story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
بيئة |

في ظل استمرار الجفاف.. خبير بيئي يدعو لاستراتيجية تكيف عاجلة

ص ص

يشهد المغرب خلال الأسابيع الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في درجات الحرارة، شمل حتى المناطق الشمالية المعروفة تقليديا بمناخها المعتدل.

فيما اعتبر الخبير المغربي بمجال البيئة جمال أقشباب، في حديث مع الأناضول، أن موجات الحر التي تشهدها البلاد لم تعد ظاهرة موسمية عابرة بل بنيوية وهيكلية، وتعمل على استفحال ظاهرة الجفاف والعجز المائي المستمرة.

وأكد أن هذا يستدعي من الحكومة العمل على إعداد استراتيجية عاجلة للتكيف مع الظروف المناخية القاسية، والتغلب على الجفاف والعجز المائي.

وخلال تقديم تقرير “حالة المناخ بالمغرب لسنة 2024” قبل أيام، قال المدير العام للمديرية العامة للأرصاد الجوية محمد الدخيسي، إن درجات الحرارة بالبلاد ارتفعت في الأسابيع الأخيرة بما يزيد عن 10 درجات مئوية مقارنة بمعدلات موسمية طبيعية.

أسباب الظاهرة

وتعقيبا على ذلك، قال أقشباب إن “المملكة تشهد هذا الصيف موجة حر غير مسبوقة، شملت حتى المناطق الشمالية المعتدل مناخها عادة”.

وحول أسباب الظاهرة، أوضح أنها مرتبطة بعدة عوامل مثل الاحتباس الحراري نتيجة التلوث الصناعي، والرياح الصحراوية الجافة القادمة من الشرق والجنوب.

إضافة إلى التراجع في مساحات الغابات والغطاء النباتي بسبب سنوات الجفاف المتوالية، والذي يتسبب في فقدان الأرض قدرتها على تبريد نفسها، وفق الخبير البيئي.

وتابع أقشباب: “من بين أسباب الظاهرة كذلك القبة الحرارية، وتعني تمركز مرتفع جوي قوي يمنع صعود الهواء الساخن ويحبسه قرب سطح الأرض، مما يؤدي إلى تراكم الحرارة”.

وترافقا مع الارتفاع المسجل في درجات الحرارة، حيث كان عام 2024 الأكثر سخونة في تاريخ المغرب وفق المديرية العامة للأرصاد الجوية، أصبح الجفاف ملازما للبلاد حيث يضربها للسنة السابعة على التوالي.

وينعكس الجفاف بتداعيات سلبية على اقتصاد المغرب، لا سيما قطاع الزراعة، الذي يُشكل العمود الفقري للناتج المحلي، ويوفر مصدر دخل لنحو 40 بالمئة من اليد العاملة، وفق بيانات وزارة الفلاحة.

انعكاسات سلبية

ومتحدثا عن تلك الانعكاسات السلبية لارتفاع درجات الحرارة، قال أقشباب إن تلك الظاهرة تزيد من معدل تبخر المياه السطحية في السدود والأنهار والبحيرات، وتضاعف الضغط على الموارد المائية المحدودة خلال فصل الصيف، مما يفاقم مشكلة العجز المائي في عدة مناطق.

كما يؤدي ارتفاع الحرارة، وفق الخبير البيئي، إلى تدهور الغطاء النباتي وازدياد خطر اندلاع الحرائق، خصوصا في مناطق الواحات والغابات شمال البلاد، بسبب تضافر الحرارة المرتفعة والرياح الجافة ونقص الرطوبة.

وبمواجهة أزمة الجفاف المتصاعدة، أعلن وزير المياه نزار بركة في يونيو الماضي إطلاق مشاريع جديدة لمواجهة تحديات ندرة المياه، من بينها بناء 16 سدا قيد الإنجاز حاليا ستوفر قدرة تخزين تصل إلى 20 مليار متر مكعب، إلى جانب الإعداد لإطلاق 3 سدود جديدة.

كما أشار بركة في كلمة أمام مجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان)، إلى مشروع الربط المائي بين مناطق الوفرة والندرة.

ولفت بهذا الصدد إلى أنه جرى الربط عبر قنوات وأنابيب ضخمة بين نهري “واد لاو” و”سبو” شمال البلاد مع نهري “أبي رقراق” (غرب) و”أم الربيع” (شمال).

ولمواجهة الندرة الحادة بمياه الشرب تعمل الحكومة كذلك على مشاريع لتحلية مياه البحر، بهدف ضمان تزويد نحو 50 بالمئة من السكان بالماء الصالح للشرب، في جميع الظروف المناخية، وفق الوزير.

ويمتلك المغرب حاليا 149 سدا كبيرا، تشكل العمود الفقري لاستراتيجية البلاد المائية، وتسهم في الري وتوفير مياه الشرب وتوليد الكهرباء.

استراتيجية للتكيف

وفي هذا الصدد، شدد أقشباب على ضرورة اعتماد استراتيجية وطنية عاجلة وفعالة للتكيف مع التغيرات المناخية، تشمل تعزيز الزراعة الذكية والمقتصدة للمياه، والتقليل من الزراعات المستنزفة.

كما دعا إلى تخزين المياه في الكثير من المناطق التي لا تتوفر على سدود.

وقال: “حان الوقت لتخزين الموارد المائية المتأتية من الأمطار، خاصة أن ارتفاع الحرارة ببعض المناطق يصاحبه أمطار عاصفية، تتطلب التخزين من خلال سدود متوسطة الحجم وتَليّة (سد صغير يُبنى عند منحدر تلي) وصهاريج”.

وفي تصريحاته خلال تقديم تقرير “حالة المناخ بالمغرب لسنة 2024″، قال الدخيسي إن البلاد سجلت في العام الماضي عجزا مطريا متوسطا بنسبة 24.8 بالمئة، ما يعكس استمرار ظاهرة الجفاف.

وتابع الدخيسي: “رغم ذلك، شهدت بعض المناطق أمطارا قوية، خصوصا في سلسلة جبال الأطلس، والجنوب الشرقي، والجهة الشرقية، لا سيما خلال شهر شتنبر 2024، غير أن هذه التساقطات لم تكن كافية لتغيير الاتجاه العام”، وفق المسؤول ذاته.

وأشار إلى أن هذه الظواهر المناخية القصوى تسببت في فيضانات مفاجئة وخسائر بشرية، كما أدّت إلى الظهور المؤقت لبحيرة إيريكي (جنوب شرق المغرب) بعد أكثر من خمسين عاما من الجفاف الكامل.

*الأناضول