story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دين |

الريسوني يعدد المظاهر الخمسة “للتخلف السحيق” في قرار التوفيق

ص ص

قال المفكر المقاصدي والرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحمد الريسوني، إن ما يقصده من وراء وصفه قرار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إعفاء رئيس المجلس العلمي المحلي بفجيج بـ”التخلف السحيق”، هو التخلف الذي “يعُدّه حُرّاسه مقدساً”، وليس التخلف المطلق.

وأوضح الريسوني، في تدوينة على صفحته الرسمية بموقع “فايسبوك”، أن الفرق بين المفردتين يكمن في أن التخلف “يعرف صاحبُه – ويعترف – أنه متخلف، ويسعى إلى تجاوز هذا التخلف”، ولذلك أطلقوا على الدول المتخلفة وصف “دول نامية” أو “في طريق النمو”.

وأضاف أنه في نطاق وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية “توجد كثير من الزوايا والقضايا تعاني من وطأة ‘التخلف السحيق’، وهو التخلف الذي يعتبره حراسه تخلفاً مقدساً، تجب حمايته ولا ينبغي المساس به”.

وذكر أن من أمثلته عزل رئيس المجلس العلمي المحلي بمدينة فجيج، والطريقة التي تم بها ذلك، مشيراً إلى أن هذا العزل، “الذي له نظائر كثيرة في عزل رؤساء وأعضاء المجالس العلمية، وفي عزل خطباء الجمعة”، تم بطريقة “موغلة في الاستبداد”.

واعتبر أن هذه الطريقة “لم يعد لها وجود في أي وزارة أو مؤسسة مغربية أخرى، ولا حتى في القطاعات الخاصة”.

ومن مظاهر “التخلف السحيق” على مستوى قرار وزارة الأوقاف، ذكر الريسوني أن القرار اتخذه الوزير وحده؛ إذ عنون بـ”قرار لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية”. وفي نصه: “وزير الأوقاف… قرر ما يلي”، لافتاً إلى أن مثل هذا التصرف، الذي وصفه بـ”الانفرادي”، لم يعد له وجود في الإدارات والمؤسسات المغربية، باستثناء وزير الأوقاف.

وأشار إلى أن من بين مظاهره أيضاً ما ذكره رئيس المجلس العلمي الجهوي، مصطفى بن حمزة، في خرجة إعلامية، عندما قال إن “المجلس العلمي الأعلى هو من اتخذ قرار العزل”. ويرى الريسوني أن في هذا “تناقضاً تاماً” مع ما ورد في نص القرار الوزيري، معتبراً أن “هذا البيان (تصريح بن حمزة) يحتاج إلى بيان”.

أما المظهر الثالث من مظاهر “التخلف السحيق”، بحسب الريسوني، فهو أن القرار “خالٍ تماماً من أي تعليل أو تسبيب أو تفسير، ولو بالإشارة إلى المؤاخذة – أو المؤاخذات – المقتضية لقرار الإعفاء!”.

وانتقد طريقة تبليغ المعني بالأمر بـ”قرار كبير”، ليس معه إلا “الغموض الخلّاق”، بحسب تعبيره، مشيراً إلى أن هذا أيضاً “يقال فيه ما قيل في سابقه؛ فلا يوجد وزير أو مسؤول متخلف يوقّع ويرسل قراراً بهذه الكيفية”.

وشدد الريسوني، العالِم المقاصدي، على أن المسألة هنا “تتجاوز التخلف إلى التخلف السحيق”.

وأشار إلى أن المعني بالأمر لا يعرف حتى الآن سبب عزله “إلا تخميناً وظناً”، معتبراً أن ما ذكره الرئيس المعزول عن غيابه “فليس فيه أن ذلك كان هو سبب العزل، بل فيه ما يحتمل وجود سبب آخر لم تتطرق إليه اللجنة، أو لم تركز عليه”، إذ قال: “والسبب الذي ركزت عليه اللجنة التي زارت المجلس قبل نحو شهرين، هو عدم انتظام حضوري في المجلس، وهذه حقيقة لا أنكرها”.

وبذلك يكون المظهر الرابع من مظاهر “التخلف السحيق”، هو تركيز اللجنة على مسألة الغياب، بحسب الريسوني، الذي يرى أنه “لو كانت مسألة الغياب هي سبب عزل الرئيس، لوجب عزل كافة المتغيبين بغير عذر، وقد ذكرهم السيد رئيس المجلس الجهوي، في بيانه الشفوي”.

واعتبر الريسوني إحالة الوزير في اتخاذ قراره على الظهير المنظم للمجالس العلمية، دون ذكر أي مادة أو فقرة يُستند عليها، مظهراً خامساً من مظاهر “التخلف السحيق”، مشبهاً الأمر بأنه “كما لو أن قاضياً أصدر حكمه قائلاً: بناءً على القانون الجنائي، أو بناءً على مدونة الأسرة”.

أما معنى التخلف، فأوضح أن القول فيه، وفي معنى “التخلف السحيق”، كالقول في الجهل والجهل المركب.

واستشهد في شرح معنى التخلف، الذي قال إن “صاحبه يعرفه ويعترف به ويسعى إلى تجاوزه”، باستعمال عبارة “الانتقال الديمقراطي” في حالة المغرب، التي تفيد أنه في طور الانتقال إلى دولة ديمقراطية “وسائر في طريقها. وهذا ما تشير إليه أيضاً أول عبارة في الدستور المغربي، وهي: أن المملكة المغربية، وفاءً لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون”.

وأشار إلى أن ذلك يعد “صيرورة الانفكاك التدريجي من ربقة التخلف، وهي صيرورة تتطلب كفاحاً طويلاً على جبهات شتى”، إذ يبقى من المهم، بحسب الريسوني، “أن يكون الجميع متفقين – ولو مبدئياً – على ضرورة الانتقال والانفكاك”.

وكان المفكر أحمد الريسوني قد وصف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بـ “رمز التخلف السحيق”، تفاعلا مع قرار الوزارة بإعفاء رئيس المجلس العلمي المحلي لفجيج من منصبه “دون أي تفسير”.

وقال أحمد الريسوني، في تدوينة على صفحته الرسمية بموقع “فايسبوك” يوم السبت 02 غشت 2025، “ليس غريبا ولا مستنكرا أن يُصدر وزير قرارا بإعفاء أحد منسوبي وزارته من منصب كان يشغله.. ولكن الغريب والمستنكر هو أن يصدر الوزير قرارا بإعفاء عالم – أو أي موظف – من منصبه، بدون أي تفسير أو تعليل، ولا بكلمة واحدة، ولا بإشارة!!”.

وأضاف أن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، “قال في خطابه الغريب، مادة فريدة: ابتداء من 31يوليوز 2025 يعفى السيد محمد بنعلي من رئاسة المجلس العلمي المحلي بفجيج”. اهـ.

واستنكر المفكر المقاصدي غياب ذكر أو إشارة إلى أي سبب “ولا مخالفة ولا خطأ، لا علمي ولا سياسي ولا خلقي؟! ولا مجلس تأديبي، ولا رأي للمجلس العلمي الأعلى، ولا قرار لأي جهة مختصة، ولا حتى استماع أو استفسار للمعني بالأمر “المتهم”.

“كل ما هناك أني: أعفيتك وعزلتك! هكذا يتصرف الوزير، كمن (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ)”، يضيف الريسوني منتقدا قرار الوزير أحمد التوفيق.

واستهجن في هذا الصدد هذه الطريقة، التي وصفها بـ “الموغلة في الاستبداد والفرعونية والتعطيل التام لشعار دولة القانون والمؤسسات”.

وذكر المتحدث في هذا السياق، بكلمة “سبق أن سمعها من أحد العلماء، “وكانت تبدو لي غريبة غير مفهومة، والآن أراها حكيمة سديدة، (…) لو قيل لي أنشئْ لنا هيئة تكون مختصة في تشويه الإسلام، لما وجدت لهم أنسب من وزارة الأوقاف!”.

وخلص الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحمد الريسوني، في تدوينته، إلى القول إن “المغرب الآن لا يسير فقط بسرعتين مختلفتين، ولكن يسير بسرعتين متعاكستين”.