story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
إعلام |

بوخصاص: مشروع قانون تنظيم المجلس الوطني للصحافة هدر للزمن وضرب للمساواة

ص ص

أثار مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، الذي صادق عليه المجلس الحكومي في اجتماعه الأسبوعي المنعقد يوم الخميس 3 يوليوز 2025، موجة جدل واسعة في الأوساط الإعلامية والحقوقية، وسط تحذيرات من تقويض مبادئ التنظيم الذاتي والمساواة داخل القطاع.

ويأتي هذا المشروع في سياق توتر مستمر منذ أكثر من عامين بشأن مستقبل هذه الهيئة التنظيمية، بعدما تم تمديد ولايتها بشكل استثنائي، دون إجراء انتخابات لتجديد هياكلها كما ينص على ذلك قانون إحداثها.

وفي السياق، اعتبر محمد كريم بوخصاص، أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، أن صدور مشروع قانون جديد لإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة يُعد بمثابة “هدر” لعامين ونصف من الزمن المؤسساتي، بعدما أُدخل المجلس في وضع استثنائي ومؤقت دون تحقيق الهدف الجوهري، وهو تنظيم انتخابات لتجديد هياكله كما نص عليه قانون إحداثه.

وأوضح بوخصاص، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن ما وقع يُمثل “سيناريو عبثيًا”، إذ تم تفويت فرصة تنظيم الانتخابات في نهاية ولاية المجلس، ليُمدَّد له بدعوى الحاجة إلى الوقت الكافي لتنظيمها، “لكن من دون أن يتحقق شيء من ذلك”، مضيفًا أن تشكيل لجنة مؤقتة من بعض أعضاء المجلس السابق، وإسناد مهمة تحضير الانتخابات إليها، لم يسفر بدوره عن أي نتيجة ملموسة طيلة عامين، وهو ما وصفه بـ”الهدر الكبير للزمن”.

وأشار الأكاديمي إلى أن التنظيم الذاتي للصحافة، الذي يُعد أحد أرقى أشكال تعزيز حرية الإعلام، والذي كان المغرب سبّاقًا لاعتماده على مستوى العالم العربي، يعرف منذ أكتوبر 2022 اختبارًا صعبًا، “يهدد مكاسب تم تحقيقها في هذا المجال”.

وفي سياق حديثه عن مضامين مشروع القانون الجديد، عبّر بوخصاص عن قلقه من “ضرب مبدأ المساواة”، موضحًا أن “القانون السابق كان ينص على انتخاب 7 صحافيين و7 ناشرين، بينما ينص المشروع الحالي على انتخاب الصحافيين فقط، مقابل اعتماد آلية الانتداب في ما يخص الناشرين”، معتبراً أن ذلك “إخلال واضح” بالتوازن داخل المؤسسة.

ورغم ما سجل من ملاحظات على أداء المجلس في نسخته الأولى، والذي لم يُقدّم حتى اليوم تقريرًا تقييمياً رسمياً لعمله، يرى بوخصاص أن مجرد وجود هذه المؤسسة يُعد في حد ذاته مكسبًا للمشهد الإعلامي الوطني، داعيا إلى تظافر الجهود البرلمانية والمدنية من أجل تجاوز نواقص المشروع عبر تعديلات تُعزز استقلالية المجلس وتُكرّس أسسه الديمقراطية.

“دون أي حوار مسبق”

من جانبه، عبّر حزب التقدم والاشتراكية عن قلقه الشديد إزاء ما وصفه بـ”الانحراف الخطير” في تدبير قطاع الصحافة والنشر، وذلك على ضوء اقتراب انتهاء مهام اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون الصحافة، التي كانت الحكومة قد شكلتها بقرار “متسرع ومتعارض مع مقتضيات الدستور”، بحسب تعبير الحزب.

وفي بلاغ صادر عن المكتب السياسي، اعتبر الحزب أن تشكيل اللجنة المؤقتة تمّ في إطار “تجاوز واضح لمنطق التدبير الديمقراطي المستقل” لهذا القطاع الحيوي، وذلك في محاولة وصفها بـ”الممنهجة لإقبار المجلس الوطني للصحافة”، المؤسسة المخوّلة دستوريًا بتنظيم المهنة.

وفي السياق ذاته، أدان الحزب “محاولة الحكومة تمرير مشاريع نصوص قانونية جديدة تتعلق بالمجلس الوطني للصحافة وبالصحافيين المهنيين، دون أي حوار مسبق أو إشراك فعلي للفاعلين في الحقل الإعلامي”، معتبراً أن هذا النهج يُعد “إقصاءً غير مسبوق”، مشيرا إلى موقف الفيدرالية المغربية لناشري الصحف التي بدورها نددت بهذا التوجه من خلال بيان لها.

وأكد الحزب أن “الإصرار على المنهجية الإقصائية” في بلورة هذه النصوص التشريعية الهامة، لا يمكن قراءته إلا كدليل على وجود “نوايا سلبية” تُحيط بمضامين هذه القوانين وتوجهاتها، مما “يُهدد التنظيم الذاتي للصحافة واستقلاليته، ويُقوض ما تحقق من مكتسبات في هذا الإطار”.

مستجدات قانون مجلس الصحافة

وتضمن مشروع قانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، عددا من التعديلات على مستوى تمثيلية أعضاء المجلس، مدة الولاية الانتدابية، آلية انتخاب أعضاء المجلس، وتجديد هياكله، وغيرها. وذلك بهدف “توفير بيئة قانونية مستقرة وشفافة للممارسة الصحافية، تمكن من ضمان فعالية التنظيم الذاتي للمهنة، وفق الضمانات القانونية والديمقراطية لتأطير القطاع وضمان استمرارية مؤسساته”.

وفي هذا الإطار، ينص مشروع القانون المذكور، الذي اطلعت صحيفة “صوت المغرب”، على نسخة منه، على إحداث آلية لتنظيم انتخاب ممثلي الصحافيين المهنيين، مع تخفيض شرط الأقدمية في الترشح إلى عشر (10) سنوات عوض خمس عشرة (15) سنة، وإحداث آلية أخرى مفصلة لانتداب ممثلي الناشرين بالمجلس، “ترتكز على معايير موضوعية أهمها عدد المستخدمين المصرح بهم ورقم المعاملات السنوي، بما يضمن تمثيلية عادلة تعكس الحجم الاقتصادي والهيكلي للمؤسسات الصحافية”.

وفي هذا الصدد، نص المشروع على إحداث “لجنة إشراف” تناط بها مهمة تنظيم العمليات الانتخابية للصحافيين المهنيين وكذا تحديد الحصص التمثيلية للمنظمات المهنية للناشرين، “مع ضمان نزاهة هذه العمليات، وإتاحة إمكانية الطعن القضائي وفق آجال مضبوطة”. كما تم تدقيق شروط الترشح والتصويت بالنسبة للصحافيين المهنيين، وربط الأهلية بالممارسة المهنية الفعلية ضماناً لمصداقية التمثيلية داخل المجلس.

ومن بين أبرز المستجدات كذلك، تم تنظيم مسطرة تعذر تجديد هياكل المجلس من خلال التنصيص على إمكانية إحداث “لجنة خاصة” مؤقتة يتم تشكيلها بعد ثبوت حالة التعذر بموجب حكم قضائي، تتولى تسيير شؤون المجلس بصفة انتقالية وتسهر على تشكيل مجلس جديد داخل أجل لا يتعدى 120 يوماً، بما يضمن استمرارية المؤسسة وعدم تعطيل ومهامها.

أما فيما يخص تركيبة المجلس، فقد نص المشروع على أنه يتكون من من سبعة عشر (17) عضوا، عوض 21، يمثلون ثلاث فئات : سبعة (7) أعضاء ممثلين للصحافيين المهنيين يتم انتخابهم عن طريق الاقتراع المباشر، سبعة (7) أعضاء ممثلين للناشرين يتم انتدابهم من قبل المنظمات المهنية وفق قواعد حصص مضبوطة قانوناً، ثلاثة (3) أعضاء يتم تعيينهم من قبل مؤسسات وهيئات دستورية، “بما يضمن إشراك مؤسسات الحكامة في تأطير القطاع”.

وفي هذا السياق، تم حذف خمس هيئات من عضوية المجلس بعد هذا التعديل، ويتعلق الأمر بكل من ممثل عن المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، ممثل عن جمعية هيئات المحامين بالمغرب، ممثل عن اتحاد كتاب المغرب، ناشر سابق تعينه هيأة الناشرين الأكثر تمثيلية، وصحافي شرفي تعينه نقابة الصحافيين الأكثر تمثيلية.

وفي مقابل ذلك، تم إلحاق عضو ممثل للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وبقاء ممثل للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وممثل للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.

وبالنسبة للتمثيلية النسائية داخل هياكل المجلس، أورد المصدر أنه تم تخصيص ثلاثة (3) مقاعد على الأقل للصحافيات المهنيات ضمن فئة الصحافيين المهنيين، وتم تعميم هذا المقتضى كذلك على مستوى ممثلي الناشرين بالمجلس من خلال اشتراط عدم تتابع أسماء من نفس الجنس في لوائح ممثلي الناشرين، “بما يساهم في ترسيخ التوازن بين الجنسين داخل تركيبة”.

“كما عمل المشروع كذلك على إعادة ضبط النصاب القانوني للاجتماعات، وبسط مساطر التبليغ والآجال، بما يعزز مرونة الأداء المؤسساتي”، حسب مشروع القانون.

وعلى مستوى الوساطة والتحكيم، “فقد طور المشروع المساطر المعمول بها، بما يعزز فعالية هذه الآلية كوسيلة فعالة لتسوية الخلافات ويكرس ثقافة التوافق والحوار داخل الحقل المهني”.

وفضلا عن ذلك، تم توسيع مجال اختصاص المجلس، من خلال التنصيص على إحداث ومسك سجل خاص بالصحافيين المهنيين الحاصلين على بطاقة الصحافة المهنية، وسجل خاص بالناشرين، “مما يعد يعد آلية تنظيمية أساسية لضبط القطاع وتحيين المعطيات المتعلقة به”.

كما تم تقنين آجال إبداء رأي المجلس حول مشاريع القوانين والمراسيم المعروضة عليه، مع إمكانية تقليص هذا الأجل في الحالات الاستعجالية بقرار من الحكومة، إضافة إلى التنصيص على إلزام المجلس بنشر ميثاق أخلاقيات المهنة وكذا الأنظمة التي يضعها في الجريدة الرسمية، “وهو تطور جوهري يكرس مبدأ العلنية والشفافية في ممارسة مهام المجلس في خطوة تربي إلى ترسيخ مبدأ العلنية والشفافية في ممارسته لمهامه”.