أمريكا تشدد معايير حسن السيرة والسلوك قبل منح الجنسية الأمريكية

أعلنت خدمة الهجرة والجنسية الأميركية (USCIS) في غشت الجاري عن سياسة جديدة تضع شرط حسن السيرة والسلوك كمعيار محوري للتجنيس، حيث أكدت أن الحصول على الجنسية ليس مجرد امتياز قانوني، بل هو اندماج كامل في المجتمع الأميركي بما يتطلبه من مسؤوليات وولاء.
وأوضحت المذكرة أن حسن السيرة والسلوك لا يُقاس فقط بغياب الجرائم أو المخالفات، بل يشمل التقييم الشامل للسلوك العام ومدى الالتزام بالمعايير الأخلاقية والمساهمات الإيجابية داخل المجتمع.
واستندت السياسة الجديدة إلى المادة 316(a) من قانون الهجرة والجنسية واللوائح التنظيمية ذات الصلة، والتي تحدد معيار “رجحان الأدلة” في تقييم السمعة الطيبة.
ويعني ذلك أن القرار النهائي حول ما إذا كان المتقدم يستوفي شروط السمعة الطيبة يعتمد على ما إذا كانت الأدلة المقدمة تُظهر أن من المرجح أكثر أن المتقدم قد استوفى هذه الشروط، وبذلك، يقع عبء الإثبات على المتقدم نفسه، إذ يتعين عليه تقديم أدلة كافية لدعم ادعائه بأنه يمتلك سمعة طيبة، وليس مجرد غياب السلوكيات السلبية.
وميزت الوثيقة بين الموانع الدائمة والموانع المشروطة في تقييم حسن السيرة والسلوك، موضحة أن الموانع الدائمة، مثل القتل والجنايات المشددة والإبادة، لا تقبل الاستثناءات ولا يمكن تجاوزها، أما الموانع المشروطة، التي تشمل مخالفات مثل جرائم المخدرات، أو إدانتين بالقيادة تحت تأثير الكحول، أو التزوير، فيمكن تجاوزها إذا أظهر الشخص إصلاحًا أو تغييرًا في سلوكه.
وتعتمد السياسة الجديدة على منهج “الشمولية” (totality of circumstances)، والذي يعني أن الضباط في خدمة الهجرة والجنسية الأميركية (USCIS) مطالبون بتقييم المتقدمين على أساس مزيج من العوامل السلبية والإيجابية التي تشكل سلوكياتهم طوال فترة التقديم، إذ لا يكفي أن يكون الشخص قد تجنب ارتكاب الجرائم أو المخالفات فقط، بل يجب أيضًا أن يظهر سمات إيجابية تبرهن على أنه يستحق الحصول على الجنسية.
وأشارت المذكرة إلى السمات الإيجابية الواجب اعتبارها في التقييم مثل الخدمة المجتمعية المستمرة، ورعاية الأسرة، والتحصيل العلمي، كما أدرجت الاستقرار المهني، طول الإقامة القانونية، والالتزام بالضرائب ضمن مؤشرات حسن السيرة والسلوك.
وبالمقابل، شددت الوثيقة على التدقيق في السلوكيات السلبية التي قد لا تصل لحد الجريمة لكنها تخالف المعايير المجتمعية، حيث اعتبرت أن مخالفات المرور المتكررة أو السلوك العدواني قد تُضعف ملف المتقدم حتى وإن كانت قانونية من الناحية الشكلية.
وأولت السياسة الجديدة أهمية خاصة لإعادة التأهيل والإصلاح، فالمتقدم الذي ارتكب مخالفات يمكنه تقديم أدلة على توبته مثل تسديد الضرائب المتأخرة، أو الوفاء بالتزاماته الأسرية، أو الالتزام بأحكام المراقبة القضائية، ما قد يعزز فرصه في القبول.
كما أدرجت الوثيقة أن الإصلاح يمكن أن يشمل أيضاً أعمالاً إيجابية مثل توجيه الآخرين أو الإسهام في إصلاح من لديهم سلوكيات مشابهة، معتبرة أن هذه المبادرات دليل على التغيير الحقيقي، وقد يدعم إثبات حسن السيرة والسلوك رغم المخالفات السابقة.
والى جانب شروط التجنيس التي حدّدتها خدمة الهجرة والجنسية الأميركية بتركيزها على حسن السيرة والسلوك كمعيار أساسي للاندماج والولاء، تواصل الولايات المتحدة تشديد رقابتها في مجالات الهجرة والإقامة من خلال توسيع معايير التقييم لتشمل حتى الآراء والمواقف المعلنة على شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي هذا السياق، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء بأنها ستأخذ في الاعتبار أي توجهات “معادية لأميركا”، بما في ذلك تلك الواردة في منشورات على الشبكات الاجتماعية، لدى اتخاذها القرارات بشأن حق الإقامة في الولايات المتحدة.
وأفادت دائرة خدمات الهجرة والجنسية الأميركية التي تتولى النظر في طلبات الإقامة في الولايات المتحدة أو الحصول على الجنسية، بأنها ستوسع التدقيق في منشورات المتقدمين بالطلبات على الشبكات الاجتماعية.
وقال الناطق باسم الدائرة ماثيو تراغيسير في بيان إنه “ينبغي عدم منح مزايا أميركا لأولئك الذين يكرهون البلاد ويروجون لأفكار معادية لأميركا”، مضيفا “تبقى مزايا الهجرة بما فيها حق الإقامة والعمل في الولايات المتحدة امتيازا وليست حقا”.
ويتضمن قانون الهجرة والجنسية العائد إلى العام 1952 تعريفا لمعاداة أميركا ركز حينذاك بشكل أساسي على الشيوعيين.