“الإنفلونزا الخارقة”.. طبيب يحذر من تسارع غير مسبوق في أعداد المصابين هذا الموسم – حوار
توقع الدكتور طيب حمضي، الطبيب والباحث المتخصص في السياسات والنظم الصحية، أن يشهد المغرب، على غرار باقي دول العالم، تأثيرات واضحة لانتشار ما تعرف إعلاميا بـ “الإنفلونزا الخارقة” أو “سلالة الإنفلونزا المتحورة”.
ونبه الدكتور حمضي من تسجيل تسارع كبير وغير مسبوق في أعداد المصابين مقارنة بالسنوات الماضية، مشيرا إلى أن هذا الانتشار المتزايد قد يؤدي إلى ضغط محتمل وكبير على المنظومة الصحية الوطنية نتيجة لتزايد الحالات التي تحتاج للرعاية.
في هذا السياق، يقدم الطبيب والباحث لصحيفة “صوت المغرب” تفاصيل شاملة حول هذه السلالة الجديدة، بما في ذلك أعراضها وطرق الوقاية اللازمة لتفادي العدوى.
ما سبب الانتشار السريع وتزايد عدد حالات الإنفلونزا في الوقت الحالي؟
ظهرت سلالة جديدة من فيروس الإنفلونزا، تسمى السلالة الفرعية K أو كما تسمى في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي “الإنفلونزا الخارقة”.
ينتشر هذا النوع من الإنفلونزا بسرعة؛ لأنه سلالة من فيروس الإنفلونزا الموسمية (A32) تراكمت فيها سبع طفرات جديدة خلال صيف 2025، مما يُميزها كثيرًا عن السلالة التي كانت منتشرة سابقا، من أبرز مخاطرها أنها تفلت من المناعة ضد فيروسات الإنفلونزا.
لوحظ انتقال مكثف للعدوى بين المراهقين والشباب والبالغين، ثم الأطفال وبقية السكان، حيث بدأت مواسم الإنفلونزا مبكرا في اليابان، والولايات المتحدة، بالإضافة إلى كندا وأوروبا وأماكن أخرى.
ويفاقم هذا الانتشار السريع لـ”الإنفلونزا الخارقة” من ضراوة سلالة “H3N2” المعروفة مقارنة بسلالة “H1N1”.
ما هي المخاوف التي يثيرها الانتشار المتزايد للإنفلونزا في المغرب؟
بانتظار الأرقام الرسمية من وزارة الصحة، نلاحظ تسارعا في حالات الإصابة بأعراض شبيهة بالإنفلونزا منذ منتصف نوفمبر، وقد ازدادت حدتها في الأيام الأخيرة.
ونتوقع كما هو الحال في دول أخرى في نصف الكرة الشمالي عددا أكبر بكثير من الحالات، وإصابات أشد، وحالات أكثر خطورة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر وهم كبار السن فوق 65 عاما، والمصابين بأمراض مزمنة في أي سن.
إلى جانب النساء الحوامل والأشخاص الذين يعانون من السمنة، ناهيك عن الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، والأطفال من عمر 6 أشهر إلى 5 سنوات مقارنة بالسنوات السابقة.
كما نتوقع ضغطا على النظام الصحي في الأسابيع المقبلة، مع ازدياد الغياب عن الأنشطة الاقتصادية والتعليمية.
هل المضادات الحيوية مناسبة لهذا النوع من الإنفلونزا؟
المضاد الحيوي لا يعالج الفيروسات المسببة بل يُستخدم لمكافحة البكتيريا يعني الجراثيم. ويصف الأطباء المضاد الحيوي فقط عندما تكون العدوى الفيروسية التي أصابت الجهاز التنفسي قد تسببت في حدوث عدوى بكتيرية ثانوية.
في هذه الحالة الطارئة فقط، يصبح استخدام المضادات الحيوية ضروريا لعلاج العدوى البكتيرية المتزامنة، غير أننا لاحظ أن مرضى الإنفلونزا يستخدمون أنواعا مختلفة من المضادات الحيوية عبر اقتنائها من صيدليات بشكل عشوائي ومن دون وصفة طبية، هنا قد يكون الأمر خطيرا.
وماذا عن مضادات الزكام؟
أصبحت بعض الدول تسحب مضادات الزكام بالفعل من السوق لاحتوائها على مكونات قد تكون خطيرة بشكل كبير، وبالتالي، الاستعمال العشوائي لهذا النوع من الأدوية قد لا يكون محمودا.
وفي حالة إذا كان هناك سعال حاد ، يجب استشارة الطبيب، أما في حال ظهور مضاعفات، يجب استخدام الأدوية المخصصة لذلك يصفها لنا الطبيب وليس شخصا ٱخر، وأما الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم فوق 65 سنة، إن أصيبوا بالعدوى عليهم التوجه إلى الطبيب قبل أن تتدهور حالتهم الصحية.
ما هي أبرز أعراض هذا المتحور؟
تبقى الأعراض الناتجة عن الإصابة بهذا المتحور الجديد مشابهة لتلك التي تسببها عادة الانفلونزا الموسمية الأخرى، تشمل ارتفاع في درجة الحرارة 39-40 درجة مئوية، قشعريرة، وصداع، سيلان الأنف، آلام في المفاصل والعضلات، بالإضافة إلى سعال جاف، إسهال أحيانا، قيء…
كيف يمكن الوقاية منها؟
يظل التلقيح ضد الانفلونزا الموسمية الوسيلة الأكثر فعالية للوقاية من هذا المرض، وخاصة الحالات الشديدة منها والوفيات.
لكن في حالة الإصابة، علينا أن نكون ملتزمون باتباع الإجراءات التالية للحد من انتشار الإنفلونزا، علينا أن البقاء في المنزل ونقلل من مخالطة الآخرين، وخاصة الفئات الأكثر عرضة للخطر.
كما يجب المحافظة على نظافة أيدينا بانتظام، سواء بالغسل أو باستخدام معقم كحولي، دون نسيان القيام بتهوية أماكن عيشنا بشكل جيد ومنتظم، والتجنب إرسال الأطفال الذين تظهر عليهم الأعراض إلى المدارس، بالإضافة إلى ارتداء الكمامة إذا اضطررنا إلى مخالطة الآخرين أو عند ظهور الأعراض علينا.
هل توفر اللقاحات الحماية ضد هذا المتحور الجديد؟
تتضمن لقاحات موسم 2025-2026 سلالة 32 القديمة، وليس السلالة التي ظهرت مؤخرا، ومع ذلك، تظهر البيانات الوبائية التي جمعت في المملكة المتحدة أن هذه اللقاحات لا تزال توفر بعض الحماية ضد الفيروس المنتشر، والأهم من ذلك، أنها توفر حماية قوية ضد الحالات الشديدة من المرض.
بالنسبة لمن لم يتلقوا اللقاح هذا العام، لا يزال هناك متسع من الوقت للتطعيم في أقرب وقت ممكن، وخاصة للفئات الهشة الأكثر عرضة للخطر، وتبدأ الحماية بعد أسبوعين من تلقي اللقاح.