حرائق الشمال تأتي على 500 هكتار وخبير بيئي يحذر من سلوك الزوار

شهدت عدد من المناطق بشمال المغرب خلال اليومين الأخيرين اندلاع عدد من الحرائق التي أتت على غطاء نباتي واسع، كان آخرها على مستوى غابات نواحي مدينتي شفشاون وتطوان.
ويتواصل العمل من أجل تطويق النيران في كل من جماعة الدردارة التابعة لإقليم شفشاون، وفي جماعة بنقريش ضواحي مدينة تطوان، حيث التهمت النيران مساحات شاسعة من المجال الغابوي.
وتُعد أقاليم الشمال عموماً، بما فيها دردارة وأقشور وبوعنان، من أكثر المناطق عرضة للحرائق، خاصة في فصل الصيف، خاصة في ظل عوامل مناخية قاسية مثل الحرارة المرتفعة والجفاف والرياح الشرقية القوية، إضافة إلى سلوكات بشرية غير مسؤولة داخل الغابات.
في هذا الصدد، يقول الخبير البيئي مصطفى بنرامل، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إنّه على خلاف الغابات في وسط وجنوب المغرب، مثل غابات جبال الأطلس المتوسط، تنتشر الحرائق بشكل أكبر في غابات شمال المغرب.
وأوضح بنرامل أن هذا الأمر راجع إلى الإقبال الكبير الذي تعرفه غابات ومنتزهات الشمال من الزوار في فصل الصيف، مشيراً في الوقت ذاته إلى فرضية أخرى تتعلق بتوسع الأنشطة الزراعية على حساب الغابات من خلال التسبب في الحرائق.
وتبقى الفرضية الأقوى، بحسب المتحدث، هي حجم الإقبال من طرف السياح، سواء الأجانب أو المحلّيين، على هذه المناطق، مثل أقشور وبوهاشم وغيرها، خلال هذه الفترة من الصيف، موضحاً أن هذا الإقبال “يفرض ضغطاً إضافياً على البيئة”، خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة.
ونبه إلى أن الزوار لا يتعاملون في بعض الأحيان بالحذر الكافي عند زيارتهم لهذه المناطق، إذ يوقدون النار للطهي أو يرمون النفايات في أماكن غير مناسبة، ما يزيد من مخاطر اندلاع الحرائق. وأوضح أنه مع ارتفاع الحرارة واستمرار الجفاف، “قد تشتعل النيران بسهولة وتنتشر بسرعة بفعل الرياح الشرقية القوية التي تشهدها المنطقة”.
وانتقد الخبير البيئي سلوكيات وصفها بـ”الخاطئة” من قبل بعض الزوار، مثل رمي السجائر وترك الزجاجات أو القوارير الفارغة التي قد تعمل كعدسات مكبرة تحت أشعة الشمس، مما يساهم في اندلاع الحرائق.
وأشار إلى أن هذه التصرفات، إلى جانب الظروف المناخية الحارة والجافة، تجعل الغابة في وضع هشّ للغاية خلال الصيف.
وشدّد مصطفى بنرامل على أن أهمية وجود التنوع البيولوجي والكائنات الحية في وسط طبيعي مكفول ومحمي بموجب الاتفاقيات الدولية التي يلتزم بها المغرب، سواء تعلق الأمر بالأشجار أو النباتات الطبية والعطرية، أو الطيور والثدييات والزواحف المهددة بالانقراض.
وأوضح أن المغرب ملزم، بموجب هذه الاتفاقيات، بحماية هذه الثروات الطبيعية باعتبارها حقاً بيئياً أصيلاً لكل الكائنات، وأيضاً حقاً للإنسان الذي يعتمد عليها في معيشته ورعيه وزراعته.
وخلص مصطفى بنرامل إلى أن حماية الغابات “لا تعني فقط صون الأشجار والنباتات، بل أيضاً الحفاظ على التوازن البيئي الذي يضمن استمرار الحياة البرية والنشاط البشري المستدام”، فضلاً عن منع المخاطر التي قد تهدد المنازل والسكان بسبب الحرائق.
وفي السياق، أفادت الوكالة الوطنية للمياه والغابات بأن عمليات التدخل لإخماد الحريق الغابوي الذي اندلع بجماعة دردارة بإقليم شفشاون، مكنت من التحكم في ثلاث من أصل أربع بؤر كبيرة، فيما تواصل الطائرات عملها على إخماد البؤرة المتبقية.
وأوضح بلاغ للوكالة، يوم الأربعاء 13 غشت 2025، أنه تمت إحاطة بعض البؤر الصغيرة جدا على المستوى البري من طرف فرق الإطفاء، مضيفا أن المساحة المتضررة، إلى حدود الساعة، تقدر بحوالي 500 هكتار من المجال الغابوي وبعض الحقول المجاورة.
وأبرز المصدر ذاته، أنه تمت تعبئة نحو 450 عنصرا من مختلف الفرق المعنية، إلى جانب تسخير موارد ومعدات وآليات ووسائل تقنية متطورة، من بينها أربع طائرات من نوع “كانادير” وأربع طائرات من نوع “توربو تراش”، للمساهمة في جهود إخماد الحريق.
وسجل أن عمليات التدخل، التي مكنت من تجنب وقوع إصابات أو خسائر بشرية، ما تزال متواصلة، اليوم الأربعاء، بمشاركة فرق ميدانية ووسائل جوية ولوجستية هامة، مشيرا إلى تحسن ملحوظ بين يوم أمس واليوم.
وخلصت الوكالة الوطنية للمياه والغابات إلى أن جميع الموارد البشرية والوسائل اللوجستية تظل معبأة إلى حين السيطرة الكاملة على الحريق وإخماده بشكل نهائي.