الفريق الاشتراكي ينسحب من ملتمس الرقابة ويحمّل المعارضة مسؤولية إفشاله

أعلن الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، عن توقيفه لأي تنسيق مع باقي أطراف المعارضة بخصوص ملتمس الرقابة ضد الحكومة، مشيرا إلى أن قرار الانسحاب راجع لعدم لمسه “لأية إرادة حقيقية وصادقة لإخراج المبادرة إلى حيز الوجود”، محمّلًا في الوقت ذاته، بعض مكونات المعارضة مسؤولية إفشال التنسيق.
وأوضح الفريق الاشتراكي، في بلاغ له الجمعة 16 ماي 2025، أن قرار الانسحاب راجع لعدم لمس الفريق “أية إرادة حقيقية وصادقة لإخراج المبادرة إلى حيز الوجود”، نتيجة ما وصفه بـ”الدخول في تفاصيل ذاتية وتقنية لا علاقة لها بالأعراف السياسية والبرلمانية المتوافق عليها والمعمول بها”.
وانتقد البلاغ الذي وقّعه رئيس الفريق عبد الرحيم شهيد، ما اعتبره “تشويشًا متعمّدًا على المبادرة من خلال التسريبات الإعلامية”، والتي قال إنها “تخدم أجندات ضيقة وتضلّل الرأي العام، وتُغرق المبادرة في الانتظارية وهدر الزمن السياسي، بعيدًا عن أخلاقيات التنسيق والتداول المسؤول بين مكونات المعارضة”.
وأوضح المصدر أن الفريق بادر إلى طرح موضوع ملتمس الرقابة، وتم الاتفاق في مرحلة أولى مع رؤساء الفرق والمجموعة النيابية المشكلة للمعارضة على الشروع في صياغة مذكرة تقديم الملتمس، وجمع التوقيعات اللازمة لتوفير النصاب القانوني المتمثل في خمس أعضاء مجلس النواب، غير أن الاجتماعات المتتالية لم تُفضِ إلى أي تقدم ملموس.
وأكد الفريق أن مجرد طرح فكرة ملتمس الرقابة “حرّك المياه السياسية الراكدة في البلاد”، حيث أثار اهتمامًا واسعًا من قبل الرأي العام والحكومة ومكونات البرلمان ووسائل الإعلام، غير أن “الإصرار على إغراق المبادرة في قضايا شكلية متجددة” كشف غياب الإرادة الحقيقية لتفعيلها.
وأشار البلاغ إلى أن المبادرة فقدت طابعها الديمقراطي التشاركي، وحلّت محلها “رؤية حسابية ضيقة” تبحث عن مكاسب سريعة، بعيدًا عن منطق التراكم والعمل السياسي المسؤول، ما دفع الفريق إلى اتخاذ موقف واضح يرفض “الاستخفاف بالآليات الرقابية الدستورية وعدم احترام انتظارات الرأي العام”.
وأكد أن “الوضوح في المواقف السياسية والتزام الجدية في العمل البرلماني والحزبي هو ما تفرضه معارضة مسؤولة، تسعى إلى مواجهة الاختلالات التي تطبع الأداء الحكومي سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا”، لافتا في المقابل، إلى استمراره كمعارضة اتحادية “واعية، يقظة، ومسؤولة” في أداء مهامه الرقابية وتتبع السياسات العمومية بما يخدم مصالح المواطنات والمواطنين، ويصون المصلحة العليا للوطن.
وفي السياق، أكد الفريق الاشتراكي، أن الولاية الحكومية الحالية تميزت بعدد من الاختلالات التي انعكست سلبًا على أداء الحكومة، وأسهمت في عرقلة الإصلاحات الكبرى ذات البُعد الاقتصادي والاجتماعي، كما ساهمت في الإخلال بالتوازن المؤسساتي الذي يكفله الدستور، من خلال “ممارسات متغوّلة” أدت إلى التضييق على المعارضة البرلمانية، وتملّص الحكومة من الرقابة، في ظل غياب متكرر لرئيس الحكومة وعدد من الوزراء عن جلسات المساءلة.
وأشار الفريق إلى أن هذه الممارسات أضعفت ثقة المواطنين في العمل السياسي، وأكدت “محدودية الحكومة في الوفاء بالتزاماتها الانتخابية وتعهداتها الحكومية”، ما دفع الفريق الاشتراكي إلى اقتراح لجوء المعارضة إلى تفعيل آلية ملتمس الرقابة، في إطار الفصل 105 من الدستور، منذ نهاية سنة 2023.
وأوضح البلاغ أن هذه المبادرة تم تثبيتها في التقرير السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المقدم أمام المجلس الوطني للحزب في 27 يناير 2024، ليبدأ الفريق الاشتراكي بعدها تنسيقًا مع مكونات المعارضة حول الخطوة، رغم وعيه بأن تحقيق الأغلبية المطلقة المطلوبة لإسقاط الحكومة غير ممكن في السياق الحالي.
وتابع أن الهدف من هذه المبادرة لم يكن إسقاط الحكومة فقط، بل إطلاق نقاش سياسي عمومي مسؤول وهادئ، يعيد طرح التحديات الكبرى التي تواجه البلاد، ويسلط الضوء على الإصلاحات الضرورية لضمان استمرار المسار الديمقراطي والتنموي.
وفي هذا الصدد، أشار البلاغ إلى أنه تم الاتفاق خلال اجتماع لرؤساء الفرق والمجموعة النيابية، يوم 4 أبريل 2024، على إصدار بلاغ يعلن تفعيل الملتمس، إلا أن المبادرة وُئدت بعد أن خرج أحد أطراف المعارضة ليعلن رفضه التنسيق بشأنها، في خطوة اعتبرها الفريق ضربًا لوحدة العمل المشترك.
وفي سياق دعم التنسيق المعارض، أعلن الفريق الاشتراكي أنه انخرط، بداية أبريل 2025، في مبادرة طلب تشكيل لجنة تقصي الحقائق حول ملف دعم المواشي، رغم استحالة تفعيلها في ظل المعطيات الراهنة، مؤكدًا أن الغاية منها كانت فتح نقاش عمومي لتنوير الرأي العام، وتعزيز استثمار الآليات الرقابية المتاحة للمعارضة.