“اعتقالات ليلية وتهم ثقيلة”.. تقرير يكشف “خروقات” في محاكمات “جيل Z”
رصدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في تقريرها الأولي حول “انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد حراك جيل Z وباقي الاحتجاجات”، ما وصفته بـ”الاعتقالات والمحاكمات بالجملة”، مسجلةً “سلسلة من الخروقات” التي مست حقوق المحتجين، وضمانات المحاكمة العادلة.
وقالت الجمعية إن الاعتقالات “الكثيفة والعشوائية” طالت المئات من المواطنين، بينهم عدد كبير من القاصرين، مبرزة أن “الاعتقالات تواصلت حتى بعد توقف الاحتجاجات في مدن مثل مراكش بمنطقة سيدي يوسف بن علي، والقليعة بإنزكان، ومكناس، خلال أيام 4 و5 و6 أكتوبر الجاري، وامتدت إلى غاية يوم 10 من الشهر نفسه”.
وأوضح التقرير الذي قدم في ندوة صحافية بالمقر المركزي للجمعية المغربية لحقوق الانسان الجمعة 24 أكتوبر 2025، أن “هذه الاعتقالات تمت في أوقات غير قانونية”، بين الثانية والخامسة صباحًا، ومن طرف “كومندوهات خاصة”، دون احترام حرمة المنازل أو تقديم إذن مكتوب.
وأشارت الجمعية إلى أن “محاضر الشرطة أُنجزت بسرعة قياسية، في مساس واضح بضمانات المحاكمة العادلة”، مضيفة أن هذه المحاضر تضمنت تهمًا جنائية خطيرة مثل “إضرام النار عمدًا في ممتلكات عامة وخاصة”، و”تهديد الأمن العام واستقرار المنطقة”، وهي التهم التي استُند إليها لإصدار أحكام قاسية بلغت 15 سنة سجنًا نافذًا في حق معتقلين من أيت اعميرة وتزنيت وتارودانت.
كما أوضح المصدر أن التهم الموجهة إلى باقي المحتجين أمام المحاكم الابتدائية ثقيلة بدورها، وتشمل “التظاهر غير المرخص له”، و”العصيان”، و”إهانة القوة العمومية”، و”التحريض على التجمهر”، وهي تهم تصل عقوبتها إلى خمس سنوات حبسًا.
كما سجل التقرير أن الاستماع للأطفال تم “دون حضور أوليائهم”، خلافًا لما ينص عليه القانون، بل إن بعض المحاضر تضمنت اعترافات موقعة من أطفال لا تتجاوز أعمارهم 12 عامًا، في انتهاك صارخ لاتفاقية حقوق الطفل.
ونبهت الهيئة الحقوقية إلى أن القاصرين لم يسلموا بدورهم من الملاحقات، إذ شملت لائحة الاتهامات ضدهم تهمًا مثل “العصيان” و”التحريض على ارتكاب جنح”، و”حيازة أسلحة”، و”إهانة موظفين عموميين”، و”تعييب ممتلكات عامة”.
وذكرت أن تقديم المعتقلين أمام النيابة العامة تم في ظروف صعبة، بحيث لم يتمكن أغلبهم من تنصيب محامين للدفاع عنهم، ولم تُخطر عائلاتهم باعتقالهم، لافتة إلى أن “العديد من المحاضر رفضت تضمين تصريحات المعتقلين بشأن تعرضهم للعنف أثناء التوقيف، رغم وجود آثار واضحة للضرب على أجساد بعضهم”.
وأفاد التقرير أيضا بوجود “حالات تحرش جنسي بشابات معتقلات”، خاصة داخل مخافر الشرطة بالرباط، إلى جانب توثيق حالات إهانات وعبارات حاطة بالكرامة الإنسانية أثناء الحراسة النظرية.
وفي غضون ذلك، أعربت الجمعية عن استغرابها من السرعة القياسية في إصدار الأحكام، التي وصفتها بـ”القاسية” و”الترهيبية”، مشيرة إلى أنها بلغت 15 سنة سجنا نافذا في بعض القضايا، واعتبرتها محاولة واضحة لـ”ردع المحتجين وإخماد الحراك الشعبي”.
ومن جانب آخر، سجل التقرير “استهداف النشطاء الحقوقيين وأعضاء الجمعية نفسها”، من بينهم أعضاء أدينوا بخمسة أشهر سجنًا نافذًا بسبب تضامنهم مع القاصرين المعتقلين.
وخلص التقرير إلى أن “الدولة اعتمدت مقاربة أمنية صارمة شملت مراقبة الفضاء العام والفضاء الرقمي معًا”، مشيرًا إلى أن “أول إجراء بعد توقيف المحتجين هو سحب هواتفهم وتفتيشها دون إذن قضائي، في خرق واضح للقانون ولحماية المعطيات الشخصية”.