حركة ضمير: المغرب يعيش تغييبا للدور البرلماني

قالت حركة ضمير إن المغرب يعرف تغييباً للدور التشريعي والرقابي للبرلمان، إضافة إلى هيمنة حكومية على مفاصل ومراحل إنتاج قوانين “تكرس أغلبها اختلالات اجتماعية في تناقض تام مع شعار الدولة الاجتماعية”.
وقالت الحركة، في البيان الختامي الصادر عن جمعها العام، يوم الأحد 6 يوليوز 2025، والذي توصلت صحيفة “صوت المغرب” بنسخة منه، “إن القوانين التي تهيمن عليها الحكومة ترمي أيضاً إلى خدمة مصالح اللوبيات الاقتصادية الاحتكارية”، عبر الخوصصة وتحرير الأسعار والتحكم في الأسواق، والإصرار على المساس بالحريات العامة.
وأوضحت أن هذا الأمر يتجلى في قانون الإضراب وقانون المسطرة الجنائية وغيرها، فضلاً عن متابعة عدد من وجوه الصحافة والتدوين، مع استمرار تجاهل مطلب إطلاق سراح نشطاء الحركات الاجتماعية.
كما سجلت الحركة ذاتها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، ما وصفته بـ”الفشل الذريع” لسياسة الحكومة المطوقة بالتزام الاعتماد على الإطار المرجعي المتمثل في النموذج التنموي الجديد، الذي كان من شأن التزامها به أن “يمكنها من تجنّب نكسة الفشل”.
وظلّ النمو الاقتصادي، بحسب المصدر ذاته، في حالة ركود لسنوات عدة، “عاجزاً عن كسر السقف الزجاجي المتمثل فيما بين 3% و4%، وعنْ تدبير إعادة توزيع الدَّخل والثروة بطريقة أكثر عدلاً بين الطبقات الاجتماعية والمناطق والأجيال”.
“لقد بلغ معدل البطالة مستوى قياسيًا ب 13.3% (21.3% وفقًا لآخر إحصاء أُنجز في شتنبر 2024)، بينما انخفض معدل النشاط إلى مستوى مُزرٍ يقل عن 43%. كما يستمر معدل نشاط الاناث في التدهور (أقل من 19%)، في حين التزمت الحكومة برفعه إلى 30%”، يقول البيان.
ومن جانب آخر، لفتت حركة ضمير إلى أن الاقتصاد الوطني فقد أكثر من 153 ألف منصب شغل في أقل من أربع سنوات، مشيرة إلى أن الحكومة التزمتْ بإِحداثِ مليون منصب شغل صاف خلال ولايتها.
ووقف البيان أيضاً على “تفاقم عجز الميزان التجاري بأكثر من 100 مليار درهم سنويًا، ووصول الدَّين العمومي مستوى قياسياً جديداً -أكثر من 1300 مليار درهم، أي ما يعادل 82% من الناتج المحلي الإجمالي- على الرغم من الممارسات المثيرة للريبة والمتعلقة ببيع أصول الدولة تحت ستار التمويلات المبتكرة”.
وفي نفس السياق، نبهت الحركة إلى أن اقتصاد الريع “لا يزال يُثقل كاهل المعاملات الاقتصادية، واقفاً حجر عثرة أمام المقاولين الشباب، مانعاً إياهم من البروز والاقلاع، ومُعطلاً وصول المقاولات الصغيرة والمتوسطة للصفقات العمومية والتمويل البنكي، كما أنه يفتح الباب أمام استمرار العديد من الأوضاع المجحفة لصالح قلة من الأثرياء وأصحاب الامتيازات على حساب المصلحة العامة، مثل المحروقات، ومصفاة لاسامير، ومحطات تحلية مياه البحر، واستيراد اللحوم الحمراء، وغيرها”.
هذا ودعت حركة ضمير إلى القيام بمبادرات قصد إرساء جو من الثقة في الفضاء العمومي عبر خطوات من شأنها تجاوز التوترات المسجلة في السنوات الأخيرة خلال الحركات الاجتماعية ومخلفاتها، مشيرة إلى أنها تسجل شبه إجماع اليوم على الوضع المقلق بعد كل الآمال المعقودة.
وتعتبر الحركة ألا فكاك من هذا الوضع إلا “باعتماد نموذج سياسي جديد ضمن المرجعية الدستورية للبلاد”، داعية إلى نموذج يقطع مع الزبونية وشراء الذمم عبر الحملات الانتخابية المشبوهة تحت غطاء المساعدة الاجتماعية، ويبتعد عن تفصيل المشهد السياسي على المقاس، ويعتبر الحياة الديمقراطية الفعلية للأحزاب واستقلالية قراراتها الداخلية شرطاً ضرورياً للمشاركة في التنافس السياسي الشريف، والحصول على الدعم العمومي الكافي المحاسب عليه في آجال معقولة.
كما طالبت بأن يعتمد هذا النموذج الذي تدعو إليه نظاماً انتخابياً مشجعاً على مشاركة المواطنين في مختلف الاستحقاقات، وعلى تشكل أغلبيات قوية ومنسجمة على أساس برامج قبلية، كما يسمح للتعيين الملكي لرئيس الحكومة بأن يختار، ضمن تحالف الأغلبية المفرزة من صناديق الاقتراع، الاسم الأجدر بتحمل المسؤولية السياسية الثانية في الدولة، بغض النظر عن المسؤوليّة التي تمارس داخل حزب من الأحزاب.
وتقول حركة ضمير إن قناعتها الراسخة هي أن الأنظمة السياسية الديموقراطية أو الطامحة لبناء الديمقراطية تتأسس على الشرعية الدستورية، تليها الثقة في مجموع الفاعلين الجادين في الفضاء العمومي دون ميز، من فاعلين مؤسساتيين وحزبيين وحقوقيين ونقابيين ومدنيين واقتصاديين.
وشددت على ضرورة التأكيد على الترابط الحاصل بين كل هؤلاء من أجل تلاحم البنيان الدستوري والسياسي بأكمله، بما يضمن أن يلعب كل فاعل دوره طبقاً لنص وروح الدستور ولمقتضيات القانون.
وفي هذا الصدد، تعبر حركة ضمير عن تخوفها من استفحال فقدان الثقة في المؤسسات “مما ينذر بالنظر إليها كمؤسسات شكلية وصورية في أعين المواطنين والمتتبعين على السواء”، وهو ما من شأنه أن يخلق “وضعاً قد يعرض البنيان المؤسساتي لأزمات مستفحلة”.
وأوضحت أن الثقة المطلوبة باستمرار، رهينةٌ بمدى تفعيل المقتضيات الدستورية بنصها وروحها وبمدى اعتبار كل فاعل من الفاعلين فيما يتعلق بمسؤوليته مساءَلا عن واجباته الدستورية والقانونية والإدارية والاخلاقية، كما أنها رهينةٌ بوضع السياسات العمومية المناسبة لتطلعات المواطنين وتقديم الحساب دورياً عن مدى التقدم الحاصل في إنجازها طبقاً للمبدأ الدستوري المتعلق بربط المسؤوليّة بالمحاسبة.
وأشارت إلى أن هذا المبدأ يتعلق أيضاً “بجعل محاربة الفساد بلا هوادة في أولوية الأولويات، وبالمنع الصارم لتضارب المصالح في مستويات المسؤولية السياسية والحكومية، وكذا بدورية ونجاعة التواصل المستمر والواضح والمسؤول مع المواطنين أصحاب الشأن في المقام الأول”، فضلاً عن تفعيل شمولي وفعلي للإصلاحات التي حملها النموذج التنموي الجديد.
أما بخصوص قضية الوحدة الترابية، فتسجل حركة ضمير “بالكثير من الارتياح المكاسب الديبلوماسية التي استطاعت البلاد أن تراكمها بنجاح”، والمتمثلة في دعم العديد من بلدان إفريقيا والعالم، وفي مقدمتها الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن، لمشروع الحكم الذاتي للصحراء تحت سيادة المغرب، منبهة إلى “مخططات الجوار والمتمثلة في خيارات رأس هرم الدولة الجزائرية المبنية منذ عقود على المعاداة الممنهجة لوحدة المغرب”.