الوضع الصحي ببني ملال يدفع الساكنة للاحتجاج وباشا المدينة يمنع وقفة أمام المستشفى الجهوي

دفع المستوى المتردي للوضع الصحي بمدينة بني ملال إلى إطلاق دعوات، عبر موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، لتنظيم وقفة احتجاجية يوم الأحد 21 شتنبر 2025، أمام المركز الاستشفائي الجهوي بالمدينة، على غرار الوقفة الاحتجاجية التي عرفها المستشفى الجهوي بمدينة أكادير نهاية الأسبوع الماضي.
وتفاعلا مع هذه الدعوات، أصدر باشا مدينة بني ملال بالنيابة، قراراً يقضي بمنع تنظيم أي شكل احتجاجي، سواء في شكل وقفة أو اعتصام أو مسيرة أو مبيت بالشوارع والساحات والفضاءات العامة بالمدينة.
وفي هذا الإطار، أفاد فاعلون حقوقيون بمدينة بني ملال، لصحيفة “صوت المغرب” بأن المستشفى الجهوي بالمدينة يعاني من خصاص كبير في الموارد البشرية، سواء على مستوى الأطباء أو الأطقم التمريضية، ويفتقر لعدد من التخصصات الحيوية، من بينها طبيب مختص في أمراض الرأس والأعصاب وطبيب للأطفال.
“كما يظل جناح الأمراض النفسية والعصبية للنساء غير مؤهل بالشكل المطلوب”، حسب المتحدثين، الذين أكدوا أن المؤسسة الصحية “تعاني من ضعف التجهيزات الطبية، خاصة على مستوى جهاز السكانير”.
وأشار المصدر إلى أن هذا الوضع يدفع المرضى إلى الانتظار لآجال طويلة من أجل الحصول على المواعيد الطبية، ما يفاقم معاناتهم الصحية والنفسية.
وفي مقابل ذلك، أوضح قرار منع رقم 2025/13، الصادر عن باشا المدينة بالنيابة، استناداً إلى الظهير الشريف المنظم للتجمعات العمومية، “أن النشاط الاحتجاجي المزمع تنظيمه لا يستوفي الشروط الشكلية والموضوعية المقررة قانوناً”، مضيفاً أن تنظيمه في الشارع العام أو الأماكن العمومية “قد يعرض المشاركين للمساس بسلامتهم الجسدية، كما قد يؤدي إلى الإخلال بالأمن والنظام العامين”.
ونص القرار، الذي تتوفر “صوت المغرب” على نسخة منه، على تحميل الجهة الداعية وكافة المشاركين المسؤولية الكاملة عن العواقب والنتائج القانونية المترتبة عن مخالفة هذا المنع، مؤكداً أنه “سيتم تبليغ القرار إلى المعنيين، مع تكليف السلطات الإدارية المختصة بتنفيذه في دائرة اختصاصها”.
ولطالما كان المركز الاستشفائي الجهوي بمدينة بني ملال، محط انتقادات المواطنين بالمنطقة بسبب ضعف الخدمات الصحية، من قبيل غياب بعض التخصصات وضعف الموارد البشرية والتقنية والاكتضاض وغيرها.
وكان نفس المستشفى مسرحا لوفاة أكثر من 20 مواطنا السنة الماضية جراء ارتفاع درجة الحرارة. إلا أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، رجحت حينها أن يكون “الإهمال” من بين الأسباب التي كانت وراء هذه الكارثة الإنسانية، في يوليوز 2024.
وحملت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في بلاغ اطلعت صحيفة “صوت المغرب” على نسخة منه، الدولة “المسؤولية الكاملة” في وفاة مجموعة من المواطنين داخل وخارج المستشفى الجهوي بمدينة ملال، لافتة إلى أنه تعددت الأسباب في حدوث هذه الوفيات “ولعل من بينها الإهمال وعدم تزويد المستشفى بمكيفات الهواء”.
كما انتقدت الجمعية “ضعف التجهيزات الصحية الضرورية في الوقت الذي يتم فيه صرف الأموال الطائلة من المال العام في أمور تافهة كمهرجانات التفاهة والبهرجة”، مرجحة أن يكون هذا أحد الأسباب التي أسهمت في وفاة 21 مريضاً بالتزامن مع موجة حرارة مفرطة بمختلف مناطق المغرب آنذاك.
وفي مارس سنة 2025، أقدمت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية على إعفاء مديرة المستشفى الجهوي ببني ملال، عائشة لطفي، من منصبها وتعيين إبراهيم سليك، مدير معهد تأطير الممرضين، مديرا بالنيابة للمستشفى، وهي الخطوة التي أرجعها نقابيون للوضع “المتأزم” الذي عرفه المستشفى في عهد المديرة السابقة.
وفي هذا السياق، أوضح حسن حرشي، عضو المجلس الوطني للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن المستشفى “كان يعاني من مشاكل متراكمة منذ سنوات”، مشددا على أن “مشاكله استفحلت بقدوم المديرة المقالة”.
وأشار حرشي إلى أن المستشفى كان يعرف “نقصا حادا” في الموارد البشرية من أطباء وممرضين، و”غياب التخصصات الطبية الضرورية”، ما أثر بشكل مباشر على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمرتفقين القادمين من مختلف أقاليم جهة بني ملال- خنيفرة.
وأكد المتحدث أن أطباء المستشفى عبّروا عن “تذمرهم من ظروف العمل القاسية”، مبرزا أنهم “يواجهون ضغطًا هائلًا بسبب قلة الموارد البشرية والعدد الكبير من الحالات المرضية التي يتعاملون معها يوميًا”، كما أشار إلى “غياب الرقابة الفعالة على الخدمات الصحية، تهالك البنية التحتية للمستشفى، وضعف التجهيزات الطبية الضرورية”.
وأمام هذا الوضع المتأزم، جاء قرار إعفاء المديرة استجابة لمطالب المحتجين، وسط آمال بأن يتم تعيين إدارة جديدة قادرة على التعامل مع المشاكل الحقيقية التي يعاني منها المستشفى، والعمل على تحسين الخدمات الصحية لصالح المواطنين، غير أن استمرار الوضع على ما هو عليه قد يدفع في اتجاه اتخاذ قرارات مماثلة.