العيناوي.. ابن بطل التنس يلاحق مجده في ملاعب كرة القدم

داخل معسكر المنتخب الوطني المغربي الأول بمركب محمد السادس لكرة القدم، كانت الأعين مركزة كالعادة على الوجوه المألوفة من نجوم “أسود الأطلس”، لكن عدسات الكاميرات التقطت لاعبًا شابًا، حديث الانضمام بكتيبة المدرب وليد الركراكي، يتنقل بين زملائه بابتسامة هادئة وشيء من الحياء، الأمر يتعلق باللاعب نائل العيناوي، المنتقل حديثا لنادي روما الإيطالي.
تعتبر هذه المشاركة، هي الأولى لمتوسط ميدان نادي “الذئاب” الإيطالية، مع منتخب أسود الأطلس، حاملاً معه قصة عائلية ورياضية تثير الفضول والإعجاب معًا.
لم يكن المشهد عاديًا، فالشاب الذي ولد في مدينة نانسي الفرنسية عام 2001، ليس سوى ابن أسطورة التنس المغربي والعالمي يونس العيناوي، الذي خطف الأضواء في ملاعب الكرة الصفراء مطلع الألفية الحالية، غير أن الابن اختار طريقًا مختلفًا، وبدل المضرب، حمل المستديرة بين قدميه، ليشق مسارًا خاصًا به، بعيدًا عن ظل والده وإن كان فخورًا بإرثه العائلي.
طفولة بين التنس والكرة
منذ ولادته في فرنسا، تنقل نائل العيناوي مع عائلته إلى بلدة “غافا” الصغيرة قرب برشلونة بإسبانيا، حيث لمس الكرة لأول مرة وهو في الرابعة من عمره ضمن إحدى الفرق المحلية.
وفي هذه المرحلة كان نائل يعيش بين عالمين رياضيين مختلفين، التنس حيث لامس والده سماء النجومية لسنوات، وكرة القدم التي أسرته بالكامل، وحينما يُسأل عن سر شغفه بالمستديرة يقول “لا أعرف من أين جاء حبي للكرة، فالعائلة كلها كانت مشغولة بالتنس، لكنني اخترت المستطيل الأخضر”.
عادت العائلة سنة 2009 إلى مدينة نانسي بفرنسا، وهناك ستبدأ الرحلة الرياضية للطفل نائل، حينما التحق بمركز تكوين نادي نانسي، حيث أظهر، على غرار والده، شخصية قوية وقيادية منذ سن مبكرة، حتى أنه حمل شارة قيادة الفريق الرديف في بعض المباريات وهو لم يتجاوز التاسعة عشرة، قبل أن يوقع على أول ظهور له مع الفريق الأول صيف 2021 أمام نادي تولوز.
ومع مرور الوقت، أثبت نائل نفسه في صفوف نانسي، ثم عاش تجربة صعود وهبوط مع النادي بعد نزوله للدرجة الثالثة، ليصبح بمثابة صمام أمان في خط الوسط، لاعب يقرأ اللعب ويضبط إيقاع المباريات بثقة تفوق عمره، ليلفت نضجه المبكر أنظار كشافة الدوري الفرنسي، وتأتي محطة مفصلية في مساره، بالانتقال إلى نادي لانس صيف 2023.

وعكس المتوقع لم تكن البداية سهلة مع “الآرتيسيين” حيث غاب عن النادي لخمس مباريات بسبب قرار إداري لكنه ما إن دخل التشكيلة حتى أثبت أحقيته، أهدافه الثمانية في موسم 2024/2025 لم تكن سوى تأكيدا على أنه وسط ميدان قادر على صناعة الفارق هجوميًا ودفاعيًا، فضلا عن مشاركته في دوري أبطال أوروبا مع نادي لانس التي كشفت عن لاعب لا يخشى المسارح الكبرى.
وبفضل تألقه، شهد صيف 2025 انتقاله إلى الدوري الإيطالي من بوابة نادي روما، في صفقة بلغت قيمتها 23.5 مليون يورو، قبل أن يحسم قراره النهائي بحمل قميص المنتخب الوطني المغربي.
المغرب أولًا
خلال الأشهر الماضية، كان مستقبل نائل الدولي محل جدل بين تمثيل المنتخب الفرنسي والمغربي، لكنه اختار الانضمام لأسود الأطلس بعد تواصل مباشر مع الناخب الوطني وليد الركراكي، الذي أشاد بإمكاناته ووصفها بأنها إضافة نوعية للمنتخب الوطني، خصوصًا على مستوى خط الوسط.
ومن جهته، عبر نائل العيناوي عن فخره الكبير بقرار حمل قميص المنتخب الوطني، قائلاً إنه “يشعر بسعادة كبيرة لتمثيل المغرب، وأنه مستعد للعمل بجدية لتقديم الأفضل أمام الجماهير المغربية”.

ومنح التحاق نائل العيناوي بالمنتخب الوطني فرصة لاكتشاف أجواء الكرة المغربية عن قرب، بدءًا بمركز محمد السادس لكرة القدم، الذي وصفه بالرائع الذي يتيح للاعبين، الاحترافية في كل التفاصيل.
وعلى أرض الملعب، يقدم نائل إضافة واضحة للمنتخب الوطني، بفضل قدراته في التحكم بإيقاع اللعب، استرجاع الكرة، وبناء الهجمات، بالإضافة إلى تمريراته الدقيقة وتسديداته القوية من خارج منطقة العمليات.
وسيكون ظهوره المرتقب في المباريات الدولية القادمة، بدءًا بمواجهة النيجر في ملعب الأمير مولاي عبد الله بعد تجديده، الجمعة 5 شتنبر 2025، ثم زامبيا، (سيكون) اختبارًا حقيقيًا لقدراته على التكيف مع أسلوب اللعب، وتحقيق التوازن المطلوب على مستوى خط الوسط لأسود الأطلس.
ويطمح نائل إلى أن يكون جزءًا من مشروع المنتخب الوطني الذي يسعى للتألق في بطولة كأس إفريقيا للأمم 2025 التي ستحتضنها ملاعب المملكة نهاية السنة الجارية، ونهائيات كأس العالم 2026، التي ستحتضنها الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، والمكسيك الصيف المقبل.