story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
الصوت الواضح |

أراجيف الوزير الحلواني

ص ص

عشنا وشفنا وزيرا في حكومة “الكفاءات”، وليس أي وزير، بل الرجل الوصي على قطاع التربية والتعليم، يحتجّ بوثيقة يفترض أنها مصحّحة الإمضاء في “المقاطعة”، في مواجهة النموذج “7” المستخرج من السجل التجاري للمحكمة المختصة، وفصول قانون مدوّنة التجارة، وقانون تنظيمي بجلال قدره.

لا يعلم وزير التعليم أنه ببلاغه “الخفيف” يمسّ بواحدة من ركائز شفافية واستقرار المعاملات التجارية في السوق المغربية منذ أكثر من قرن، والمرجع الموثوق الذي تنطلق منه كل التعاقدات والمشاريع الاستثمارية والقروض البنكية… ولكي يتستّر السي برادة على فضيحته، تجرأ على محاولة هدم ركن أساسي من أركان الثقة المتبقية في السوق والاقتصاد المغربيين، بتشكيكه في حجّية وقيمة مستخرج السجل التجاري.

وعشنا أيضا وشفنا محسوبين على الصحافة ينشرون بيانات “تكذيب” ضد خبر صحيح نشره زملاؤهم، خلافا لكل مدوّنات السلوك ومواثيق الأخلاقيات والضوابط القانونية التي تؤطر حقّ الرد والتصحيح وتُلزم المؤسسات الصحافية الحقيقية، بعدم نشر بيانات الحقيقة الصادرة ضد زملائهم كي لا يمنحوا الباحثين عن التضليل وتزييف الواقع فرصة الالتفاف على القواعد المهنية والضوابط القانونية.

رحم الله زمنا كنت أمتنع فيه، وأنا مدير للنشر في جريدة ورقية وطنية، التأشير على إرسال العدد للطبع عندما أكتشف أن ضمنه مساحة إعلانية “باعها” القسم التجاري لجهة تريد ترويج بيان حقيقة ضد إحدى الصحف الأخرى.

نعم، رفضت أكثر من مرة تمرير هذه البلاغات حتى والمعنيّ بالأمر يعمد إلى نشرها في مساحة إشهارية يدفع مقابلها ب”طاي طاي”، فبالأحرى التدليس على القراء بمادة تحريرية تنفي ما لم تنشره الجريدة ولا تناولته من قبل…

إنه بالفعل زمن المسخ و”التشيطين” والصحافة التي تري نفسها مجرّد “سخّارة” عند من تعتبرهم أسيادها.

نعود إلى صديقنا الوزير محمد سعد برادة. فقد نسبت إليه عدد من المواقع والصفحات بلاغا، لا يحمل توقيعه، سواء المصحّح في “المقاطعة” أو غير المصحح. لكن بما أنه نُشر على نطاق واسع ولم يقم بنفيه فهو صحيح شكلا.

أما مضمونا، فهو بلاغ ماسخ تماما كممارسة بعض “الزملاء” العارية من الحياء.

الرجل لم يقدّم جوابا على جوهر السؤال حين واجهناه بوثائق رسمية تُظهر استمرار ظهور اسمه في النموذج “7” المستخرج من المحكمة التجارية للدار البيضاء، كمسير لإحدى الشركات الخاصة التي تربطه بها علاقة مباشرة، رغم توليه حقيبة وزارية.

بل اكتفى السي برادة بالقول إن استقالته “سارية المفعول داخل الشركة”. الله أكبر. صانع الحلويات يعتقد أن القواعد القانونية يشكّلها المرء كما يشكّل السكرّ الملوّن المعدّ ل”المصّاصات”. ويتخيّل أن ورقة يشهد موظف في المقاطعة بصحة توقيعها، تصبح لها حجّية فوق الوثائق الرسمية والقوانين والقوانين التنظيمية والدستور…

آ السي برادة، السجل التجاري الذي أحدثه المغرب قبل أكثر من 120 عاما لزرع بذور الشفافية في السوق ومعرفة التاجر من غير التاجر، يقنّنه اليوم نص يقال له مدوّنة التجارة. وهذه الأخيرة تقول في مادتها 60 ما يلي: “لا يحتجّ تجاه الغير إلا بالوقائع والتصرفات المقيّدة بصفة صحيحة بالسجل التجاري”.

أي أنك سيدي الوزير اليوم وبنص القانون، تمارس التجارة من موقع تدبيري، بشكل يتناقض مع القانون التنظيمي الخاص بأشغال الحكومة.

آه نسيت، هذا النص القانوني الذي يعتبر جزءا من الكتلة الدستورية نفسه لم يسلم من “اجتهادات” الوزير الحلواني.

بجرأة لا يملكها عتاة القانون الدستوري والقضاة المحنّكين، حاول السي برادة في بلاغه أن يوهمنا بأن هذا القانون استثنى الشركات التي يقتصر غرضها الاجتماعي على اقتناء مساهمات رأس المال.

وهذا إما جهل أو زيادة في العلم.

المادة 33 من القانون التنظيمي لأشغال الحكومة منعت بشكل صريح ومطلق الوزير من أي حضور في “أجهزة تسيير أو تدبير أو إدارة المنشآت الخاصة الهادفة إلى الحصول على ربح”، بل و”كل نشاط قد يؤدي إلى تنازع المصالح”.
فهل الشركات التي يتمثل غرضها الاجتماعي في اقتناء مساهمات رأس المال تبحث عن الأجر والثواب؟

الاستثناء الوارد في نهاية المادة 33 من القانون التنظيمي يتحدّث بوضوح، لمن يفهم العربية تاعربات، عن “الأنشطة التي ينحصر غرضها في اقتناء مساهمات في رأس المال وتسيير القيم المنقولة”.

أي أن القانون لم يمنع الوزير من الاستمرار في نشاطه كمستثمر، ولا أحد يقول بذلك، ومن حقه بيع وشراء الأسهم والحصص في الشركات. لكن الحضور في أجهزة التسيير والتدبير والإدارة” يظل محرّما وبالمطلق لأنه هو مناط التضارب في المصالح.
المادة 35 من القانون التنظيمي المتعلق بأشغال الحكومة، منحت الوزراء مهلة 60 يوما للخروج من حالات التنافي المنصوص عليها في هذا القانون، ابتداء من تاريخ التعيين في الحكومة.

وهذا الخروج من حالة التنافي لا يتم بتصحيح الإمضاء في “المقاطعة” كما يعتقد الوزير صانع المصاصات، بل بالخروج من مواقع التدبير في جميع المنشآت الخاصة التي تهدف إلى الربح. والطريقة الوحيدة لفعل ذلك وفقا لمدونة التجارة هي تحيين السجل التجاري، وهو ما لم يقم به برادة.

الوثائق التي صحّح الوزير إمضاءها ووزّعها على منابر السخرة، شأن شخصي وداخلي للأسرة أو الشركة، ولا تعنينا نحن “الأغيار” في شيء، لأننا عندما نتوجّه إلى السجل التجاري للاطلاع على وضعية الشركة، نجد اسم الوزير بشحمه ولحمه وتاريخ ميلاده وبطاقته الوطنية.

وهذا معطى يكفي، خاصة في سياقنا الفاسد وغير الديمقراطي، لإخلاء الساحة أمام هذه الشركة إذا تعلّق الأمر بتنافس حول صفقة، أو التساهل معها إذا تعلّق الأمر بموظف بسيط يعالج طلبا لهذه الشركة، فإذا به يجد اسم وزير ضمن مسيّريها الذين سيناقشون إجراءاته وقراراته.

هذه ليست قراءة صحفية ولا تأويلا فضفاضا، بل قاعدة مستقرة في اجتهاد محكمة النقض، التي اعتبرت أن حجية التقييد بالسجل التجاري “إنشائية في مواجهة الغير”، وأن أي تعديل أو تشطيب لا ينتج أثره إلا من تاريخ تسجيله الرسمي، كما هو الحال في قرار محكمة النقض (المجلس الأعلى) عدد 367 بتاريخ 5 أبريل 2006.

واجتهادات محاكم الاستئناف التجارية تنظر إلى النموذج “7” كتعبير رسمي عن واقع التسيير، وتُحمّل من يظهر فيه بصفة “المسير” ما يترتّب على هذه الصفة في مواجهة الأغيار.

وطالما كان اسم الوزير ظاهرا في النموذج “7” فهو بحكم القانون لا يزال مسيرا ظاهريا للشركة في نظر الأغيار والدائنين والمتعاملين، ولا يمكنه، ولا يمكن للشركة، الاحتجاج باستقالته الداخلية ضد أي طرف.

كما يمكن، نظريا، ترتيب مسؤوليات قانونية ومدنية على المسيّر الظاهر في النموذج “7”، اعتمادا على وضعه الرسمي الموثق.

فهل يعقل أن تترتّب المسؤوليات المدنية والتجارية ولا تترتّب المسؤولية السياسية المنصوص عليها في نص أسمى هو القانون التنظيمي؟

إذا كانت الاستقالة “سارية داخليا”، فما الذي منع تحيينها رسميا عبر السجل التجاري؟ هل هو إهمال إداري (تقصير بلغة القانون)؟ أم رغبة في الاحتفاظ بخيط خفيّ مع الشركة المعنية بصفقات الأدوية؟ أم رهان على أن الرأي العام لن ينتبه إلى التفاصيل التي تقرّر القانون من خلالها فصل السلطة عن المصالح الخاصة؟

إن النزاهة لا تُقاس بما يتم تداوله داخل جدران قاعات الشركات العائلية، بل بما هو منشور على الملأ داخل المؤسسات الرسمية التي تمنح المعاملات الاقتصادية ثقتها.

والقاعدة القانونية هنا صلبة: ما لم يتم تحيين السجل التجاري، تبقى المسؤولية قائمة، ويظل الاسم المنشور هو الحقيقة القانونية الوحيدة المعترف بها تجاه المجتمع.

وحتى يدرك الوزير الحلواني خطورة موقفه، نحيله على بحوث منشورة توضّح ما يترتّب عن عدم احترام مقتضيات السجل التجاري، عبر بيانات كاذبة أو مغلوطة، وكيف يحق لكل متضرر، المطالبة بتعويض على أساس المسؤولية التقصيرية وفقا للمادتين 77 و78 من قانون الالتزامات والعقود. بما أن “الأغيار” يمكنهم العودة على الشخص الذي يظهر في السجل التجاري كمسيّر ومطالبته بالديون والالتزامات الموقعة مع الشركة، فإن هذا الأخير يمكنه رفع دعوى ضد من أهمل التحيين من مسيّري الشركة… وهنا تبرز مسؤولية مدنية وأخرى زجرية.

شفتي كيف أنك “تغرّق الشقف” لأقاربك وشركائك السي برادة؟

التصحيح الوحيد الممكن والمقبول الآن بعد ثبوت خرق وازدراء قوانين المغرب، هو الاستقالة ورفع الحرج عن كل من رئيس الحكومة والملك اللذان شاركا في تعيينك..

عدا ذلك تمطيط يصلح مع عجين السكّر الملوّن، لا مع مؤسسات البلاد.