يكونون معهم في نفس الفصل) يلجون نفس التكوين ويتخرجون منه بدون أي مجهود علمي.

إنه فعلا شعور محبط أن تكون في شك دائم إن كان زميلك أو زميلتك في الفصل يستحق أن يحصل على ذلك المقعد أم أنه “مدفوع” به لأنه دفع مقابلا من أجل ذلك. كما من المحتمل أن يتسلّل نفس الشك والإحباط إلى صفوف الموظّفين العموميين الذين يرتقون في المناصب بناء على استكمالهم لشهادات جامعية متقدمة.

هذا الملف سيكون له كذلك تأثير كبير على سمعة المغرب وجامعاته وكل الفاعلين في مجال البحث العلمي. فليس مستبعدا أن يتم إعادة النظر في المعادلات التي تمنحها دول عديدة للشهادات الجامعية المغربية، والتي للأمانة كانت دائما ذات صيت محترم في دول عديدة عبر العالم.

لكن الآن، ليس لدي شك أن العديد من الدول سوف تغير سلوكها تجاه الشواهد الجامعية المغربية بعد هذه الكارثة في حق الوطن والمواطنين. هذا سيعني أن العديد من الطلبة المغاربة الجادين سيجدون صعوبات من أجل متابعة دراستهم الجامعية في دول أجنبية، وما يترتب عن ذلك من حرمان للبلد من كوادر يمكنها العودة إليه والمساهمة في نهضته.

ما لا أستطيع استساغته هو الثقة التي يتجول ويتحدث بها الكثير من الأشخاص الضالعين في الفساد والمستفيدين منه. حيث عهدنا أن نرى هذا الأستاذ الجامعي وغيره الكثير من قبله كثيري الظهور في المجال العمومي، كما تراهم يشهرون ثروتهم غير آبهين بالأضواء التي تسلّط عليهم، وما يتبع ذلك من تمحيص في ماضيهم وممتلكاتهم. هذه الثقة تظهر على أنهم كانوا يعتبرون أنفسهم محصنين ضد المتابعة ومحميين من طرف شخص أو جهة ما.

المفروض بعد هذه القضية هو أن يكون هناك استنفار شامل لجميع المتدخلين في القطاع من أجل الوصول إلى جذور هذه المافيا التي تتاجر بسمعة المغرب ودراسة أبناءه وبناته. كما أنه من المفروض فتح تحقيق معمّق حول ما إن كانت هذه العصابة ليست الوحيدة التي تنشط في هذا المجال الذي من المفروض أن يكون معتمدا على الكفاءة والاستحقاق.

فمن غير المعقول أن يبقى المغاربة في وضعية من الشك حول من فعلا استحق شهاداته الجامعية أو منصبه مقابل من حصل عليها بسبب وساطة أو دفع مقابل مادي أو معنوي من أجل الحصول عليها.