story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

الغزيون المقيمون في المغرب.. فرحٌ حذر بهدنة حرب أنهكت القلوب

ص ص

من خلف الشاشات، ومن خلال خطابات المقاومة ومقاطع الفيديو التي وثّقت لحظات القصف والدمار والتجويع والحصار، عاش الغزيون المقيمون في المغرب تفاصيل الحرب على وطنهم لحظة بلحظة، كانوا بعيدين جسدًا، قريبين وجعًا، يتنفسون أخبار الموت كما لو كانوا في قلب غزة نفسها.

عامان من القلق والانتظار، عامان من الحرب التي امتدت إلى وجدانهم رغم المسافات، وحين أُعلن فجر التاسع من أكتوبر 2025 عن اتفاق المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قضى ببدء وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، تنفّس الغزيون المقيمون في المغرب الصعداء.

لكنها لم تكن أنفاس ارتياح كامل، فقد اختلط الفرح بمرارة الخسارة، والأمل بالحذر من هدنةٍ قد لا تلبث أن تُبدَّد، فبين صدمة الحرب وفرحة النجاة، عبّر عدد من الغزيين المقيمين في المغرب عن مشاعر متباينة تراوحت بين الامتنان لوقف شلال الدم، والحزن على ما تبقى من وطنٍ مثخنٍ بالجراح.

فاطمة محمد أبو عمشة، باحثة في سلك الدكتوراه في القانون العام الدولي بالمغرب، عبّرت عن هذه الحالة بقولها إنها استقبلت الخبر بصدمة حقيقية يرافقها خوف مما بعد الهدنة، خصوصًا بعد فقدانها لوالدها وخالها خلال “الإبادة الممنهجة التي مورست على الشعب الفلسطيني”.

وأوضحت أبو عمشة في تصريح لـ“صوت المغرب”، أن العامين الماضيين كانا من أصعب الفترات نفسيًا وجسديًا ومعنويًا، قائلة: “في بداية الحرب فقدت بيتنا، ثم مدرستي، فمدينتي، وتوالت الخسارات إلى أن خسرت والدي وخالي، وكان ذلك الفصل الأصعب في هذه الإبادة.”

وأضافت الباحثة أن الهدنة الحالية ليست سوى فسحة قصيرة للحزن والتقاط الأنفاس، مشيرة إلى أن “الناس في قطاع غزة يعيشونها كفرصة لتفقد أحبّائهم بين الركام، ومحاولة استيعاب حجم الفقد والدمار الذي أصابهم.”

ولفتت إلى أن هذه المرحلة تُعد من أصعب المراحل التي يمر بها أهل القطاع، إذ يحاولون التعايش مع واقع قاسٍ تركته الحرب خلفها، مبدية أملها في أن “تستمر الهدنة على خير وأن ينعم أهل غزة بالكثير من السلام والأمان.”

وختمت أبو عمشة حديثها بالتأكيد على أن “غزة، رغم كل ما مرت به، ستظل أرض الحياة والأمل”، مضيفة:“نستعد الآن لزيارة عائلتنا في القريب العاجل على أرض قطاعنا الحبيب، الذي سيبقى رغم كل شيء رمزًا للصمود والكرامة.”

من جانبه، قال الفنان أنس نبيل أبو عيطة، أحد أفراد الجالية الغزية المقيمة في المغرب، إن خبر وقف إطلاق النار في غزة أثار في نفسه مشاعر متضاربة بين الفرح والحزن والخوف والتوتر، بعد عامين من الحرب والمعاناة التي عاشها القطاع.

وأوضح أبو عيطة، أن الغزيين المقيمين في الخارج عاشوا الحرب بقلوبهم وعقولهم، مضيفًا: “منذ أن بدأت الحرب لم يغمض لنا جفن، ولم نعرف طعم النوم أو الراحة، كنا نعيش الأرق والقلق ليل نهار، أجسادنا منهكة، لكن عقولنا يقِظة تفكر بأهلنا هناك.”

وأشار الفنان الغزي إلى أن الخبر بوقف الحرب مثّل لحظة انتظار طويلة امتزجت بالأمل والحذر، مبرزًا أن “همّنا الأول كان أن يتوقّف شلال الدم بأي وسيلة، وأن يعيش أهلنا بحرية وأمان وكرامة دون خوف ولا جوع، مثل كل شعوب الأرض.”

وأضاف أن الشعب الفلسطيني “شعب يستحق الحياة، لأنه وُلد تحت القصف وعاش الموت والحصار لأكثر من ثمانية عشر عامًا”، مشددًا على أن “هذه الحرب لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، لكننا باقون رغم الألم.”

ولفت أبو عيطة إلى أن سكان القطاع عاشوا سنتين من الويلات والنزوح والمعاناة، فقدوا خلالها أحباءهم وبيوتهم، قائلاً: “لا ندري هل نفرح بانتهاء الحرب أم نحزن على بيوتنا التي دُمّرت وذكرياتنا التي ضاعت، لكن يكفينا أن شلال الدم توقف، وأن هناك بصيص أمل في أن تعود الحياة تدريجيًا كما كانت، بل أجمل بإذن الله.”