story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

أيّوبنا الكَعبي!

ص ص

أيوب الكعبي الذي تألق مع ناديه اليوناني العريق أولمبياكوس في الدور نصف النهائي لكأس المؤتمر الأوربي أمام النادي الإنجليزي الشهير أسطون فيلا، بتسجيله لخمسة أهداف ذهابا وإيابا في مرمى أحسن حارس في العالم الأرجنتيني إيميليانو مارتينيز.. قصة مساره الكروي وتفاصيل تنقلاته بين الأندية وصبره واجتهاده وسقوطه ونهوضه في كثير من فترات حياته، ومعاناته من التهميش وحتى “الحݣرة”، تستحق أن تروى بكثير من التمعن.

الشاب الخجول الذي خرج من أحد أحياء الدار البيضاء ليجرب حظه في عالم كرة القدم داخل منظومة معطوبة يشوبها الكثير من الهواية و”القصارة”، انطلق في الثامنة عشر من عمره من أحد فرق القسم الثالث ثم إلى الفريق الأوّل لنادي الراسينغ البيضاوي. حيث كانت بدايات مع هذا النادي وكان موقع لعبه ظهير أيسر، والتحق بالفريق الأوّل وغيّر مركزه من ظهير إلى وسط ميدان دفاعي، وبعد ذلك استقر في مركز الهجوم. وكان له الفضل في صعود نادي الراسينغ البيضاوي إلى القسم الوطني الأول.

انتقل بعدها إلى نهضة بركان، ثم رحل إلى شرق آسيا ليلعب في نادي هيبي شينا، وعاد بعدها إلى المغرب ليوقع للوداد، ثم رحل مجددا إلى نادي هاتاي سبور التركي، ثم حزم حقائبه مجددا إلى قطر ليحط الرحال بنادي السد، ثم غير الوجهة إلى أوربا ليلعب في نادي أولمبياكوس اليوناني ليعيش حاليا أزهى فترات مشواره الكروي، ويصبح في سن الثلاثين نجمه الأول ويحتل صدارة الهدافين في مسابقة كأس المؤتمر الأوربي.

مسار الولد الخلوق أيوب الكعبي وما يصنعه حاليا من إبهار داخل ناديه، يدعونا مجددا إلى خلاصة طالما توصلنا إليها مع فلتات كروية قبله خرجت من المغرب ومن أوساط كروية تعيش “التخربيق” بكل أشكاله في التكوين والتدبير والعقلية الهاوية، لتتحدى كل هذه العوائق والإكراهات وتشق طريقها بعزيمة فولاذية لتصنع لها مكانا بين الكبار في أعلى مستويات كرة القدم.

فرغم كل ما يشوب منظومتنا الكروية من أعطاب، لازالت تخرج منها الكفاءات الرياضية بعصامية ناذرة، وتفسير ذلك أننا بلد معطاء للمواهب، ومدننا وقرانا تعج بالواعدين الذين يمكن لهم أن يكونوا مثل أيوب الكعبي ويوسف النصيري ونايف أكرد وياسين بونو وعز الدين أوناحي وعبد الكبير عبقار الذين بدؤوا باللعب في التراب و”التكرفيص” لكنهم وصلوا إلى الإنتماء إلى أعلى مستويات كرة القدم العالمية.. فقط الأمر يحتاج إلى سياسة فعالة واحترافية في التكوين، قوامها عدم إفلات أي موهبة مهما كانت هامشية بيئتها، ولنا في بلدان أمريكا اللاتينية نموذجا في ذلك، حيث أصبحت مواهب كرة القدم صناعة وطنية مثل باقي الصناعات الموجهة للتصدير، وتساهم في إنعاش صناديق الدولة بالعملة الصعبة التي مصدرها صفقات انتقال اللاعبين الواعدين إلى الأندية العالمية الغنية.

أتصور أن أيوب الكعبي برازيلي الجنسية، ولم يضيع كل هذه الإثنى عشر سنة في التجول بين الأندية محاولا إثبات نفسه كقلب هجوم ناذر، وخرج من المغرب إلى أوربا في سن 18 إلى أي ناد أوربي.. أراهن أنه كان سيكون الآن واحدا من أبرز الهدافين في تاريخ كرة القدم العالمية.