بينهم طلبة ومعتقل بالحبس الانفرادي.. توزيع أكثر من 10 سنوات سجنًا في قضية “أحداث وجدة”
 
  أصدرت المحكمة الابتدائية بوجدة، هذا الأسبوع، أحكامًا متفاوتة في قضية أحداث وجدة، التي يتابع فيها 30 شخصًا تم توقيفهم نهاية شتنبر الماضي على خلفية احتجاجات “جيل Z”.
وقد تراوحت العقوبات الصادرة في حق المتابعين بين الحبس النافذ وموقوف التنفيذ، فيما قضت المحكمة ببراءة نصف المتابعين.
الحبس الانفرادي
وبحسب المعطيات التي حصلت عليها صحيفة “صوت المغرب”، فقد وزعت المحكمة أكثر من عشر سنوات سجنًا على خمسة عشر متهمًا، من بينهم طلبة جامعيون، أحدهم يخضع حالياً للحبس الانفرادي، بتهم من بينها “المساهمة في تنظيم مظاهرة غير مصرح بها” و”الامتناع عن مغادرة مكان التظاهر” و”المشاركة في تجمع مسلح” و”العصيان”.
وعلمت صحيفة “صوت المغرب” أن المعتقل الذي يخضع للحبس الانفرادي، وهو الطالب عبد الرافع السباعي (سنة ونصف سجناً) لا يزال كذلك منذ اليوم الأول من اعتقاله احتياطيًا، وهو وضع أثار استغراب هيئة الدفاع واستنكارها، إذ تقدمت بعدة طلبات للمحكمة لرفع هذا الإجراء دون جدوى.
وأكد المحامي مراد المختاري، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب” أن “السباعي يوجد في الحبس الانفرادي منذ أول يوم بدون سبب، وقد التمسنا من المحكمة رفع هذه الحالة لكن الطلب رُفض، كما رفضته النيابة العامة من غير مبرر واضح”.
وقال المحامي المختاري، عضو هيئة دفاع المعتقلين إن المجموعة المكونة من 30 متهمًا اعتُقلت يوم 29 شتنبر على خلفية الأحداث الأولى التي عرفتها وجدة، عقب نداء حركة “جيل Z”. وقد أحيل ستة منهم على قاضي التحقيق في حالة اعتقال، فيما توبع الباقون في حالة سراح.
وأوضح المختاري أن الملف عرف ست جلسات متتالية، قدم خلالها الدفاع أكثر من 15 طلبًا أوليًا تتعلق بضمانات المحاكمة العادلة ووسائل الإثبات المبرئة للمتهمين، غير أن المحكمة “استجابت فقط لطلبين أو ثلاثة تتعلق بعرض الفيديوهات، بينما رفضت باقي الطلبات”.
وأضاف المحامي أن المحكمة قضت، في نهاية الجلسة التي استغرقت 10 ساعات، بالإدانة في حق 15 متهمًا، تتوزع بين ثمان عقوبات حبسية نافذة تراوحت بين سنة ونصف وسنة وثلاثة أشهر، وأخرى موقوفة التنفيذ، فيما استفاد 15 متهمًا من البراءة.
“اتهامات ثقيلة”
وأوضح أن الاتهامات كانت ثقيلة تتراوح بين حمل السلاح كحد أقصى، مروراً بالعصيان وإهانة موظفين أثناء القيام بمهامهم، والمساهمة في تنظيم مظاهرة غير مصرح بها، وصولاً إلى التجمهر.
واعتبر المتحدث أن الحكم الصادر “قاسٍ ومجانب للصواب”، مضيفًا أن المحكمة أصابت حين قررت البراءة لصالح نصف المتابعين، لكنها “جانبت الصواب في حق الـ15 الآخرين الذين لا تتوفر في ملفاتهم أدلة كافية للإدانة”، وبالتالي فإن “الجميع كان يستحق البراءة”.
وأشار عضو هيئة الدفاع إلى أن الفريق القانوني سيتقدم باستئناف الحكم أمام محكمة الاستئناف بوجدة، “أملًا في أن تُصحّح المحكمة الحكم الابتدائي، وتمنح البراءة لجميع المتابعين في الملف”.
وتضمنت الأحكام الصادرة، في هذا الملف، شهرين موقوفي التنفيذ في حق أربعة معتقلين، من بينهم طالب قانون عربي، وطالب مجاز في كلية الحقوق، ومتخصص في الإلكتروميكانيك بمعهد التكنولوجيا، وذلك بتهمة الامتناع عن مغادرة مكان التظاهر. كما قضت المحكمة بأربعة أشهر موقوفة التنفيذ في حق ثلاثة معتقلين، من بينهم طالب في المدرسة العليا للتكنولوجيا.
أما بالنسبة لاثنين من المعتقلين، فقد أصدرت المحكمة حكمًا بثلاثة أشهر حبسًا نافذًا وغرامة مالية قدرها 1200 درهم، بتهم المساهمة في تنظيم مظاهرة غير مصرح بها والامتناع عن مغادرة مكان التظاهر.
كما حُكم على اثنين آخرين بسنة واحدة نافذة وغرامة 500 درهم، في حين أدين أربعة معتقلين بسنة ونصف نافذة، من بينهم طالب بشعبة الإنجليزية وآخر بشعبة الأمازيغية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الأول في وجدة، مع تبرئتهم من تهم “إهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بمهامهم” و“التحريض على ارتكاب جنح وجنايات” و“العصيان لأكثر من شخصين”، ومؤاخذتهم من أجل أفعال أخرى مرتبطة بسياق الأحداث.
أحكام “قاسية وعشوائية”
وفي تعليقه على الأحكام، اعتبر أيوب زين العابدين، عضو الفضاء المغربي لحقوق الإنسان بوجدة، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن الأحكام التي قضت بها ابتدائية وجدة في حق مجموعة من الشباب على خلفية احتجاجات “جيل Z”، “قاسية وعشوائية”، كما أن التهم التي توبعوا بها “ثقيلة وفضفاضة”، بحسب تعبيره.
وأضاف زين العابدين أن هذه الأحكام “لا يمكن تقبلها بالنظر لضعف ما ورد في المحاضر وعدم تطابقها مع الواقع شكلاً ومضمونًا”، مشيراً إلى وجود “تضارب على مستوى حجتها القانونية”، نظراً “لغياب أي إثباتات مادية أو أدلة إدانة ضد المتهمين”، فضلًا عن “الخروقات المسطرية والانتهاكات التي شابت عملية الاعتقال والإيقاف”.
وختم الناشط الحقوقي تصريحه بالقول إن “ما صدر لا يمكن تفسيره إلا بكونه انتصارًا للمقاربة الأمنية القمعية”، مشيدًا في المقابل بـ“الأدوار الحقوقية التي قامت بها هيئة الدفاع منذ المراحل الأولى أمام النيابة العامة وأثناء الجلسات دفاعًا عن حقوق الإنسان وعن هؤلاء الشباب”.
 
                   
                   
                   
                   
                   
                   
                   
                   
                   
       
         
         
         
         
         
         
        