story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
بيئة |

خبير: التبخر يهدد المكاسب المائية المحققة بفضل الأمطار الأخيرة

ص ص

أصبحت مختلف أقاليم ومناطق المملكة تشهد، خلال الفترة الأخيرة، ارتفاعا نسبيا في درجات الحرارة، وهو ما ينذر بحسب خبراء بتسارع وتيرة التبخر التي تهدد المكاسب المائية المحققة بفضل الأمطار الأخيرة، وتؤثر بشكل سلبي على مستوى ملء السدود وتجديد الموارد المائية الجوفية.

وفي هذا السياق، أوضح الخبير البيئي ورئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ مصطفى بنرامل، أن ارتفاع درجات الحرارة له تأثيرات متعددة على الموارد المائية، وعلى رأسها تسريع معدلات التبخر، حيث يؤدي ذلك إلى فقدان كميات هامة من المياه السطحية مثل السدود والبحيرات والأنهار، وكذلك من التربة الرطبة، مما يحد من حجم المياه المتاحة للاستخدام.

وأضاف أن ارتفاع درجة الحرارة يشكل ضغطًا إضافيًا على الموارد المائية الشحيحة أصلاً في المغرب، ويُضاعف التحديات المتعلقة بتأمين المياه للاحتياجات المتنوعة، سواء في الحاضر أو في المستقبل.

وفي هذا الإطار، حذر بنرامل من أن الارتفاع المبكر في درجات الحرارة يُهدد استدامة المكاسب المائية الأخيرة، إذ يُنذر بتبخر جزء كبير من المياه التي تم تجميعها بفضل التساقطات الأخيرة، ما قد يؤدي إلى تلاشي جانب مهم من هذه المكاسب وتقليص الفوائد المرجوّة منها.

وتابع أنه بالرغم من أن هذه الأمطار قد ساهمت في تحسين الوضع المائي مؤقتًا، إلا أن الحفاظ على هذا التحسن سيعتمد بشكل كبير على مدى اعتدال درجات الحرارة خلال الفترات المقبلة، بالإضافة إلى فعالية إجراءات ترشيد استهلاك المياه.

ومن بين أبرز مظاهر تأثير ارتفاع الحرارة على توازن الموارد المائية، أشار بنرامل إلى فقدان المياه السطحية المخزنة في السدود والبحيرات، مما يؤدي إلى تراجع كميات المياه المتوفرة. كما يُسهم هذا الارتفاع في انخفاض جريان الأنهار وجفاف الينابيع، سواء بشكل مباشر عبر التبخر، أو بشكل غير مباشر من خلال تقليص مخزون الثلوج الذي يُغذي هذه المجاري، وزيادة تبخر المياه من التربة المحيطة بها.

ويمتد التأثير أيضًا إلى المياه الجوفية، إذ أشار الخبير إلى أن جفاف التربة السطحية يُضعف من قدرة مياه الأمطار على التسرب والتغذية الطبيعية للفرشات المائية، ويترافق هذا الوضع مع ارتفاع في الطلب على المياه، إذ يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة الاستهلاك في مختلف القطاعات، ما يُفاقم الضغط على الموارد المتناقصة بفعل التبخر.

وأكد بنرامل أن التبخر السريع يُمثل تحديًا كبيرًا في إدارة الموارد المائية بالمغرب، إذ يُقلل من كفاءة السدود كخزانات استراتيجية ويُضعف من قدرة الأنهار على أداء دورها الحيوي كمصادر للمياه، وهو ما يستدعي، بحسبه، ضرورة تبني استراتيجيات فعالة لإدارة المياه تراعي التأثيرات المتزايدة للتغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة.

وفي هذا السياق، شدد المتحدث على أن حماية الموارد المائية باتت تتطلب اتخاذ إجراءات استباقية تضمن الأمن المائي على المدى الطويل، داعيا إلى ترشيد استهلاك المياه وتثمينها، وتحسين كفاءة استخدامها، لاسيما في القطاع الزراعي، إلى جانب تعزيز الوعي بأهمية الاقتصاد في الاستهلاك المنزلي والحضري، وكذلك الصناعي.

وخلص الخبير المائي إلى التشديد على أهمية تعزيز البنية التحتية المائية، من خلال بناء سدود جديدة وصيانة الموجودة منها، وإدماج تقنيات ذكية لتحسين إدارة المخزون المائي، معتبرا أن إنجاز مشاريع الربط بين الأحواض المائية يمكن أن يُسهم في تحويل فائض المياه إلى المناطق المتضررة من الجفاف.