محللون: رسالة ترامب تبدد كل الشكوك حول موقف أمريكا من الصحراء

حملت رسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الموجهة إلى الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ 26 لعيد العرش في 02 غشت 2025، إشارات سياسية ودبلوماسية متعددة حول قضية الوحدة الترابية للمملكة، إذ جاءت لتجديد اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية، ودعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي، في أول رسالة من نوعها في ولاية ترامب الثانية.
واعتبر محللون أن الرسالة تحمل دلالة سياسية بارزة، كونها تجدد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء وتؤكد دعم مبادرة الحكم الذاتي كأرضية وحيدة لحل النزاع بين المغرب والجزائر، مؤكدين أن “هذه الرسالة صدرت عن رئيس أكبر قوة في العالم، ما يمنحها ثقلاً سياسياً ودبلوماسياً كبيراً”.
وفي السياق، أوضح المحلل السياسي محمد شقير، أن “هذه الرسالة جاءت في وقت لم تُستكمل فيه زيارة مستشار الرئيس الأمريكي إلى المغرب ضمن جولته المغاربية، وهو ما كان قد أثار بعض التأويلات بشأن حدود الموقف الأمريكي، غير أن مضمون رسالة ترامب جاء واضحاً وحاسماً، ليبدد أي لبس حول استمرار دعم واشنطن للموقف المغربي”.
وأشار شقير إلى أن “توقيت الرسالة يكتسي أهمية خاصة، في سياق دولي يتميز بمواقف قوية من دول كبرى، إذ أن فرنسا، باعتبارها قوة استثمارية سابقة، أعلنت اعترافها بمغربية الصحراء، فيما ساندت بريطانيا مقترح الحكم الذاتي المغربي”.
ولفت المتحدث إلى أن “هذه التطورات تفتح المجال أمام ترجيح كفة الموقف المغربي داخل مجلس الأمن، في انتظار أن تحذو روسيا والصين الخطوة نفسها”.
كما أكد أن “هذه الرسالة تعكس رغبة أمريكية في إغلاق نهائي لملف الصحراء الذي تعتبره واشنطن معيقاً لاستراتيجيتها في إفريقيا ومجابهة النفوذ الصيني والروسي”.
وتابع المحلل أن “الموقف الأمريكي يعكس أيضاً القلق من التداعيات الأمنية الناجمة عن تحركات جبهة البوليساريو الانفصالية وتنسيقها مع الحركات الإرهابية في منطقة الساحل، خاصة بعد الانسحاب الفرنسي من دول هذه المنطقة”.
وأشار إلى أن “زيارة مستشار ترامب إلى المنطقة ولقاءه مع المسؤولين الجزائريين تعكس، في جزء منها، هذه الرغبة الأمريكية في إعادة ترتيب الملفات الإقليمية بما يخدم مصالحها الاستراتيجية والأمنية”.
ومن جانبه، اعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، خالد الشيات، أن “رسالة ترامب تحمل أيضاً أبعاداً رمزية مهمة، كونها صدرت بمناسبة عيد العرش، وهي مناسبة وطنية كبرى، كما أنها أول رسالة في ولايته الجديدة، ما يمنحها قيمة سياسية ومعنوية إضافية”.
وأشار الشيات إلى أن “الجانب الأهم في الرسالة هو تأكيد ترامب على أن مقترح الحكم الذاتي المغربي جاد وواقعي وذو مصداقية، مع اعتباره الإطار الوحيد الممكن لحل النزاع”، معتبرا أن “هذا التأطير يعكس تصوراً أمريكياً واضحاً للحل النهائي، منسجماً مع التوجهات الأممية والموقف المغربي”.
ولفت إلى أن “الرسالة تطرقت كذلك إلى متانة العلاقات المغربية الأمريكية، والتي تعززت عبر اتفاقية التبادل الحر الموقعة سنة 2004، والتعاون الأمني الوثيق، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب”.
وأوضح الأستاذ الجامعي أن “الولايات المتحدة تتجاذبها في علاقاتها الخارجية اتجاهات مختلفة، بين منطق المصلحة الآنية الذي تحاول بعض الدول فرضه، ومنطق الشراكة الاستراتيجية القائمة على أسس سياسية واقتصادية وتجارية متينة، مؤكدا أن علاقة واشنطن بالرباط تندرج في الإطار الثاني”.
وخلص خالد الشيات إلى أن “رسالة ترامب تعكس توجه الولايات المتحدة نحو إقامة علاقات دائمة ومستقرة مع المغرب، مبنية على رؤية استراتيجية طويلة المدى، تتجاوز المصالح الظرفية إلى بناء شراكة شاملة تعزز الاستقرار والأمن الإقليميين”.