حوادث القطارات في المغرب.. مطالب بإجراءات فورية لضمان سلامة الركاب

أثارت الواقعة المأساوية التي شهدتها أسرة الدكتور بوبكر منعم، والتي تم العثور فيها على جثته بالقرب من سكة الحديد بعد ستة أيام من اختفائه، النقاش من جديد حول مستوى السلامة في القطارات بالمغرب، خاصة مع توالي الحوادث في الآونة الأخيرة والتي راح ضحيتها شباب وأطفال وكبار في السن.
وتنضاف إلى قائمة الحوادث الأخيرة، تلك التي تعرّض لها أحد الطلاب، يوم 4 ماي 2025 بمحطة القطار بسطات، والتي أسفرت عن إصابات خطيرة في ساقيه أدّت إلى بترهما جرّاء سقوطه تحت عجلات القطار.
وتتزامن هذه الحوادث مع تصاعد الشكاوى حول تردي جودة خدمات القطارات في المغرب، حيث يشتكي المستخدمون من انعدام النظافة داخل القطارات، بالإضافة إلى مشاكل تتعلق بأمان الأبواب التي تظل مفتوحة أثناء سير القطارات، ما يشكل خطرًا على سلامة الركاب، كما يشير الكثيرون إلى غياب آليات فعالة لرصد وتحليل الحوادث داخل القطارات، ناهيك عن الشكاوى المرتبطة بالتأخر المستمر في مواعيد القطارات.
في هذا السياق، قال بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك، إن شروط السلامة في قطاع النقل عبر القطارات “غير متوفرة بالشكل الكافي” رغم وجود القانون 24.09 الذي ينظم السلامة والخدمات، الذي ينص على أن أي منتج صناعي يجب أن يكون مؤمّنًا بكل الضمانات اللازمة لحماية المستهلك.
وأضاف الخراطي أن القطارات أصبحت من وسائل التنقل الأساسية للمستهلك المغربي، إلا أن هذا القطاع لم يرتقِ بعد إلى مستوى تلبية احتياجات المستهلك، حيث يعاني من العديد من المشاكل، مشيرا إلى أن السلالم الكهربائية في محطات القطار تتعرض للتلف ولا تحظى بالصيانة اللازمة، ملفتا إلى الحادث المؤلم الذي راح ضحيته مؤخرًا طفل بسبب غياب الزجاج في إحدى السلالم.
وأشار الخراطي إلى أن القطارات القديمة كانت تتميز بوجود نظام أمان يعمل بشكل تلقائي حين وجود خطر ما فيتوقف القطار، مؤكدا أن هذا النظام اختفى في القطارات الحديثة، وأضاف أنه بالرغم من وجود طاقم أمني على متن القطارات، “إلا أن السؤال الذي يطرح هو هل يقوم الطاقم بدوره بالشكل المطلوب”.
وتساءل الخراطي عن جدية استعداد المغرب لاستضافة كأس إفريقيا وكأس العالم “في وقت لا يزال يتوفر على قطارات متأخرة عن تلبية احتياجات السلامة المتطورة، ومتطلبات المستهلك”، مشددا أن تدهور جودة الخدمات “يؤثر سلبًا على صورة المغرب أمام العالم”.
وفي غضون ذلك، دعا الخراطي إلى “ضرورة تغيير الإدارة في قطاع السكك الحديدية واعتماد مفهوم جديد لإدارة هذا القطاع الحيوي”، مبرزا أن هذا التغيير يجب أن يركز على تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الخدمات، ومراعاة رضا المستهلك الذي يعد الزبون الأول.
من جانبه، اعتبر رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبد الإله الخضري، أن حادثة وفاة الدكتور بوبكر منعم، التي تم العثور على جثته بالقرب من سكة الحديد بعد اختفائه لمدة ستة أيام، تثير العديد من الإشكالات القانونية والحقوقية التي لا يمكن السكوت عنها، حيث يكشف الموضوع عن “ضعف شديد” في منظومة السلامة في وسائل النقل العمومي بالمغرب، ويطرح تساؤلات بشأن كيفية تفاعل المؤسسات المعنية مع حالات الاختفاء والطوارئ.
ولفت الخضري إلى أن المكتب الوطني للسكك الحديدية “كان يجب أن يكون أكثر شفافية في تعامله مع هذا الملف”، إذ من المفترض أن يقدم كافة المعطيات التي بحوزته، مثل تسجيلات الكاميرات وسجلات التذاكر، فور الإبلاغ عن حادثة اختفاء أو عند وجود شبهة، مبرزا أن عدم تفاعل المكتب مع هذا الموضوع بالشكل المطلوب يمكن أن يعد “تقصيرًا إداريًا خطيرًا” قد يعرضه للمسائلة القانونية، بل قد يُعتبر عرقلة لمسار العدالة، مما يستدعي فتح تحقيق مستقل.
وتحت مبدأ الحق في الحياة، الذي تضمنه المواثيق الدولية والدستور المغربي، يعتبر الخضري أن بقاء جثة الضحية بالقرب من سكة الحديد طوال هذه الفترة دون أن يتم الإبلاغ عنها “انتهاكًا صارخًا لسلامة الأفراد”، مستغربا كيف لمؤسسة وطنية، مزودة بكل الإمكانيات التكنولوجية واللوجستية، أن تفرط في رصد مثل هذا الإهمال.
وفيما يتعلق بمعاملة أسرة الضحية، فإن المتحدث يُشير إلى أنه كان من المفترض أن تحظى ابنة الدكتور بوبكر منعم بمعاملة إنسانية من قبل المؤسسات المعنية، بما يعكس احترام حقها في المعرفة والعدالة، معتبرا أن “انتقالها بين محاكم مراكش والعرائش والرباط في ظل هذه البيروقراطية المغلقة يعكس نقصًا كبيرًا في فاعلية وآليات التواصل بين المواطن والمؤسسات”.
في هذا الصدد، شدد الخضري على ضرورة فتح تحقيق شفاف ومستقل لتوضيح ملابسات الحادث، وتحديد المسؤوليات بدقة.
وحول تفاصيل الواقعة، حاولت “صوت المغرب” التواصل مع إدارة المكتب الوطني للسكك الحديدية للحصول على توضيحات حول الحادث، غير أنها لم تتلقَ أي رد.