المصور عبد الصمد.. طالب السينما الذي سقط برصاصة في أحداث القليعة

لم يكن الطالب عبد الصمد (22 سنة) يتوقع أن تكون خرجته مساء الأربعاء 1 أكتوبر 2025، حاملاً كاميرته، آخر مرة يوثق فيها بعدسته مشاهد من الشارع، فابن معهد السينما بورزازات خرج من بيت أسرته بمنطقة القليعة ضواحي أكادير، ليوثق الأحداث التي شهدتها مدينته، كما اعتاد أن يفعل، قبل أن تخترق رصاصة رأسه وتسقطه مضرجاً في دمائه.
في ذلك اليوم، كانت احتجاجات “جيل Z” تعم عدة مدن مغربية، حيث دعت الحركة الشبابية إلى التظاهر السلمي والتشديد على تجنب أي تصرفات قد تشوه مطالبها، لكن بعض المناطق عرفت استغلال بعض الأشخاص لهذه الاحتجاجات ليحولوها إلى مواجهات عنيفة، والقليعة كانت من بين أكثرها دموية.
بحسب الرواية الرسمية التي قدمها الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بأكادير، عبد الرزاق فتاح، فإن ما بدأ كوقفة احتجاجية في السوق المركزي سرعان ما تحول إلى “أعمال شغب منظمة”.
وأوضح أن أكثر من 200 شخص عمدوا إلى إثارة الفوضى، وتخريب ممتلكات عامة وخاصة، قبل أن يتوجهوا نحو مركز الدرك الملكي بالقليعة، هناك، تقول السلطات، حاول المحتجون اقتحام المستودع الذي يضم الأسلحة والذخيرة.
وتفيد الرواية الرسمية أن عناصر الدرك أطلقوا الغاز المسيل للدموع، ثم طلقات تحذيرية لم تثنِ المتجمهرين، قبل أن يضطروا وفق تعبيرها إلى استعمال أسلحتهم “في إطار الضوابط القانونية” دفاعاً عن النفس ومنعاً من الاستيلاء على العتاد.
غير أن صور وفيديوهات توصلت بها “صحيفة المغرب” أظهرت عبد الصمد ممسكاً بكاميرته وهو يبتعد عن المجموعات المهاجمة للمركز، ثم ظهر لاحقاً ممدداً على الأرض غارقاً في دمائه، وشهادات أصدقائه عززت هذه الرواية، مؤكدين أنه “لم يكن طرفاً في أعمال العنف، بل مجرد مصور شاب خرج لتوثيق اللحظة”.
رحيل عبد الصمد أثار موجة غضب وأسف واسعة، حيث سارعت فعاليات حقوقية ومدنية إلى المطالبة بفتح تحقيق مستقل وشفاف في ظروف مقتله، والتأكد من ملابسات إصابته، مع التأكيد على أن “الشاب لم يكن طرفاً في أعمال الشغب، بل ضحية رصاصة أودت بحلمه ومسيرته”.