story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

في ذكرى المسيرة الخضراء.. دعوات لإطلاق سراح المعتقلين احتفاء بالقرار الأممي حول الصحراء

ص ص

في الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، تعيش قضية الصحراء المغربية اليوم تحولًا مفصليًا بعد الاعتراف الأممي بمقترح الحكم الذاتي كحل وحيد لإنهاء النزاع، وهو ما ترافق مع دعوة ملكية صريحة إلى المصالحة وبناء مغرب موحد، وتخصيص يوم وطني تحت اسم “عيد الوحدة”.

هذا التحول اعتبرته أصوات حقوقية وسياسية فرصة تاريخية ينبغي أن تواكبها إرادة داخلية حقيقية لتهيئة مناخ سياسي يتسم بالانفتاح، معتبرة أن “نجاح المرحلة الجديدة يرتبط بتهيئة الأرضية الديمقراطية، لا فقط بتسجيل إنجازات دبلوماسية على الصعيد الدولي”.

ضرورة إثباث النية الحسنة

في هذا الصدد، أوضحت لطيفة البوحسيني، الحقوقية وأستاذة التاريخ بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن “الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية للمملكة، يعني منح الصحراويين صلاحيات تدبيرية واسعة في إطار السيادة المغربية، وفق نموذج متقدم من الجهوية الديمقراطية، غير أن هذا المشروع لا يمكن أن ينجح إلا إذا توفرت أجواء ديمقراطية في مختلف جهات المغرب”.

فمن غير المنطقي، وفق المتحدثة، أن “يقبل المغرب بحكم ذاتي قائم على الديمقراطية في جهة معيّنة، ويمارس في الوقت ذاته تضييقًا على الحريات في جهات أخرى، فالأمران مرتبطان ولا يمكن الفصل بينهما”.

واعتبرت الحقوقية أن “المغرب، بقرار مجلس الأمن، دشّن مرحلة جديدة مرتبطة بقضية الصحراء والمقترح المغربي للحكم الذاتي، غير أن ذلك يتطلب عددًا من الشروط، من ضمنها التعبير عن إرادة واضحة لانفراج سياسي حقيقي”.

وأحد مؤشرات هذا الانفراج السياسي، وفق الحقوقية لطيفة البوحسيني، هو إطلاق سراح كافة المعتقلين ورفع التضييق عن الحريات، بما فيها حرية التعبير، “وهو شرط ضروري ولازم، من شأنه أن يؤكد ويثبت النية الحسنة والإرادة الصادقة لتدشين عهد جديد تُحل فيه المشكلة بشكل حقيقي”.

وأوضحت أنه “لا يمكن الحديث عن حل للمشكل بينما نعيش في جو تضييق على الحريات واستمرار محاكمات تفتقد لشروط المحاكمة العادلة، كما حصل ولا يزال يحصل مع شباب حركة “جيل Z”، مؤكدة أن “الاستمرار في هذا الجو سيكون ذريعة وسيُستغل لإبقاء مشكلة الصحراء قائمة، لأنه لا يكفي قرار مجلس الأمن على أهميته، بل إن الضمانة لطي هذا الملف هي طي صفحة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان”.

دولة تحتضن أبناءها

ومن وجهة نظره، يرى نوفل البعمري، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، أن ما يعيشه المغرب اليوم من أجواء وطنية مرتبطة بالقرار الأممي يفتح الباب أمام خلق شروط موضوعية لطي ملفات المعتقلين على خلفية حراك الريف وحركة “جيل Z”، والانخراط في استكمال مهام البناء والتفكير الجماعي في تنزيل مبادرة الحكم الذاتي وكيفية تحصين هذه المكاسب والاستعداد لتفعيلها، وهي مكاسب تاريخية.

واعتبر البعمري أن الإفراج عما تبقى من معتقلي احتجاجات الحسيمة، والطي القضائي لملفات المتابعين من شباب “جيل Z” من المتظاهرين السلميين بقرار ملكي، في هذا السياق الوطني، “لن يكون مجرد مناسبة مرتبطة بالحدث، بل سيشكّل محطة من محطات المغرب الذي يصنع تاريخه ومستقبله، حيث تحتضن الدولة أبناءها”.

في نفس الاتجاه، قالت النائبة البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، إنه وبعد مصادقة مجلس الأمن على دعم مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية بالصحراء، أصبح إقدام الدولة على انفتاح سياسي وتأسيس تعاقد جديد مع المجتمع ضرورة ملحة لترجمة إرادة الشعب إلى سيادة فعلية، مع إطلاق ورش الإصلاحات السياسية والدستورية وتعزيز استقلالية القضاء وحماية الحقوق والحريات.

وأضافت منيب، في كلمتها الاثنين 03 نونبر 2025 خلال الجلسة المشتركة لمجلسي البرلمان أن “المصالحة مع الإخوة الصحراويين لا يمكن أن تتحقق إلا بعد خطوة إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، ووضع حد للمقاربة القمعية واستبدالها بسياسة الاجتهاد لإيجاد حلول للمطالب المشروعة للشباب والمواطنين، خاصة في مجالات التعليم والتكوين والشغل”.

تناقض” بين الخطاب والواقع

وفي ظل استمرار المتابعات في حق المعتقلين على خلفية احتجاجات “جيل Z”، قالت المحامية بهيئة الرباط، سارة سوجار، إن “ما يلفت الانتباه في هذه المتابعات هو أن جميع المتابعين والمتابعات من فئة الشباب”، وهو ما يعكس، بحسبها، “تناقضًا واضحًا بين الخطاب الرسمي الذي يرفع شعارات إشراك الشباب وتمكينهم، وبين الواقع المتمثل في اعتقالات جماعية ومتابعات قضائية تمس جوهر الحقوق والحريات الأساسية، وعلى رأسها حرية التعبير وحق التظاهر السلمي”.

واعتبرت سوجار أنه “من المؤسف أن نعيش في مغرب السرعتين: سرعة الخطابات التي تتحدث عن الديمقراطية وضمان مشاركة الشباب في الحياة العامة، وسرعة الممارسات التي تقيد الفضاء العام وتضيق على الشباب المطالبين بحقوقهم”.

وشددت المحامية في هذا الإطار على أن “احترام الحق في التعبير وضمان شروط المحاكمة العادلة ليس ترفًا أو شكليات تقنية، بل هو أساس بناء دولة القانون والمؤسسات، والسرعة الوحيدة التي نريد أن تسير بها بلادنا”.

وفي هذا السياق، تعيش المملكة المغربية في المرحلة الراهنة، لحظة نجاح ديبلوماسي تاريخية بعد القرار الأممي 2797 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي، يوم الجمعة 31 أكتوبر 2025، دعّم من خلاله مقترح الحكم الذاتي بالأقاليم الصحراوية تحت السيادة المغربية، وهو القرار الذي شكل مرحلة مفصلية لطي هذا النزاع المفتعل منذ نصف قرن.