story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

رغم انتعاش الأرقام.. خبير يحذر من “اختلالات بنيوية” تهدد نمو السياحة المغربية

ص ص

مع اقتراب موسم الصيف، يتجدد النقاش حول الاختلالات الهيكلية التي تعيق تحويل المؤهلات السياحية المتنوعة التي يزخر بها المغرب من تراث طبيعي وثقافي وبشري إلى مكاسب اقتصادية مستدامة.

ورغم تسجيل القطاع لأرقام مشجعة من حيث عدد الوافدين، لا تزال تحديات كبرى تُلقي بثقلها على مردودية السياحة الوطنية، وتحد من قدرتها على لعب دور محوري في النمو الاقتصادي وخلق فرص الشغل.

وفي هذا السياق، حذر الخبير السياحي، الزبير بوحوت، من استمرار “الاختلالات البنيوية” التي تعيق تطوير القطاع السياحي بالمغرب، مشيراً إلى أن التحديات الكبرى لا تزال نفسها منذ سنوات، وعلى رأسها مسألة العدالة المجالية، التي باتت تطرح بإلحاح.

العدالة المجالية

وأوضح بوحوت، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن جهتين فقط، هما مراكش وأكادير، تواصلان التطور بوتيرة ملحوظة، مشيراً إلى أن مراكش وأكادير يستحوذان على نحو 65% من عدد ليالي المبيت السياحية، في حين استفادت أكادير من استثمارات فندقية كبيرة ضمن برامج دعم الاستثمار، مما يعمّق التفاوت في توزيع النشاط السياحي الوطني.

وأكد المتحدث أن استمرار “غياب العدالة المجالية” يستدعي مساءلة وزارة السياحة والسلطات الترابية على السواء، موضحاً أن خارطة الطريق لتنمية السياحة وُقعت تحت إشراف رئيس الحكومة، وشاركت فيها وزارات عديدة، من بينها وزارة الداخلية، التي تملك امتداداً جهوياً، إلى جانب الولاة الذين يترأسون اللجان الجهوية.

وأضاف أن تحقيق التوازن في تنمية السياحة لا يقع على عاتق وزارة السياحة فقط، بل تتقاسمه أيضاً الفعاليات المهنية والمجالس الجهوية للسياحة، مشيراً إلى أن استمرار نفس منطق التمركز الاستثماري قد يؤدي إلى وضع تكون فيه 70% من الأنشطة السياحية محصورة في جهتين فقط، بسبب هيمنة التمويل وسرعة تطوير الربط الجوي بهما.

“الأسواق التقليدية غير كافية”

وفي سياق متصل، شدد الزبير بوحوت على أن المغرب لا يزال يعتمد بشكل شبه كلي على الأسواق التقليدية، وفي مقدمتها السوق الأوروبية، مبرزاً أن السوق الألمانية التي تعد العمود الفقري للسوق الأوروبية “لم يستفد منها المغرب بشكل الكافي”، إذ لم يتجاوز حصتها خلال سنة 2024 سوى نصف ما كانت عليه في سنتي 2017 و2018.

كما أشار إلى ضعف حضور السوق الصينية، رغم الجهود المبذولة لبلوغ سقف 250 ألف سائح صيني بحلول 2025، وهو رقم يظل “متواضعاً” مقارنة بإمكانات هذه الدولة التي يتجاوز عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، وتملك اقتصاداً قوياً، مضيفا أنه بالمقابل، تمنح فرنسا وحدها نحو 2.5 ملايين سائح للمغرب، رغم عدد سكانها الذي لا يتجاوز 60 مليوناً.

ونبّه الخبير إلى “ضعف أداء المغرب” في أسواق واعدة مثل الهند، البرازيل، كوريا الجنوبية واليابان، معتبراً أن هذه الأسواق يجب أن تحظى بأولوية أكبر ضمن الاستراتيجيات المقبلة.

السياحة الداخلية

أما على مستوى السياحة الداخلية، فقد اعتبر بوحوت أنها لا تزال تعاني من “مساهمة ضعيفة”، حيث لم تتجاوز في سنة 2024 نحو 30% من إجمالي النشاط السياحي، مقابل نسب تتراوح بين 70% و80% في الدول المتقدمة.

وسجل المغرب حوالي 8.5 ملايين ليلة مبيت داخلية من أصل 28 مليون ليلة إجمالية، وهو ما يشير إلى “تراجع طفيف” مقارنة مع سنة 2023.

وأكد المتحدث أن المكتب الوطني للسياحة أطلق بعض المبادرات لترويج السياحة الداخلية، غير أن الجهود تبقى “غير كافية”، مبرزاً أن التحدي الأساسي يتمثل في “غياب بنية تحتية بأسعار تناسب القدرة الشرائية للمغاربة”.

ولفت إلى أن مشروع “بلادي”، الذي أُطلق ضمن رؤية 2020 لإنشاء 8 محطات سياحية موجهة للمغاربة، لم يحقق أهدافه، إذ لم يُنجز منه سوى ثلاث محطات فقط، قبل أن يتوقف المشروع كلياً.

وأوضح بوحوت أن السياحة الداخلية تمثّل فعلياً الزبون الأول للفنادق بالمغرب، متجاوزة حتى السوق الفرنسية من حيث عدد ليالي المبيت، مستدركا أن “غياب منتوجات ملائمة وآليات دعم واضحة” يجعل شريحة واسعة من المواطنين تفضّل قضاء العطل خارج المغرب.

وأفاد أن أزيد من 20 سنة من الحديث عن دعم السياحة الداخلية لم تُترجم إلى سياسات فعلية، داعياً إلى معالجة جذرية وعاجلة لهذا “الخلل البنيوي”، بما يعزز العدالة الاجتماعية ويقوّي مناعة القطاع في وجه الأزمات الدولية.

انتعاش ملحوظ

وأكد الخبير السياحي، الزبير بوحوت، أن الخمسة أشهر الأولى من سنة 2025 عرفت انتعاشاً ملحوظاً في القطاع السياحي، في انتظار صدور المعطيات الرسمية من المرصد الوطني للسياحة، والتي من شأنها أن تعكس بدقة المؤشرات الحقيقية للأداء.

وأشار بوحوت، إلى أن الأرقام الخاصة بشهر مارس لم تكن متاحة إلا في وقت متأخر، لكن تصريح وزيرة السياحة أفاد بأن المغرب استقبل 5.7 ملايين وافد خلال الأربعة أشهر الأولى من السنة، أي بنسبة نمو تفوق 20%، ما يعكس دينامية واضحة في استقطاب الزوار.

وأضاف أن مداخيل العملة الصعبة سجلت بدورها ارتفاعاً بنسبة 7.5% مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2024، وهو ما يعكس، من حيث المبدأ، تطوراً إيجابياً في أداء القطاع.

غير أن المتحدث سجل وجود “مفارقة مثيرة للانتباه”، تتمثل في أن وتيرة ارتفاع المداخيل لا توازي ارتفاع أعداد السياح، مما يطرح تساؤلات حول نجاعة القطاع ومردوديته الاقتصادية.