الملك يدعو إلى تعزيز تمثيلية إفريقيا في الهيئات الدولية لتجاوز التحديات الحالية

دعا الملك محمد السادس إلى تعزيز تمثيلية إفريقيا في الهيئات الدولية بما يمكن الفاعلين في القارة من التملك الحقيقي للرهانات والتحديات التي تواجههم، وما يتصل بها من حلول، موصيا بالتركيز على أربع ركائز رئيسية ضرورية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة في القارة بما في ذلك تغيير النموذج المعتمد في تمويل التنمية وتعزيز المبادلات البينية الإفريقية وتنشيطها.
وقال الملك في رسالة بمناسبة دورة 2025 لـ “ملتقى إبراهيم لنهاية الأسبوع حول الحكامة” اليوم الأحد 01 يونيو 2025، إنه بدون تمويل كاف ومناسب للاحتياجات الإفريقية الخاصة، لن يتأتى للقارة تنفيذ إصلاحاتها ومشاريعها التنموية على الوجه الأمثل، معتبرا أن “تعبئة الموارد، باعتبارها أمرا ضروريا لتحقيق نمو مستدام وشامل، شرط أساسي للتحول الهيكلي للاقتصاديات الإفريقية”.
وفي هذا الصدد دعا الملك في رسالته التي تلاها المستشار أندري أزولاي إلى التركيز على أربع ركائز رئيسية ضرورية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة في إفريقيا، على رأسها تغيير النموذج المعتمد في تمويل التنمية.
وتابع أن القارة مطالبة بتعبئة أكبر لمواردها الداخلية، والقيام بإصلاحات هيكلية من أجل تقوية الجهاز الماكرو اقتصادي، وتشجيع آليات مبتكرة لتمويل التنمية، والاستفادة الفعالة من التحويلات المالية للجاليات الإفريقية، مشددا على أنه لم يعد بإمكان إفريقيا أن تعتمد فقط على الدعم العمومي للتنمية، أو التمويلات الخارجية المنشئة للديون.
كما أكد على ضرورة إحداث بيئة مؤسساتية اقتصادية واجتماعية مواتية للتنمية، مضيفا أن “تحفيز الاستثمار وريادة الأعمال، ومن ثم خلق فرص العمل، كل ذلك يستلزم تسريع وتيرة الإصلاحات المرتبطة بالحكامة الجيدة بصفة خاصة، وكذلك تحسين مناخ الأعمال، وتعزيز الشفافية، وحماية المستثمرين ومحاربة الفساد وتخليق منظومة العدالة”.
وفي الركيزة الثالثة، دعا الملك محمد السادس إلى تعزيز المبادلات البينية الإفريقية وتنشيطها، معتبرا أن التكامل الاقتصادي للقارة الإفريقية لم يعد مجرد خيار، بل أصبح ضرورة حتمية في ظل عالم معولم.
في هذا الإطار أوضح أن حصة إفريقيا في التجارة العالمية لا تتجاوز نسبة 3%، بينما تمثل المبادلات البينية الإفريقية نسبة 16% من مجموع التجارة الإفريقية، مقارنة بـ 60% بالنسبة لأوروبا، و50% بالنسبة لآسيا.
واعتبر أن إطلاق منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية يشكل فرصة سانحة لتنشيط التجارة بين البلدان الإفريقية، وجعلها عاملا محفزا للنمو والتنمية المستدامة في القارة، وتشجيع التصنيع وتعزيز مرونة الاقتصاديات الإفريقية وجاذبيتها للاستثمار.
وضمن الركيزة الرابعة أكد الملك على ضرورة التثمين الشامل للموارد الطبيعية التي تزخر بها القارة، مضيفا أنه في ظل امتلاك هذه الأخيرة لـ 40% من الاحتياطيات العالمية من المواد الأولية، و30% من المعادن الاستراتيجية، إلى جانب ما تزخر به من مؤهلات كبيرة في مجال الموارد المعدنية والطافية والمائية والفلاحية والبيولوجية، “لم يعد من المقبول أن تكتفي إفريقيا بدور المصدر لمواردها الأولية”.
وقال الملك “لقد آن الأوان كي تجني إفريقيا ثمار مؤهلاتها وإمكاناتها وثرواتها الضخمة، وتخلق قيمة مضافة، وتوفر مداخيل جديدة لتمويل تنميتها، إلا أن تحقيق هذا المسعى يظل رهينا بالاستثمار في تحويل ثرواتها الطبيعية محليا، وخلق سلاسل قيمة إقليمية وتشجيع التصنيع وخلق فرص العمل، وتعزيز التكامل الإقليمي وشبه الإقليمي”.
وخلص إلى أن تمويل التنمية في إفريقيا يحتاج إلى عمل جماعي تتضافر فيه جهود التعاون على المستويين الإقليمي والدولي، مشددا على ضرورة النقاش الأساسي حول إصلاح النظام المالي الدولي أن يعتمد مقاربة متعددة الأطراف، تنخرط فيها بشكل كامل البلدان الإفريقية التي غالبا ما يطالها التهميش في عملية صياغة ووضع قواعد النظام النقدي والمالي العالمي.
ويذكر أن ملتقى “نهاية الأسبوع السنوي حول الحوكمة” ينعقد بمدينة مراكش خلال الفترة الممتدة من فاتح إلى ثالث يونيو 2025، ويَعد بتسليط الضوء على التحديات الكبرى التي تواجه القادة اليوم، في أفريقيا وعلى مستوى العالم.
ويعرف الملتقى مشاركة كل من أمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة؛ وتيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية؛ وجوزيب بوريل، الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية؛ ولويز موشيكيوابو، الأمينة العامة للمنظمة الدولية للفرنكوفونية؛ ومو إبراهيم، مؤسس ورئيس مؤسسة مو إبراهيم.