story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

والد معتقل ونجل مقاوم.. أحمد الزفزافي الذي رحل منتظراً حرية ابنه

ص ص

“رجائي منك يا ولدي: إذا غادرتَ السجن حياً زر قبري كل جمعة، وإن لم تستطع فادع لي بالرحمة”، كانت هذه وصية الزفزافي الأب لابنه ناصر قبل وفاته، يوم الأربعاء 3 شتنبر 2025، بعد صراع مع المرض.

غادر أحمد الزفزافي إلى دار البقاء بعد مسيرة حافلة بالنضال، عايش خلالها فترات استثنائية من تاريخ الريف، من أحداث 1959 و1984 إلى “حراك الريف” عام 2017، الذي كان محطة الفراق مع ابنه ناصر، المعتقل على خلفية أحداث الحراك الذي عرفته منطقة الريف، قبل أن يفارق الحياة ملتحقاً بأبيه وأخيه وجدّيه المقاومين.

من يكون أحمد الزفزافي؟

ينحدر أحمد الزفزافي أو “عيزي أحمد” كما يناديه محبوه، والمزداد سنة 1947، من قرية إزفزافن التابعة لقبيلة آيت ورياغل، وسط عائلة مقاومة، إذ كان والده محرر مراسلات الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي، كما رافق شقيقه محمد الزفزافي الخطابي في منفاه بالقاهرة.

أما جده من والدته فكان وزيراً للداخلية في “جمهورية الريف” التي أسسها محمد بن عبد الكريم الخطابي إبّان مقاومته الاستعمار الإسباني في شمال المغرب، بينما كان جده من والده صديقاً لوالد الخطابي (القاضي عبد الكريم).

عندما اندلعت أحداث الريف لسنة 1959، كان أحمد لم يتجاوز العشرين من عمره بعد. يحكي في حوار مع جريدة “أخبار اليوم” (المتوقفة عن الصدور): “رغم رفعنا العلم الأبيض فوق منازلنا، إلا أن القوات اقتحمتها جميعا دون استثناء”.

وكان يقول أيضاً: “لم يشفع لنا تاريخنا المليء بالمقاومة بحيث تعرضنا لجرائم حرب ضد الإنسانية فيها بقرت بطون الحوامل وحرقت البساتين، والقتل الجماعي. لكن تنساينا بسبب أخلاقنا دون أن نغفر، ثم جاءت أحداث سنة 1984، وبعدها سنة 2011 (حراك 20 فبراير)، صبرنا حتى عجز الصبر عن الصبر”.

وفي 2017، تظاهر سكان مدن الريف مع رفع مطالب اجتماعية واقتصادية بقيادة نجل أحمد، ناصر الزفزافي ورفاقه. وبعد اعتقال ناصر، أصبح أحمد صوتاً لابنه وورفاقه المعتقلين من أبناء الريف في الساحات العمومية والمنظمات الحقوقية داخل وخارج المغرب.

ولم يتوقف عن الدفاع عن براءة ابنه وشرعية مطالب الحراك، عبر تصريحاته الإعلامية ومشاركته في المسيرات والفعاليات المطالبة بالإفراج عن معتقلي الحراك.

وفي سنة 2018، استضاف البرلمان الأوروبي الذي مقره بروكسل، أحمد الزفزافي في اجتماع خصص لمناقشة حراك الريف. وقال الزفزافي في مداخلته أمام أعضاء البرلمان: “ندعو البرلمان الأوروبي إلى إيفاد لجنة لزيارة المعتقلين، ومدينة الحسيمة لاستجلاء الحقائق كما هي على أرض الواقع”.

وأوضح الزفزافي أنَّ هذه الدعوة “ليست من باب لَيِّ ذراع جهة ما، بل للتدخل من باب الإنسانية لنحظى بالأمن والأمان في الريف، والتعامل مع أبنائها بالمسؤولية اللازمة”.

وجراء الأحداث التي عرفتها منطقة الريف سنة 2017، حكم على نجله ناصر الزفزافي، إلى جانب عدد من رفاقه، بعقوبة سجنية لمدة 20 عاماً قضى منها حتى الآن 8 سنوات، ولا يزال يمكث وراء القضبان بإحدى سجون مدينة طنجة.

وبحسب إدارة السجن، فقد مُنح ثلاث تصاريح خروج استثنائية لزيارة والده أثناء مرضه، في يونيو 2021، ويناير 2024، وغشت 2025.

وعلى خلفية وفاة والده، سيغادر ناصر الزفزافي زنزانته، يوم الخميس 04 شتنبر 2025، بشكل استثنائي لحضور جنازة والده أحمد الزفزافي، الذي وافته المنية أمس الأربعاء، عن سن تناهز 78 سنة بعض صراع مع المرض، حسبما أكدته مصادر خاصة لصحيفة “صوت المغرب”.

وأضافت ذات المصادر، أن ناصر الزفزافي سيتلقى التعازي أمام المقبرة، حيث سيوارى جثمان الراحل الثرى بمقبرة المجاهدين بمدينة أجدير.

وأكد ابن الراحل، طارق الزفزافي، أن صلاة الجنازة على والده ستقام اليوم الخميس بمسجد العتيق بالمدينة، بعد صلاة العصر.

وفي ظل هذه الظروف الإنسانية الصعبة، تعالت الأصوات، في وقت سابق، مطالبة بإطلاق سراح ناصر الزفزافي، المحكوم بالسجن منذ أحداث الحراك، لتمكينه من الوقوف إلى جانب والده في هذه المحنة الصحية الصعبة.

وترافقت هذه المطالب مع دعوات تؤكد على ضرورة تغليب البعد الإنساني في التعامل مع الملف، ومناشدة السلطات مراعاة الظروف الخاصة التي تمر بها عائلات المعتقلين.

وكان الراحل أحمد الزفزافي قد وجه نداء هو الآخر، قبل وفاته، لتمتيع ابنه ناصر وباقي رفاقه بالحرية، إذ قال في إحدى تصريحاته، “أوجه ندائي إلى صناع القرار في هذه الدول، لإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، حتى يعم الارتياح سياسياً واجتماعياً، وهذا ما في استطاعتي قوله لأن الوضع الراهن يحتاج إلى ذلك، والسلام”.