اعليا: ميزانية 2026 لا تكفي لمعالجة الإشكالات البنيوية في التعليم والصحة
قال الخبير الاقتصادي ياسين اعليا إنه “من الصعب أن تحقق ميزانية 20 مليار درهم الأولية المخصصة لبرامج التنمية الترابية المندمجة، في مشروع مالية 2026، مجموع أهدافها المعلنة”، مضيفا أن “الزيادة في ميزانية قطاعي الصحة والتعليم رغم أهميتها، لا تكفي لمعالجة الإشكالات البنيوية التي تعانيها هذه القطاعات، لأن المشكل في جوهره هيكلي ويرتبط بـالبنية التحتية والرأسمال البشري، وخصوصًا بـالحكامة في تسيير القطاع العمومي”.
وأوضح اعليا، في حلقة جديدة من برنامج “إيكوتراند“، خصصت لقراءة في مضامين مشروع قانون المالية لسنة 2026، أن هذا الأخير حاول تقديم أجوبة على التساؤلات والاحتجاجات الاجتماعية التي برزت من خلال مظاهرات “جيل Z”، مشيرًا إلى أن قطاعي التعليم والصحة كانا في صلب هذه المقاربة الجديدة.
وأضاف أن المشروع خصص ميزانية إجمالية قدرها 141 مليار درهم للقطاعين، منها 42,3 مليار درهم لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، و97,7 مليار درهم لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إلى جانب إحداث 8000 منصب شغل في قطاع الصحة و19 ألف منصب في قطاع التعليم، غير أن هذه الأرقام، حسب الخبير، تبقى محدودة وغير كافية للاستجابة للحاجيات الفعلية والآنية.
وأشار المتحدث إلى أن الحكومة اعتمدت مقاربة جديدة تتمثل في برامج التنمية الترابية المندمجة، مع إعداد برنامج أولوي وعقود أهداف واضحة وقابلة للقياس، تُحدد العمليات المزمع تنفيذها لتسريع تنزيل هذه البرامج وتحقيق أثرها المباشر، خصوصًا في المناطق القروية الهشة وشبه الحضرية.
وقد تم، بحسب المحلل الاقتصادي، تخصيص غلاف مالي أولي بقيمة 20 مليار درهم لتمويل العمليات ذات الأولوية، التي تستهدف محاربة الهدر المدرسي، وتأهيل المؤسسات التعليمية، وتعزيز النقل والمطاعم المدرسية.
وفي قطاع الصحة، تتجه هذه المقاربة نحو نشر وحدات طبية متنقلة، وتأهيل المراكز الصحية، وتنظيم الحملات الطبية الميدانية.
كما تشمل هذه البرامج، وفق الخبير الاقتصادي، تعزيز التشغيل المحلي، ودعم الإنتاج الوطني والمقاولات الصغرى والصغيرة جدًا، وتأهيل شبكات الربط الكهربائي والماء الصالح للشرب، معتبرًا أن نجاح هذه المبادرات يبقى رهينًا بتحسين الحكامة والفعالية في تنفيذ المشاريع على المستوى الترابي.
وقال اعليا إن أهم القرارات الضريبية في المغرب تم اتخاذها خلال السنوات الماضية، من أبرزها توحيد الضريبة على الشركات في نسبة 20%، وتخفيض الضريبة على الدخل سنة 2025 من خلال رفع سقف الإعفاء إلى 40 ألف درهم سنويًا وخفض النسبة العليا بنقطة واحدة إلى 37%.
وأوضح المتحدث، في تحليله للإجراءات الجبائية الواردة في مشروع قانون المالية لسنة 2026، أن من بين الإجراءات الجديدة التي وسّعت الحكومة نطاقها، هناك الحجز في المنبع الذي أصبح يشمل شركات القروض والتأمينات وكافة الشركات التي يتجاوز رقم معاملاتها 50 مليون درهم.
وأشار إلى أن هذا الحجز يشمل الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الدخل أو الشركات بالنسبة لمداخيل الكراء، بنسبة 5% من المبلغ الخام، مع إمكانية استرجاع الفرق في حالة تجاوز النسبة القيمة القانونية للضريبة.
وأضاف المصدر أنه في مقابل ذلك، تضمن المشروع إعفاءات مهمة للقطاع الرياضي، حيث سيتم إعفاء الشركات الرياضية لمدة خمس سنوات منذ أول عملية بيع، كما سيستفيد الرياضيون والعاملون في المجال الرياضي من إعفاء ضريبي يصل إلى 90% من مجموع مداخيلهم، على أن تنخفض النسبة تدريجيًا بـ10% سنويًا لتصل إلى 60% بحلول سنة 2029.
وفي ما يتعلق بمجال العقار، أوضح اعليا أن الأداءات المالية الخاصة بعمليات الشراء يجب أن تتم بوسائل ذات أثر بنكي عبر الموثقين، لتفادي التعامل بالنقد أو ما يُعرف بـ”النوار”، مشيرًا إلى أن من يخالف هذا الإجراء سيُفرض عليه رسم تسجيل إضافي بنسبة 2%. كما تم تمديد العمل بالضريبة التضامنية الاجتماعية المفروضة على الشركات والأشخاص الذين تتجاوز مداخيلهم مليون درهم سنويًا.
أما بخصوص الإجراءات الموجهة للمستهلكين، فأشار اعليا إلى أنه تم رفع الرسوم الجمركية على الغسالات والمبردات المستوردة من 2,5% و10% إلى 17,5% على التوالي، في خطوة تهدف إلى تشجيع الإنتاج المحلي.
وفيما يتعلق بـصندوق المقاصة، أكد الخبير أن الحكومة ستواصل دعم الغاز والسكر والقمح اللين، مشيرًا إلى أن تقرير وزارة المالية أفاد بأنه إلى غاية غشت 2025 بلغ دعم قنينة الغاز من فئة 12 كلغ حوالي 53 درهمًا، ودُعم كل كيلوغرام من السكر بـ3,64 درهم، فيما بلغ دعم القمح اللين 880 مليون درهم، و88 مليون درهم لدعم الأسعار في الأقاليم الجنوبية بين يناير وغشت 2025.
وخلص اعليا إلى أن ميزانية دعم المواد الثلاث خلال سنة 2026 ستصل إلى 13,77 مليار درهم، لافتًا إلى أن المشروع لم يُشر إلى مصير برنامج إصلاح صندوق المقاصة، الذي كان قد انطلق في سنة 2024 بزيادة تدريجية في سعر قنينات الغاز بـ10 دراهم قبل أن يتوقف لاحقًا.
لمشاهدة الحلقة كاملة، يرجى الضغط على الرابط