تطوّر في الأداء ومشاكل في التسيير.. تقرير يرصد حصيلة كرة القدم المغربية خلال ربع قرن

أكد تقرير حديث أن كرة القدم المغربية عرفت خلال السنوات الخمس والعشرين الأخيرة تحولات جذرية شملت مستويات المنتخبات الوطنية والأندية، لكنها ظلت تعاني من تناقضات هيكلية ومؤسساتية أثرت على استمرارية النتائج وفعالية التسيير.
وبحسب التقرير الذي أصدره مركز “أوميغا للأبحاث الاقتصادية والجيوسياسية”، فإن أبرز ما ميز الفترة المذكورة هو التفوق البارز للمنتخبات الوطنية على حساب الأندية من حيث الهيكلة والتنظيم والنتائج، مقابل استمرار هشاشة الأندية وتسييرها العشوائي رغم مرور أكثر من عقد على اعتماد منظومة الاحتراف.
وأشار التقرير الذي صدر تحت عنوان “كرة القدم الوطنية: حصيلة ربع قرن (2000-2025)” إلى أن المنتخب الوطني الأول مر بثلاث مراحل رئيسية، بدأت بمرحلة بادو الزاكي التي شهدت بلوغ نهائي كأس إفريقيا 2004، قبل أن تعرف تراجعًا في النتائج خلال الفترة الممتدة إلى حدود سنة 2016.
بعد ذلك، تم تسجيل عودة تدريجية في الأداء، توجت بالتأهل إلى كأس العالم بروسيا سنة 2018 ثم محطة كأس العالم بقطر سنة 2022، التي عرفت وصول المنتخب الوطني إلى نصف النهائي لأول مرة في تاريخ كرة القدم الإفريقية والعربية، بعدما تجاوز منتخبات أوروبية بارزة من قبيل بلجيكا، إسبانيا، والبرتغال، واحتل المرتبة الرابعة في إنجاز وصفه التقرير بكونه نقطة تحول رئيسية في حضور المغرب الكروي على المستوى الدولي.
كما تناول المصدر ذاته، مشاركة أسود الأطلس في كأس إفريقيا 2023، التي أقيمت بساحل العاج، حيث خرج من الدور ثمن النهائي بعد الهزيمة أمام جنوب إفريقيا، رغم دخول المنتخب الوطني المنافسات كأحد المرشحين، في ظل التصنيف العالمي المتقدم والتوقعات المرافقة لما بعد مونديال قطر.
وفي هذا السياق، أشارت الوثيقة إلى استمرار الثقة في المدرب وليد الركراكي، الذي تسلم مهامه قبل أشهر من كأس العالم، ويقود حاليًا التحضيرات للمشاركة في نسخة 2025 التي تستضيفها المملكة.
وفي الجانب المتعلق بالفئات العمرية، أبرز التقرير أن منتخب أقل من 20 سنة الذي تألق سنة 2005 لم يتم استثماره بشكل فعال في تلك المرحلة، غير أن الأمور بدأت تأخذ منحى جديدًا بعد 2016 مع تفعيل دور أكاديمية محمد السادس لكرة القدم.
وأوضح المصدر أن الفترة بين 2020 و2025 عرفت نتائج لافتة لمنتخبات أقل من 17 و23 سنة، بحيث بلغ الأول نهائي كأس إفريقيا 2023 ثم فاز باللقب القاري في نسخة 2025، بينما تُوج الثاني بكأس إفريقيا وتأهل إلى الألعاب الأولمبية بباريس، التي حقق خلالها الميدالية البرونزية، لأول مرة في تاريخ كرة القدم الوطنية والعربية.
كما توقف التقرير عند المسار المتصاعد لمنتخب كرة القدم داخل القاعة، الذي هيمن على الساحة الإفريقية بفوزه بثلاث بطولات قارية متتالية أعوام 2016، 2020 و2024، إضافة إلى بلوغه ربع نهائي كأس العالم في نسختي 2021 و2024، مع الإشارة إلى التقدم في التصنيف العالمي باحتلاله المركز السادس في أبريل 2025.
وعزا التقرير هذه النتائج إلى الاستمرارية التقنية بقيادة المدرب هشام الدكيك، والدعم المؤسسي الموجه لهذا النوع الرياضي، بما في ذلك فرض فرق القاعة على أندية الصفوة وتخصيص منح دعم لتشجيع التطوير.
كما عرضت الوثيقة كذلك، مسار كرة القدم النسوية، موضحة أن محاولات انطلاقتها في مطلع الألفية لم تؤت أكلها، لكن الخطة الاستراتيجية التي أطلقتها الجامعة بين 2020 و2024 أسهمت في تحسين الحضور التنافسي.
وسجل أن المنتخب النسوي الأول بلغ نهائي كأس إفريقيا 2022 وشارك لأول مرة في كأس العالم 2023 بأستراليا، وتأهل إلى الدور الثاني في إنجاز هو الآخر غر مسبوق على مستوى كرة القدم الوطنية النسوية.
كما شارك منتخب أقل من 17 سنة لأول مرة في المونديال، ما اعتبر مؤشراً على بداية تشكل قاعدة تنافسية.
وعلى مستوى الأندية، استعرض التقرير مشاركة الأندية المغربية في البطولات القارية، مبيِّنًا أنها توجت بـ16 لقبًا إفريقيًا، منها 5 ألقاب للوداد، 4 لكل من الرجاء وبركان، ولقب واحد لكل من الجيش، الفتح، والمغرب الفاسي.
وأشار بالمقابل إلى أن الأندية خسرت أيضًا 9 مباريات نهائية على الصعيد القاري، مشيرا في ذات السياق، إلى أن المغرب كان ممثلًا بست مشاركات في كأس العالم للأندية، عبر الرجاء، الوداد، والمغرب التطواني، غير أن أغلب المشاركات انتهت بخروج مبكر باستثناء نسخة 2013 التي شهدت بلوغ الرجاء للنهائي أمام بايرن ميونيخ الألماني.
ومن جانب آخر، أبرز التقرير أن منظومة الاحتراف التي أُطلقت سنة 2011 لم تكن مرفقة بآليات صارمة للمراقبة المالية، ما ساهم في تفاقم العجز داخل أغلب الأندية، باستثناء بعض الفرق المؤسساتية، مذكرا في هذا الصدد بتراجع النقاش العمومي حول التكوين والعمل القاعدي، مقابل تركيزه على الانتخابات والمشاكل التسييرية.
وخلص التقرير إلى تقديم معطيات إحصائية ووصفية دون التوقف عند تقييم النتائج أو اقتراح حلول مباشرة، مع تركيزه على التوثيق التفصيلي لما تحقق وما لم يتحقق، انطلاقًا من قراءة لمسارات الأداء الفني والتطور التنظيمي على مدى ربع قرن من الزمن الكروي المغربي.