story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
حقوق وحريات |

المقاربة الأمنية وتراجع الحريات.. تقرير يكشف “الاختلالات الحقوقية” لسنة 2025

ص ص

قالت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان إن المغرب خلال سنة 2025 شهد “مرحلة دقيقة في مسار حقوق الإنسان”، موضحة أن هذه المرحلة تتسم بـ”تزايد التوتر بين الخطاب الرسمي بشأن الإصلاح والالتزام، وبين الواقع الميداني الذي يكشف استمرار اختلالات بنيوية تضعف منظومة الحقوق والحريات”.

ولفتت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، الإنتباه في تقريرها السنوي حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2025، إلى ما أسماته “تراجعاً مقلقا” في الحريات العامة، أو في حكامة تدبير عدد من الملفات الكبرى، لاسيما تلك المتعلقة بالعدالة الجنائية والصحافة، ناهيك عن التعامل مع الكوارث الطبيعية.

المقاربة الأمنية

وفي سياق متصل، رصدت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان من خلال عملها الميداني، استمرار اللجوء إلى المقاربة الأمنية في معالجة قضايا الرأي والاحتجاج، إلى جانب تفاقم ظاهرة التشهير، وكذا غياب تنظيم مهني ديمقراطي لقطاع الصحافة، فضلا عن تأخر الإصلاحات الحقوقية التي سبق الإعلان عنها.

وأكدت الرابطة أن “اعتماد المقاربة الأمنية ليس مجرد انزلاق ميداني، بل هو قرار سياسي تتحمل الحكومة مسؤولياته القانونية والأخلاقية”، وذلك باعتبارها الجهة المكلفة بإعمال الدستور وضمان حماية الحقوق والحريات، داعية إلى مراجعة هذا النهج لضمان معالجة أكثر فعالية ونجاعة للقضايا الاجتماعية والحقوقية، بما يحترم التزامات المغرب الدولية.

وفي الوقت نفسه، أشارت الرابطة الحقوقية إلى أن المؤسسة الأمنية شهدت خلال السنوات الأخيرة تطورا واضحا من حيث الاحترافية والتحديث واحترام القانون، معتبرة إياه تطور إيجابي يستوجب تثمينه والبناء عليه، غير أنه “يظل رهينا بمدى اتساق القرارات السياسية مع المقاربة الحقوقية، أو بمدى توفير ضمانات المحاسبة ومنع الإفلات من الانتهاكات الفردية”.

ضعف مؤسسات الوساطة

وسجلت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، خلال تقريرها السنوي حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2025، تراجع الثقة في مؤسسات الوساطة التقليدية، المتمثلة في المجلس الوطني لحقوق الإنسان، معربة عن قلقها “من ضعف انفتاح المجلس على المنظمات الحقوقية المستقلة، واقتصار مقاربته على اتجاه سياسي واحد، الأمر الذي مش بحياده ومصداقيته لدى جزء واسع من الحركة الحقوقية”، وفقا لتعبيرها.

وفي غضون ذلك، أشارت إلى “انتقادات عدد من المنظمات الوطنية والدولية لمحدودية تدخلات المجلس الوطني لحقوق الإنسان في بعض الملفات” واصفة إياها “بالحساسة”، و”ضعف قدرته على رصد الانتهاكات الميدانية”، فضلا عن “غياب مبادرات فعّالة في قضايا السجون وحرية التعبير، وتقصير واضح في حماية المدافعين عن حقوق الإنسان”.

وشددت الرابطة على “هيمنة منطق الاصطفاف السياسي داخل المجلس السالف الذكر، أدى إلى تقلص مساحة التعددية، وإضعاف دوره في الوساطة والتقصي بل وخلق شعوراً لدى جزء من المجتمع المدني بأن المجلس أصبح أقرب إلى مؤسسة استشارية حكومية منه إلى هيئة مستقلة لحماية حقوق الإنسان”.

الحق في السكن

كشفت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، في ثنايا ذات التقرير، عن أن الحق في السكن اللائق يعد أحد أبرز التحديات الحقوقية خلال السنوات الأخيرة

وفي هذا الصدد، رصدت الرابطة توسعا في عمليات هدم المنازل والبيوت في عدد من المدن والأحياء، بما فيها مساكن يتوفر أصحابها على ملكيات قانونية، دون توفير بدائل سكنية لائقة، وقالت إن ذلك “يتم دون ضمانات إدارية أو اجتماعية كافية”.

إلى جانب ذلك، سجلت الرابطة استمرار وجود آلاف الأسر التي لم تستفد من برامج إعادة الإيواء، وخاصة ضمن برنامج مدن” بدون صفيح ” الذي عرف “تعثراً واضحاً”، رغم مرور سنوات على إطلاقه.

ومن أبرز المدن والأحياء التي سجلت فيها “انتهاكات” و”اختلالات”، مدينة الدار البيضاء، بالضبط بمنطقة عين السبع، ومدينتي الرباط وسلا، بالإضافة إلى مدينة القنيطرة، خاصة أحياء عين السبع المخاليف، بئر الرامي، الحنشة، أولاد موسى، العصام .

وذكرت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان إلى أن هذه الوضعية تمس الحق في السكن اللائق كما ورد في المادة 11 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحق في الأمن الشخصي والاستقرار الأسري، والحق في الكرامة الإنسانية.

وذكر المصدر نفسه أن أي عملية هدم يجب أن تراعي مبادئ الضرورة، التدرج، والبدائل المتاحة، وعليها أن تنفذ في إطار ضمانات قانونية واضحة وعن طريق استشارة السكانىواحترام حقوقهم الأساسية.

الحق في الماء

ولاحظت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، استمرار “تدهور الوضع المائي في عدة مناطق قروية وشبه حضرية”، وقالت إن ذلك “واقعاً يومياً يحد من قدرات السكان على الولوج إلى هذا الحق الحيوي”.

وأشارت إلى أن “بعض الجهات تشهد تقنيناً صارماً للتزود بالماء، بينما تعاني أخرى من انقطاع مستمر وضعف البنية التحتية لتخزينوالمياه وتوزيعها”

واعتبرت الرابطة أن هذا الوضع يمثل “تهديدا مباشرا” للحق في الماء كما تنص عليه اللجنة الأممية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في التعليق العام رقم 15، الذي يعتبر الماء حقاً أساسياً لا يمكن المساس به ويُلزم الدول باتخاذ خطوات عملية لضمانه.

تراجع حرية التعبير

سجلت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، ضمن تقريرها السنوي لعام 2025، “تراجع حرية التعبير في المغرب”، مشيرة إلى استمرار المتابعات القضائية ضد صحافيين ونشطاء بسبب آرائهم ومنشوراتهم الإلكترونية.

وسُجل في هذا السياق استمرار استعمال فصول جنائية غير ملائمة لمثل هذه القضايا، إلى جانب استهداف صحافيين ونشطاء عبر حملات تشويه ممنهجة.

ترى الرابطة أن الحكومة تتحمل جانباً رئيسياً من مسؤولية هذا التدهور، سواء في تعطيل التنظيم الذاتي للصحافة، أو في التوسع في استعمال المساطر الجنائية ضد حرية التعبير، أو في عدم توفير إطار قانوني لحماية الصحافيين والمبلغين.

وشددت الرابطة على أن هذه “الانحرافات” تشكل مخالفة واضحة لالتزامات المغرب الدولية، وخاصة توصيات اللجنة الأممية لحقوق الإنسان والمقرر الخاص المعني بحرية التعبير، التي تشدد على منع أي تدخل سياسي أو أمني في العمل الصحافي.

كما أكدت أن الالتزامات الدولية للمغرب تُلزم الدولة بتأمين بيئة إعلامية حرة ومستقلة، وتجنب أي تدخل سياسي في ضبط حرية الصحافة، وتحقيق التوازن بين محاربة الجرائم الإلكترونية وحماية الفضاء العام من القيود غير المشروعة.

كما سجلت الرابطة أن استمرار المتابعات السابقة ضد الصحافي حميد المهداوي يضر بمصداقية الدولة في حماية الصحافيين المستقلين، ويُعمق فجوة الثقة بين الإعلام والعدالة.

تبعا لذلك، أوصى المصدر نفسه بتنظيم انتخابات ديمقراطية عاجلة للمجلس الوطني للصحافة، باعتباره الإطار المؤسساتي الوحيد لضبط أخلاقيات المهنة، واستعادة استقلالية التنظيم الذاتي، انسجاما مع معايير اليونسكو والآليات الأممية.