ميداوي يُقر بصعوبة ولوج الجامعات المغربية للتصنيفات العالمية الكبرى

أقر عز الدين ميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، بصعوبة إدماج الجامعات المغربية في بعض التصنيفات الدولية الكبرى، مرجعًا ذلك إلى المعايير الصارمة التي تعتمدها هذه التصنيفات، خصوصًا في ما يتعلق بالبحث العلمي والموارد المالية والبشرية.
وقال ميداوي، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، الثلاثاء 24 يونيو 2025، إن تصنيفات الجامعات الدولية “متعددة، معقدة، ونسبية، وليست غاية في حد ذاتها، بل تشكل آلية لتحفيز الجامعات نحو التميز والتقدم”.
وأوضح الوزير أن أغلب التصنيفات الدولية الكبرى، مثل تصنيف شنغهاي، ترتكز على مؤشرات علمية وتقنية دقيقة تتطلب إمكانيات ضخمة، مشيرًا إلى أن “بعض الجامعات التي تحتل المراتب الأولى عالميا تتجاوز ميزانياتها 35 إلى 40 مليار دولار، في حين لا تصل ميزانية التعليم العالي بكامله في المغرب إلى هذا السقف”.
في المقابل، أكد ميداوي أن هناك تصنيفات دولية “في متناول الجامعات المغربية”، وأن عدداً منها بدأ يحقق حضورًا مشرفًا، مشيرًا إلى أن عدد الجامعات المغربية المصنفة دوليًا ارتفع من 3 فقط سنة 2017 إلى 11 جامعة اليوم.
وفي هذا الإطار، شدد الوزير على أن وزارته اتخذت عدة تدابير لتحسين أداء الجامعات وتصنيفها الدولي، على رأسها القانون الجديد للتعليم العالي، الذي يهدف إلى إحداث أقطاب جامعية جهوية قوية.
وكشف الوزير أن “قطب الرباط” سيكون أكبر قطب للتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في إفريقيا بأكملها، معبرًا عن يقينه بأن الجامعات المنضوية ضمن هذا القطب “ستعرف قفزة نوعية في التصنيفات بمجرد بدء النشر العلمي باسمه”.
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن القانون الجديد يمنح مكانة مركزية للبحث العلمي، من خلال التعاقد مع الجامعات وتوفير الدعم التقني والبشري والمالي اللازم، مبرزًا أن الوزارة أطلقت مشاريع كبرى لدعم هذا التوجه، من بينها مشروع شراكة مع المكتب الشريف للفوسفاط وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات، باستثمار يناهز مليار درهم، لدعم البحث والابتكار والارتقاء بترتيب الجامعات المغربية دوليًا.
وقال ميداوي، إن مسألة إدماج خريجي الجامعات في سوق الشغل لا يمكن فصلها عن السياق الاقتصادي العام، مشددًا على أن نسب البطالة في صفوف الخريجين “مسألة نسبية” تحتاج إلى قراءة دقيقة.
وأوضح ميداوي، أن الهيكل الوطني للتقييم التابع للمجلس الأعلى للتربية والتكوين، أنجز دراسة في سنة 2021 أظهرت تفاوتًا واضحًا في نسب الإدماج المهني بين مختلف مؤسسات التعليم العالي.
وحسب المعطيات الرسمية، فإن نسبة الإدماج المهني لخريجي مؤسسات الاستقطاب المحدود، مثل مدارس الهندسة والتجارة وكليات الطب، تفوق 90% خلال 18 شهرا بعد التخرج، فيما بلغت نسبة إدماج خريجي مؤسسات الاستقطاب المفتوح أكثر من 70%.
وأضاف الوزير أن التشغيل لا يرتبط فقط بالجامعة أو بالتكوين الأكاديمي، بل يتأثر أساسًا بعوامل اقتصادية كبرى، على رأسها نسبة النمو، قائلاً: “كلما ارتفعت نسبة النمو، ارتفعت معها فرص الشغل”، مؤكدا في المقابل أن الجامعة والتعليم العالي يظلان فاعلَين مركزيَين في خلق الثروة وتشجيع التشغيل الذاتي، وهو ما يندرج ضمن أهداف مشروع الإصلاح الشامل لمنظومة التعليم العالي.
وفي هذا السياق، شدد على أن القانون الجديد للتعليم العالي يمثل العمود الفقري لهذا الإصلاح، ويضع التشغيل في صلب أولوياته، حيث يتم توجيه مواده واستراتيجياته نحو تلبية حاجيات سوق الشغل على المستويات الوطنية والجهوية والدولية.
وأشار ميداوي إلى أن هذا الإصلاح شمل تحديث دفاتر الضوابط البيداغوجية، وإدخال أنماط تعليمية حديثة، تشمل التعليم بالتناوب، التعليم عن بُعد، والتعليم مدى الحياة.
وكشف الوزير عن إطلاق مشاريع مهيكلة تروم تعزيز إدماج الخريجين، من أبرزها، إحداث مراكز الابتكار البيداغوجي داخل الجامعات، وإنشاء مراكز تتبع الخريجين بشراكة مع الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل، وإطلاق النظام الوطني للطالب المقاول، الذي سيرى النور قريبًا، وإعداد النظام الوطني للطالب الرياضي والطالب الفنان.
وفي ما يتعلق بتقوية الكفاءات اللغوية لدى الطلبة، أعلن ميداوي عن تطوير منتوج وطني جديد في التكوين اللغوي، لتعويض النظام الحالي، سيمكن الطلبة من التمكن من اللغات الإسبانية، الفرنسية، الإنجليزية، إضافة إلى العربية والأمازيغية.
وأكد أن هذه المبادرات تندرج ضمن رؤية شاملة تراعي الاستراتيجيات العمومية والقطاعية الكبرى، وتواكب الأوراش الوطنية التي يقودها الملك محمد السادس، من خلال مراجعة مستمرة لدفاتر الضوابط البيداغوجية بما يضمن مواءمتها مع حاجيات العصر وسوق الشغل.