القصة الغريبة لتأسيس شركة أديداس للملابس الرياضية

تردد كثيرا في المغرب خلال العام الماضي 2024 إسم شركة “أديداس” الألمانية لصنع الملابس الرياضية، بعد أن أطلقت مجموعة من القمصان تحمل اللمسة المغربية، وذلك تكريما للصناع التقليديين المغاربة، واعترافا بالثراث الثقافي المغربي.
وهكذا حملت هذه القمصان أسماء مدن مغربية، وتعريفا بتاريخ المملكة الفني، ولوحات تراثية وعمرانية عن المغرب بمتاجرها في أنحاء العالم، وذلك بموجب اتفاق قانوني وقعته وزارة الثقافة المغربية مع شركة أديداس للملابس الرياضية بعد مفاوضات دامت أشهرا عدة، وستستفيذ مجموعة من التعاونيات والحرفيين المغاربة من عائدات مالية مهمة مقابل تصاميم القمصان.
شركة “أديداس” العريقة والدائعة الصيت عبر العالم ربما من الناذر أن تجد شخصا يعيش في عالمنا المعاصر لم يسمع بإسمها، إذ أن جلنا سبق له أن ارتدى شيئا من منتوجاتها المتنوعة، لكن قليل من يعرف تاريخ نشأتها وتفاصيل بدايات صاحبها الذي أسسها من الصفر ، وكيف قاومت الإفلاس في فترات صعبة من تاريخ البشرية، وكيف حققت كل هذا الإنتشار وهذه السمعة الجيدة لدى كل مستهلكي العالم.
المؤسس إسكافي ألماني
بعد عودته من الحرب العالمية الأولى، بدأ مواطن ألماني إسمه أدولف داسلر وكان لقبه المختصر “أدي” بإنتاج وصناعة بعض الأحذية الرياضية في منزل في مدينة والدته ”Herzogenaurach“ الواقعة في منطقة بافاريا، وبعد أن لاقى بعض النجاح البسيط، التحق به شقيقه رودولف الملقب ب “رودي”. وقد أطلق هذا الثنائي على منتوجهما اسم ”Gebrüder Dassler Schuhfabrik“، والذي يعني ”مصنع الإخوة داسلر للأحذية“.
وعندما تم تنظيم الألعاب الأولمبية في مدينة ميونيخ الألمانية في صيف سنة 1936، قرر ”أدي“ أن يقوم بإنتاج الأحذية الرياضية ذات المسامير في أسفلها لصالح الرياضيين المتنافسين كطريقة للترويج لمنتوجه، كما أنه سعى بقوة حتى لإقناع العداء البطل آنذاك الأمريكي ”جيسي أوينز“ من أجل اقتناء زوج من تلك الأحذية (وهو الأمر الذي يعتبر أول عملية تمويل استفاد منها رياضي أمريكي من أصول أفريقية في التاريخ).
وقد بدأ سمعة المنتوج في الإنتشار عندما حصد به العداء ”أوينز“ في تلك المسابقة أربعة ميداليات ذهبية (وهو ما تسبب في كرب كبير لهتلر)، ارتفع الطلب على الأحذية الرياضية من صنع الأخوين داسلر ليبلغ مستويات خيالية، ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، كان الأخوان داسلر يبيعان سنويا مائتي زوج من الأحذية الرياضية.
تأثيرات الفترة النازية
في منتصف سنة 1930، التحق كلا من الشقيقين بالحزب النازي (على الرغم من أن رودي كان أكثر حماسا حول هذا الحزب ودعمه له)، وبينما بقي أدي للسهر على نمو الشركة، تطوع رودي للتجند في الجيش الألماني.
اقتنع رودري بعد ذلك، ولأسباب مجهولة بأن شقيقه أدي قد تواطأ مع ضباط ساميين في الجيش النازي من أجل إرساله إلى جبهة القتال في بولونيا، وبعد أن تم أسره من طرف جنود أمريكيين وتوجيه عدة تهم له من بينها تهمة الإنتماء إلى وحدات القتال النازية سيئة السمعة، إقتنع بعد ذلك أيضا أن شقيقه هو من أطاح ووشى به.
بعد أن وضعت الحرب أوزارها، وعلى الرغم من أن هذين الشقيقين كانا يقيمان في نفس الفيلا، إلا أن الخلافات بينهما زادت حدة، فنشبت بينهما على إثر ذلك منافسة شرسة بعد تأسيس رودي لشركة أحذية رياضية خاصة به سنة 1947.
إنتشر خبر الخلاف والمنافسة ليعم أرجاء المدينة التي كانا يقطنان بها، وبدأ سكانها يظهرون إلى أي جانب ينحازون من خلال ارتدائهم لمنتوجاته، كما انتقلت حدة هذا الخلاف إلى هؤلاء السكان الذين انشقوا لفريقين، واحد يساند أدي والآخر رودي، وكان الخلاف حادا بين أوساط العامة لدرجة أن أنصار أدي لم يكونوا يطيقون حتى التحدث إلى أنصار رودي، رغم انهم جميعا من حي واحد.
شركة وشعار جديد
سنة 1949 أسس أدولف داسلر شركة جديدة للأحذية الرياضية وسماها “أديداس” وجمع الإسم بين اللقب المختصر “أدي” والحروف الأولى للقب العائلي “داسلر”، كما اختار شعارا غاية في البساطة وهو الشرائط الثلاثة الشهيرة The Three Stripes، وأراد داسلر من هذه الشارة شيئا يمكن تذكره بسهولة وربطه بشركته عندما لبس الرياضيون ماركته تلك في فعاليات المسابقات الرياضية الدولية، وقد كانت تلك فكرة رائعة وبسيطة، فكرة تخصيص جزء من قسم شركته من أجل الرياضة والرياضيين، ومنذ ذلك الحين أصبحت أديداس ذات الأشرطة الثلاثة جزءا لا يتجزأ من عائلة أديداس.
وبعد أن داع صيت الشركة عبر العالم، بدأت شركات أخرى تظهر في السوق لمنافسة شركة أديداس العالم آنذاك، وأبرزها الشركة الفنلندية الأصل ”Karhu Sports“، لكن سرعان ما أرهقها نقص التمويل بسبب الحرب العالمية الثانية، مما دفع صاحبها إلى بيعها إلى الشركة المنافسة ”أديداس“ مقابل مبلغ يعادل في أيامنا هذه مبلغ 2081.52 دولارا وزجاجتي ويسكي.
كما أسس رودي شقيق أدي بتأسيس شركته الخاصة هو الآخر لينافس بها شقيقه أدي، والتي أطلق عليها اسم ”رودا“ في بادئ الأمر، ثم قام بتغيير الإسم لاحقا إلى ”بوما Puma“ لكنها لم تحقق إلا انتشارا صغيرا مقارنة مع شركة شقيقه أديداس التي أبقت على علامتها ذات الشرائط الثلاثة ولم تتخل عنها أبدا، وقد عرفت شركة أديداس للألبسة علامتين كبريتين على مر تاريخها.
كان أولها، هو ”البرسيم“ Trefoil ثلاثية الأوراق، التي تم طرحها في سنة 1971، عندما قامت شركة الألبسة الرياضية هذه بإنشاء فرع البدلات الرياضية، وقد كان يراد منها أن تمثل تعدد فروع الشركة أو الماركة عبرلا ربوع العالم.
أما العلامة الثانية، فقد تم طرحها في سنة 1997، والتي تم تصميمها من طرف مدير قسم الإبتكارات والإبداع ”بيتر مور“، والتي قامت بضم الأشرطة الثلاث في علامة أيقونية واحدة بسيطة، وقد تم إضافة بعض من الرمزية إلى هذه الخلطة، مع كون العلامة الجديدة تمثل شكل جبل وتضمنت العبارة التالية:
“The challenge to be faced and the goals to be achieved”
“التحدي الذي يجب مواجهته، والأهداف التي يجب تحقيقها”.