على غرار المسطرة المدنية.. محامون يتشبثون بإحالة المسطرة الجنائية على المحكمة الدستورية

جددت إحالة قانون المسطرة المدنية على المحكمة الدستورية المطالب بضرورة إحالة قانون المسطرة الجنائية على نفس المحكمة، وهو ما يتمسك به عدد من المحامين الذين يرون أن “القانون يتضمن مقتضيات مخالفة للدستور وتمس بالحقوق والحريات”، مؤكدين أن “الحكومة والأغلبية البرلمانية تعمدتا تمرير نصوص مخالفة للدستور رغم كل الانتقادات التي رافقتها”.
وفي هذا السياق، قال المحامي بهيئة آسفي رضا بوكمازي، إن “المطالب بإحالة القانون على المحكمة الدستورية تنبع من ثلاث دواعي أساسية، أولها هو وجود حالة من التواطؤ لتضمين المسطرة الجنائية مقتضيات مخالفة للدستور أو غير مطابقة له”، مبرزا أن “وزير العدل نفسه كشف عن ذلك بشكل صريح”.
وأشار بوكمازي على وجه الخصوص إلى المواد المتعلقة بمحاربة الفساد وحق الجمعيات والأفراد في تقديم شكايات للنيابة العامة في هذا الشأن، موضحا أن “هذه المقتضيات واضحة في مخالفتها للدستور، ومع ذلك أصرت الحكومة وأغلبيتها على إدراجها في القانون”.
أما الداعي الثاني، وفق بوكمازي، فيرتبط بطبيعة قانون المسطرة الجنائية الذي يتعلق مباشرة بالحقوق والحريات، ما يستوجب عرضه تلقائيًا على الرقابة الدستورية، حيث أشار إلى أنه “من أهم القوانين التي تقيد حقوق الأفراد وحرياتهم وتمس بها، إضافة إلى أنه لأول مرة يتم التصويت عليه في ظل دستور 2011 الذي أسس لحقوق مختلفة عن الدساتير السابقة”.
وشدد بوكمازي على أنه “كان من المفترض، لضمان الحماية الدستورية لهذا النص، أن يخضع للرقابة الدستورية بشكل اختياري”، موضحا أن “هذه الرقابة يملك صلاحية تفعيلها رئيس الحكومة ورئيسا مجلسي النواب والمستشارين وعدد من أعضاء البرلمان”.
أما الداعي الثالث، يضيف المتحدث، أن “الحكومة برئاسة عزيز أخنوش عرقلت إصدار القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم الدستورية، وهو ما حرم المواطنين من آلية أساسية للطعن في القوانين”، مؤكدا أنه “لو كان هذا المقتضى موجودًا، لكان عدد كبير من المواطنين لجؤوا إليه لحماية حقوقهم وحرياتهم التي تمسها مقتضيات القانون الحالي”.
وفي غضون ذلك، شدد بوكمازي على أن “هذه الأسباب الثلاثة تفرض على رئيس الحكومة أو رئيسي مجلسي النواب والمستشارين تحمّل مسؤوليتهم السياسية والأخلاقية”.
وأشار إلى أن “المحامين سيواصلون تشبثهم بهذا المطلب، رغم أن الإحالة مرتبطة بآجال محددة قبل صدور الأمر بنشر القانون ودخوله حيز التنفيذ”، مشيرا إلى أنه “في حال عدم الاستجابة، فسيكون الخيار الوحيد المتبقي هو انتظار صدور القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم الدستورية، وعندها يمكن عرض المقتضيات المخالفة على المحكمة الدستورية لإبطالها”.
من جانبه، قال المحامي ورئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام محمد الغلوسي، إن “مطالب إحالة المسطرة الجنائية على المحكمة الدستورية لا تتحكم فيها غاية شخصية، وإنما هدفها التأكد من مدى مطابقة النص للدستور”.
وأشار الغلوسي إلى أن “القانون يبدو ظاهريًا مخالفًا للدستور، لأنه يمس بمبدأ فصل السلط”، ملفتا إلى أن “المادة الثالثة منه تشكل تدخلًا واضحًا في السلطة القضائية، في حين يؤكد الفصل 107 من الدستور على استقلالية السلطات التشريعية والتنفيذية عن القضائية”.
وأضاف أن “المادة 25 من النظام الأساسي للقضاة تنص على أن قضاة النيابة العامة يوضعون تحت إشراف ومسؤولية الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيس النيابة العامة، وهو ما يتناقض مع مقتضيات المادة الثالثة من القانون، كما أشار إلى تعارضها مع الفصلين 1 و107 والفصل 89 من الدستور”.
وشدد الغلوسي على أن “القانون يتناقض أيضًا مع قانون حماية المبلغين عن جرائم الفساد، ويمس باستقلالية النيابة العامة ويغل يدها في تحريك المتابعات في جرائم المال العام”، معتبرا أن “هذا يشكل خطرًا حقيقيًا ويكشف عن تواطؤ الأغلبية لتمرير نصوص مخالفة للدستور”.
واختتم الغلوسي بالتأكيد على أن “الأمل معقود على الملك، باعتباره الحريص على مطابقة القوانين للدستور، لعدم التصديق على هذا القانون المعيب والمخالف للدستور، والذي يمنع المجتمع من الإبلاغ عن جرائم الفساد ونهب المال العام”.