ارتفاع السياح الأجانب والحجوز المتأخرة.. خبير يفسر غلاء السياحة الداخلية بالمغرب

أرجع الخبير السياحي الزبير بوحوت أسباب غلاء تكاليف السياحة الداخلية خلال فصل الصيف إلى ضغوط متداخلة من ثلاثة مصادر رئيسية، تؤثر بشكل مباشر على العرض والطلب وتُفاقم كلفة العطلة بالنسبة للمواطن المغربي، خصوصًا ذوي الدخل المتوسط والمحدود.
وأوضح بوحوت، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن أول هذه العوامل يتمثل في الضغط الناتج عن مغاربة العالم، الذين يتوافدون بأعداد كبيرة على البلاد خلال فصل الصيف، ما يرفع الطلب على الخدمات السياحية بشكل حاد.
أما العامل الثاني، حسب المتحدث ذاته، فيتعلق بـالطلب المتزايد من السياح الأجانب، حيث شهد المغرب انتعاشًا لافتًا في السياحة الدولية، مدفوعًا بتطور العرض الجوي، خاصة من طرف شركات الطيران منخفضة التكلفة.
وبيّن بوحوت أن السائح الأوروبي، الذي يتفوق دخله بخمسة أو ستة أضعاف عن دخل المغربي، يجد في المغرب وجهة جذابة ورخيصة لقضاء عطله، مستفيدًا من عروض تسويقية تنافسية غالبًا ما تكون أرخص من تلك الموجهة للسوق المحلي.
وأوضح أن العامل الثالث، يتمثل في سلوك المستهلك المغربي، الذي غالبًا ما يؤجل الحجز السياحي إلى اللحظات الأخيرة، ويفضل السفر خلال العطلة الصيفية، التي تُعد الأطول في السنة، وتتزامن مع فترات عطلة في عدد من الدول، ما يُفاقم ضغط الطلب.
تباين القدرة الشرائية
وعلى مستوى العرض، أشار بوحوت إلى أن المغرب يتوفر على ما بين 300 و320 ألف سرير سياحي، إلا أن عددًا مهمًا من المؤسسات الفندقية ما زال مغلقًا، ما يؤدي إلى عجز واضح في القدرة الاستيعابية، خاصة خلال الفترات الحساسة من السنة.
وأشار إلى أن المواطن المغربي، وخصوصًا العائلات، يبحث عن منتوج سياحي يتماشى مع عاداته الاستهلاكية وقدرته الشرائية، وهو ما لا توفره العروض الحالية في كثير من الحالات، ما يدفع فئة واسعة من الأسر إلى “عزوف شبه تام” عن السفر داخليًا خلال الصيف.
في المقابل، أكد بوحوت أن العائلات القادرة على السفر تفضّل أحيانًا السياحة الخارجية، خاصة إلى وجهات مثل جنوب إسبانيا، حيث تتوفر على عروض مناسبة من حيث السعر والجودة، “فعلى سبيل المثال، يمكن لأسرة من خمسة أفراد أن تجد شقة سياحية بـ120 يورو فقط، ضمن مناخ تحرري وعروض ترفيه وتسوق بدون ضرائب”.
التفكير في حلول مستدامة
واعتبر الخبير السياحي أن هذا الواقع، حيث يفضّل بعض المغاربة منتوجًا خارجيًا أرخص وأجود، يجب أن يدفع المسؤولين، خصوصًا على المستوى المحلي، إلى التفكير الجدي في حلول واقعية ومستدامة لتطوير السياحة الداخلية، حتى تصبح أكثر قدرة على تلبية تطلعات المواطنين، وتنافس فعليًا العروض الأجنبية.
وختم بوحوت تصريحه بالتأكيد على أن السياحة الداخلية تُمثل حوالي 30% من ليالي المبيت المسجلة رسميًا، لكن هذه النسبة تشمل فقط الفئات القادرة على تحمّل الكلفة، أما الفئات الأخرى، فهي إما تقاطع السياحة أو تبحث عن بدائل خارجية أكثر إرضاءً.
وفي هذا السياق، كانت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك ما وصل إليه قطاع السياحة الداخلية من “ترسيخ لمظاهر الجشع والنصب والاحتيال من بعض المنعشين السياحيين على المستهلك المغربي”.
وأوضحت الجامعة في بلاغ لها أن “التصرفات اللا أخلاقية طالت كل الخدمات السياحية مما جعل المستهلك المغربي يعزف عنها”، مبرزة أن توفر الامكانيات المادية للمستهلك بات يدفعه لتوجه نحو الخارج لقضاء عطلته، حيث “يستفيد من نفس الخدمات بأثمنة جد تنافسية مقارنة مع العروض الوطني”.
وكانت دراسة صادرة عن مكتب الدراسات “Sunergia” قد كشفت أن 64 بالمائة من المغاربة لم يسافروا خلال العطلة الصيفية السابقة، موضحة أن السبب الأبرز يعود إلى عدم قدرتهم المالية على تغطية نفقات السفر، حيث أن نسبة ضئيلة فقط اختارت عدم السفر باختيارها، أو بسبب الظروف العائلية، أو لأسباب صحية.